أزمة الكهرباء تتفاقم: المولّدات ترفع الأسعار وتقلّص التغذية
سريعاً رفعت الحرب الروسية على أوكرانيا فاتورة مولدات الكهرباء الخاصّة في لبنان بحدود راوحت بين 30 و40% بحسب تسعيرة يتحكّم بها كل صاحب مولد. ومن لم يرفع أسعاره إلى هذا الحد لجأ إلى خفض عدد ساعات التغذية بمعدّل 4 ساعات عما كان يؤمّنه سابقاً، فيما جزء لا يستهان به اعتمد الخطوتين معاً للتقليل من «الخسائر» الناجمة عن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالمياً.
خلال 20 يوماً من العمليات العسكرية في أوكرانيا، ارتفع سعر طن المازوت من 620 دولاراً إلى 840 دولاراً، فـ1400، ليستقرّ أمس على 1250 دولاراً. محلياً زادت كلفة المازوت على قطاع أصحاب المولدات نحو 30% بحسب رئيس تجمّع أصحاب المولدات عبده سعادة، مشيراً لـ«الأخبار» إلى أن «5 أيامٍ تفصلنا عن انطفاء مناطق بأكملها، وحصر تشغيل المولدات في مناطق أخرى بساعات الليل فقط، خصوصاً أن جباية الفواتير في نهاية شباط انخفضت 30% بعدما تخلّى جزء من المشتركين عن خدمة المولد وخفّض عدد آخر عدد الأمبيرات، وباتت الجباية بالكاد تكفي تأمين المازوت لغاية منتصف الشهر». وأكّد أن بعض مالكي المولدات «حسموا أمرهم بعدم القدرة على الاستمرار ويفكرون جدياً ببيعها أو التوقف عن العمل إلى حين تبيان مسار تطورات الحرب والمدى الذي سيبلغه سعر النفط عالمياً وسعر دولار السوق السوداء داخلياً».
مع اشتداد الانهيار وبلوغ التقنين ذروته، تؤمّن شركة «كهرباء لبنان» الطاقة لساعتين في اليوم، وتوفّر المولدات الخاصة التغذية بين 12 و14 ساعة، أي ما مجموعه 14 إلى 16 ساعة تغذية. مع تقليص أصحاب المولدات لساعات التشغيل إلى 8 أو 10 كحد أقصى ستنخفض ساعات التغذية بالمجمل إلى ما بين 10 أو 12 في الـ24 ساعة، في مقابل تضاعف الفاتورة الآخذة بالزيادة منذ بدء الأزمة الاقتصادية، ومن ثم رفع الدعم عن المحروقات قبل أشهر، لتبلغ ذروتها في مطلع هذا الشهر.
وإذا كانت فترات الانهيار وانحلال مؤسسات الدولة تشهد ازدياد الفوضى، يمكن تخيّل مداها في قطاعٍ لطالما حكمته الفوضى ومزاجية أصحاب المولدات، على اعتبار أنّهم بديل فرضته الحاجة وفساد السلطة العاجزة عن تأمين الطاقة. وقد أتت الحرب الروسية - الأوكرانية لتشكّل عاملاً إضافياً يمكن أن يستغلّه العاملون في القطاع من شركات وتجار توزيع المحروقات إلى بعض أصحاب المولدات، كمن يسعّر فاتورة الـ5 أمبير في منطقة الليلكي بأربعة ملايين ليرة، في الوقت نفسه الذي تصل قيمتها في مناطق أخرى إلى مليونين و700 ألف ليرة، أو كـ«تجار وشركات التوزيع التي تبيع طن المازوت بسعر يتخطّى تسعيرة وزارة الطاقة بـ150 دولاراً» وفق سعادة.
الارتفاع الهائل لأسعار النفط عالمياً ليس المؤثّر الأوحد على أسعار المحروقات محلياً. فبعد رفع الدعم عن المحروقات وتغيير طريقة احتساب أسعاره من قبل وزارة الطاقة، باتت أي زيادة في سعر دولار السوق السوداء مقابل الليرة تنعكس زيادة في الأسعار. يقول سعادة: «في السابق كان أصحاب المولدات يؤمنون المازوت من السوق السوداء معظم الأحيان وفق أسعارٍ بالليرة. اليوم بات المازوت مسعراً بالدولار وغير موجود». وطالما أن دولار السوق الموازية عاود ارتفاعه في الأيام الأربعة الأخيرة (من 20 إلى 23 ألفاً) ستزداد كلفة الاستيراد وبالتالي أسعار المازوت في السوق المحلية لتتأثّر بها مباشرةً فاتورة المولدات الخاصة كما كلفة التدفئة وتشغيل معظم القطاعات في ظل غياب كهرباء الدولة.
حال ساكني المباني المزوّدة بمولدات خاصّة ليس أفضل. يقول مسؤول لجنة أحد المباني: «تقاضينا من السكان 65 دولاراً مقابل الـ5 أمبير في الأسبوع الأخير من شباط مع وصول سعر طن المازوت إلى 750 دولاراً. مع نهاية الأسبوع الأول من آذار وبلوغ السعر مستوى الـ1200 دولار للطن سنرفع الفاتورة إلى 80 دولاراً لكل 5 أمبير، وبالكاد نؤمّن تكاليف شراء ما يلزمنا من مازوت. لكن ومع معاودة تغيّر سعر الدولار في السوق الحرة مقابل الليرة بتنا في حيرة من أمرنا حول كيفية الاستيفاء. هل نثبّت السعر بالدولار أم بالليرة!».
التقنين يطاول أيضاً سكان هذه المباني، إذ يُعتَبَر أحد المخارج للتخفيف من الأعباء المادية، فضلاً عن أن عدم توافر المادة في السوق ينعكس تلقائياً تخفيضاً للاستهلاك لتطويل مدة استخدام المخزون.
المصدر | ندى أيوب - الأخبار
الرابط | https://tinyurl.com/yc52e5bw