صيدا سيتي

خالد الكردي: ذكريات الطفولة

صيداويات - السبت 17 شباط 2024 - [ عدد المشاهدة: 2746 ]
X
الإرسال لصديق:
إسم المُرسِل:

بريد المُرسَل إليه:


reload
خالد الكردي: ذكريات الطفولة

بقلم الدكتور خالد الكردي

ولدت سنة 1962  في مدينة صيدا في أسرة متواضعة من الطبقة الوسطى، والدي ممدوح الكردي مدرس رياضة، صيداوي حتى الرمق الأخير، ووالدتي طرابلسية ومدرسة لغة فرنسية.

 ربطت بين جديي علاقة عريقة، كونهما كانا يخدمان معاً في سلك قوى الامن، وقد اخبرتنا جدتي لأمي ، انها قد كانت (متآخية ) مع جدي لأبي -برباط الدم-(وهو عُرف متعارف عليه  قديماً، حيث كان يقوم شخصان بشق ايديهما بخنجر ويضعان يدًا فوق يد ليختلط دمهما فيكرسا أخويتهما).

نشأت وترعرعت في أسرة مؤلفة من أبي وأمي وجدتي لأبي (ليلى وهبي ) وأختها الخالة زهرة التي لم تتزوج فكانت تعيش معنا، وثلاث أخوات بنات، وأنا الوحيد بينهن. ورغم ذلك  لم تكن معاملة أهلي لي معاملة مميزة عن أخواتي البنات، فكلنا سواسية.

عشت طفولتي في مدينة صيدا القديمة، التي أكسبتني حب مدينتي وأهلها الطيبين، هذه المدينة القرية الكبيرة، حيث كل عائلاتها تربطها صلات القرابة والصداقة والمحبة لبعضها البعض.

فكان الحي الذي كنا نسكنه (حي الشارع)، نموذجًا للعيش الوطني المشترك، تجمعنا المحبة والجيرة الحسنة الطيبة.

تلقيت تعليمي الابتدائي والمتوسط  لغاية سنة 1975 في مدارس الإخوة المريميين (الفرير) في الرميلة.

كان برنامجي اليومي الاستيقاظ باكرا والاستعداد للذهاب للمدرسة، حيث انتظر قدوم الباص في شارع الشاكرية، وكانت رحلتي الصباحية تبدأ بخروجي من بيتنا في حي الشارع (قرب فرن محجوب) مروراً  ببيت النمور ونشم رائحة الكاتو الفائحة من  محل الكاتو (أبو جورج)، وصولاً الى محل خضار الميسي، الى أبو وليد الزين الى العم أبو حسن بديع... الى النقوزي. وعندما يكون الطقس ماطراً، كنت انتظر وصول الباص في مكتبة العم حسن نحولي.

كنت أشعر بتلك العلاقة الحميمة ومحبة الناس لأبي الذين دائما كانوا يحملوني سلامهم لأبي قائلين: "سلملنا على الأستاذ ممدوح".

كانت محطة الباص لثوان معدودة أمام حلويات القصير، حيث نصعد الباص مع زملاء لنا، أذكر منهم الصديق المحامي الأستاذ أحمد سكاكيني زميل مقعد الدراسة، فكانت رحلة العودة الى البيت أكثر متعة من الذهاب الى المدرسة، حيث كنا نصل الى البيت بعد الساعة الرابعة مساء ليبدأ (مسلسل العذاب) الدرس وكتابة الفروض.

كنت انتظر بفارغ الصبر اجتماع العائلة مساء خلف شاشة التلفاز الأسود والأبيض  لنشاهد ابو سليم وابو ملحم وعند الساعة التاسعة الكل يجب أن يكون في الفراش.

بيتنا كان بالطابق الأول نصعد له من درج مستقل للبناء إلى الطابق الأول حيث كان المطبخ بغرفة منعزلة، والبيت مكون من صالة كبيرة فُصلت بعازل لتصبح غرفة لنوم أخواتي البنات وغرفة لوالديي، وغرفة أنام فيها أنا وجدتي والخالة زهرة. كنت أشعر بالحميمية في هذا المنزل المتواضع، وقد ربطتني بجدتي علاقة حميمة جداً، فكانت الدرع والملاذ الآمن لي عند الشدائد أو للهروب من عقاب الوالدين.

وأذكر أيضاً على السطوح كان يوجد غرفة صغيرة مع حمام ومطبخ صغير كانت جدتي تقوم بتأجيرها لطلاب من خارج صيدا يتلقون العلم في مدارس المدينة، وآخر مسـتأجر فيها كان "العم سعيد وزوجته فيوليت" وبقيا ساكنين فيها معنا الى بداية الحرب الأهلية، حيث نقلنا سكننا الى الهلالية، فتركا الغرفة وانتقلا الى حي الاسكندراني.

كانت الحياة بسيطة وطيبة والمحبة تعم المجتمع. كان جيراننا في الحي بيت القاضي، والممرضة الوحيدة في  صيدا التي كانت تتقن (ضرب الأبر ) أميرة سمورة، وبيت ناصر وبيت أبو محمد الرويساتي، وبيت نمور وبيت النقيب والقبرصلي، فكنا نشعر أننا عائلة واحدة.

تأثرت جداً بشخصية والدي أستاذ الرياضة والقائد الكشفي، تعلمت منه النظام والانضباط، وقد  كان النظام الكشفي مطبق في بيتنا، حيث كان نظام المخيمات متبعا لدينا، على سبيل المثال التفتيش اليومي المتبع في المخيمات كان مطبقا في بيتنا، وكانت اللجنة مؤلفة من أبي وأمي جدتي والخالة زهرة وفي حال كان لدينا زائر من أصدقاء أبي  كان ينضم للجنة.

التفتيش يبدأ من خزانة الثياب .. هل هي مرتبة؟... وأدراج الخزانة هي ايضاً مرتبة؟ الأحذية هل هي موضوعة في مكانها؟ ثم الانتقال الى الكتب والدفاتر.. هل هي مغلفة (مجلدة) ومرتبة؟ وهذه الجولة تبدأ من غرفتي ثم تنتقل اللجنة الى غرفة أخواتي البنات مع وضع علامات والذي ينال أعلى علامة ينال جائزة وتنويه اللجنة.. (لم يكن ناقصًا عن نظام المخيمات سوى عملية رفع العلم).

وفي الصباح يبدأ نهارنا بالرياضة الصباحية قبل الذهاب للمدرسة، انا اذهب الى مدرستي بالباص واخواتي يذهبن مع والدي بسيارته (السيمكا) الى مدرسة راهبات مار يوسف الظهور حيث كان أبي مُدرس الرياضة فيها.

أما أيام العطلة فبعد الانتهاء من الدروس كنت اذهب لزيارة خال والدي عبد الباقي وهبي في دكانه الذي كان في طلعة القلعة البرية، أو اذهب  لزيارة خال ابي الخياط مصطفى وهبي الذي كان بقرب القشلة بجانب محل والد المرحوم الدكتور جودت الددا (لتصليح بوابير الكاز)، وفي وسط المحل كانت معلقة صورة للرئيس جمال عبد الناصر، فكنت استمتع جدا بأحاديثه مع ضيوفه وكنت افرح عندما أجد الشهيد معروف سعد يزوره، فهذه البيئة الوطنية والقومية تأثرت بها كثيراً فكانت المدماك الأول في بناء شخصيتي وقناعاتي.

خاص موقع صيدا سيتي

Posted by ‎صيدا سيتي Saida City‎ on Saturday, February 17, 2024
الرجاء الضغط على لوغو الفايسبوك لمشاهدة جميع الصور أعلاه

 
design رئيس التحرير: إبراهيم الخطيب 9613988416
تطوير و برمجة:: شركة التكنولوجيا المفتوحة
مشاهدات الزوار 989018680
لموقع لا يتبنى بالضرورة وجهات النظر الواردة فيه. من حق الزائر الكريم أن ينقل عن موقعنا ما يريد معزواً إليه. موقع صيداويات © 2024 جميع الحقوق محفوظة