الشهاب في الرابطة الإسلامية: يا إخوة العرب (التسامح حظٌ من الكمال)!!
إن للمسلمين في الأمة شدّة في دينهم، وقوّة في إيمانهم، وثباتاً على يقينهم، يباهون بها من عاداهم، و إن في عقيدتهم أوثق الأسباب لإرتباط بعضهم ببعض... ومما رسخ في نفوسهم أنّه لو سمع أحدهم في أي بقعة من بقاع الأرض (بلد) قد أصابه كما أصاب المسلمين في لبنان رأيت من يصل إليه هذا الخبر في تحرق وتأسف لا يتمالك قلبه من الإضطراب، ودمه من الغليان، ويستفزه الغضب؟
المسلمون بحكم شريعتهم ونصوصها الصريحة مطالبون عند الله بالمحافظة على ما يحصل في ضلوع أمتهم وحكمهم مأمور بذلك لا فرق بين قريبهم وبعيدهم ولا بين المتحدين في الجنس ولا المختلفين فيه وهو فرض عين على كل واحد منهم إن لم يقم الدفع عن حوزتهم كان على الجمع أعظم الآثام.. ومن فروضهم سبيل المساعدة، و حفظ شمل الأمة! و بذل الأموال!
المسلمون القوام على الدوام يحس كل واحد منهم بهاتف يهتف من بين جنبيه يذكره بما تطالبه الشريعة وما يفرض عليه الإيمان وهو هاتف الحق الذي يقي له من الهامات مسيرته ولكن وأسفاه مما نراه بأهل هذا الدين في هذه الأيام وهم في غفلة عمَّا يلَّم بإخوانهم اللبنانيين ولا يألون لما يألمون له في لبنان الآن؟ (الجوع، والفقر، والإفلاس، و اللامسؤولية) يضرب الشعب اللبناني على تنوع طوائفه في (العيش اللبناني المشترك) ولا نرى نجدة في نفوس إخوانهم؟
المسلمون يتمسكون بالعقائد وهي قدوة وحدتهم و إحساسهم بداعية للرفق مع (حالتهم التي هم عليها) ما يوشك أن ينطق بهم الدمع الحبيس؟ و الإخوة العرب – هم - مآل نسب لهم وقرابة ما تبعث عليها الحاجات من تعاون على نبل النافع والتضافر على دفع المضار لعون القريب وغضاضة للقلب لما يصيبه من ضيم ونكبة في مجرى الوجدانيات كالأحاسيس بالضيق و الحرمان و رابطة النسب وهي أقوى رابطة في الاجتماع الإنساني من حيث إرتباط الأخوة في صلة الرحم داعين الجميع إلى إحياء هذه الصلة بأن يجعلوا معاقدها في مساجدهم حتى يكون كل مسجد مهبط لروح حياة الوحدة و يصير كل مسلم فيها كحلقة في سلسلة واحدة إذا اهتز أحد أطرافها اضطرب لهزته الطرف الآخر! حيث يرشدهم – بذلك - التنزيل وصحيح الأثر و على أن يجمعوا أطراف الوشائج الى معقد واحد يكون مركزه في الأقطار المقدسة وأشرفها في بيت الله الحرام! حتى يتمكنون بذلك من أشد أزرهم وحفظه من قوارع العيون والقيام بحاجات الأمة إذا عرض حادث خلل؟.
و إنّا نأسف غاية الأسف اذا لم تتوجه خواطر العلماء والعقلاء من المسلمين الى هذه الوسيلة وهي أقرب الوسائل ورجاؤنا من ملوك المسلمين وعلمائهم من أهل الحميّة والحق أن يؤيدوا هذه الفكرة في التآلف ولا يتوانوا فيما يوحد جمعهم ويجمع شتيتهم.
فقد دارستهم التجارب ببيان لا مزيد عليه وما هو بالعسير عليهم أن يتواصلوا الى من يبعد عنهم ويصافحوا بالأكف كل منهم و مهما كانت الأسباب ويتعرفوا أحوال بعضهم فيما يعود على الأمّة بالرفعة حتى تكون القلوب فائضة بمحبة البلاد طافحة بالمرحمة و الشفقة.
اللبنانيون (اليوم) و قد ضربت الحمية في نفوسهم آخذة بطابعهم يجدون الإعتذار في أنفسهم منبهاً على ما يجب عليهم و زاجراً عمّا لا يليق بهم و غضاضة و ألماً موجعاً عندما يمس الآخرين ضرر؟
اللبنانيون – عقلاً – أباة أصفياء تهمهم سمعتهم كما تهمهم ضرورات حياتهم ليحفظوا لها المنزلة التي تليق بها بل يحملوها على أجنحة السياسة القويمة إلى أسمى مكانة تمكن لها.. في الإعتذار! و بهذه الخلال اللبنانيون هم المنعة الواقية و القوة الغالبة.
فيا اخوة العرب التسامح حظ من الكمال!
المصدر | بقلم المربي الأستاذ منح شهاب - صيدا