إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى (قصة قصيرة)
إعداد: إبراهيم الخطيب
في إحدى زوايا مكتبة الجامعة، جلس إبراهيم منهمكًا خلف شاشة حاسوبه المحمول، تتقافز أمامه أسطر الأكواد، كأنها رموز لُغز عميق ينتظر من يفكه.
كان يدرس الأمن السيبراني، وقد أدرك منذ السنة الأولى أن هذا المجال لا يحمي البيانات فحسب، بل يحرس الأرواح من التلاعب، ويصون المجتمعات من اختراقات خفية لا تقل خطرًا عن السيوف.
إبراهيم لم يكن طالبًا عاديًا. كان ذا قلبٍ يقظ، يُحب العلم كما يُحب الصدق. لم يكن يرضى أن يُنجز مشروعًا جامعيًا لمجرد أن ينال علامة، بل كان يسأل نفسه دومًا: "لمن أعمل؟ ما غايتي من هذا السعي؟"
وذات مساء، بينما كان يُنجز اختبارًا تقنيًا عبر الشبكة، تلقى رسالة من زميل له في الصف، يعرض عليه ملفًا يحتوي على "حلول جاهزة" لاجتياز الاختبار عن بُعد دون عناء. تردد إبراهيم، ثم نظر إلى الشاشة، فشعر وكأنها تعكس وجهه لا سطوره. همس في قلبه:
"إنما الأعمال بالنيات... وإنما لكل امرئ ما نوى..."
ثم أغلق الرسالة، وأكمل اختباره وحده، غير آبه بالنتيجة، مطمئنًا أن نيته كانت لله، وأن ما يسعى إليه ليس نجاحًا مؤقتًا، بل نقاءً دائمًا.
في اليوم التالي، حضر إلى صف "أخلاقيات الأمن الرقمي"، ففتح الدكتور حسان النقاش موضوع الغش والتلاعب في المجال السيبراني، وقال:
"قد لا يرى أحدٌ ما تفعل خلف الشاشات، ولكن الله يراك. النية هنا، هي أعظم حماية، وهي الجدار الذي يقيك السقوط."
ثم استشهد بالحديث:
"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى."
عندها، شعر إبراهيم أن الحديث لم يكن مجرد نص نبوي، بل خريطة تُرشد السائر في دروب الحياة الحديثة.
ومنذ ذلك اليوم، صار لا يُبرمج نظامًا، ولا يُراقب شبكة، إلا ويسأل نفسه أولًا: "هل أنا أمين؟ هل قصدي الحق؟ هل نيتي لله؟"