تونسي يجمع تراث فلسطين في مخيم عين الحلوة قرب مدينة صيدا اللبنانية
غادر أحمد بن حريز بلاده تونس عام 1974 للمشاركة في نصرة القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب المركزية كما قال لـ«القدس العربي». وعام 2000 افتتح بن حريز المركز الفلسطيني للتراث والثقافة، في الشارع التحتاني داخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة صيدا جنوب العاصمة بيروت، وبدأ بجمع القطع التراثية والنقود الفلسطينية القديمة واللوحات التشكيلية والملابس الفولكلورية، والأعمال الخشبية والمعدنية اليدوية، وأدوات نحاسية من ما حملها اللاجئون الفلسطينيون من بلادهم بعد نكبة 1948.
لاجئون فلسطينيون في لبنان وسوريا، قدموا للمركز الفلسطيني الكثير من القطع النادرة، وأقامت الصبايا ورش الخياطة والتطريز والحياكة وتم عرض الصناعات اليدوية والثوب التراثي الفلسطيني والعبايات في الصالة التي غصت بالتحف والقطع النادرة.
ويعتبر المركز الفلسطيني للتراث والثقافة واحدا من أهم المعارض التراثية الفلسطينية في لبنان، لما يحتويه من تراثيات ومجسمات وأشغال وصناعات يدوية تروي حضارة شعب فلسطين وتاريخ قضيته الوطنية.
تتوزع محتويات المعرض داخل قاعة واسعة استوعبت آلاف القطع المختلفة بشكلها وتاريخها ودلالاتها، على الرفوف والجدران، منها القديم ومنها الزجاجيات والصناعات اليدوية والحرفية، وقرب المدخل يعرض بن حريز الفخاريات ومجسمات المدن الفلسطينية، وإلى جانبها أدوات نحاسية ومعدنية.
صور ولوحات وعبارات ورايات وصور الشهداء تتوزع على الجدران تجعل الزائر يشعر بحالة دهشة، يعمل بن حريز طوال النهار على ترتيبها والمحافظة على نظافتها.
«القدس العربي» جالت على أقسام قاعة العرض في المركز الفلسطيني للتراث والثقافة، وسألت أحمد بن حريز:
○ كيف بدأت بجمع كل هذه التراثيات والصناعات اليدوية؟
•أطلقت هذه المبادرة عام 2000 لقناعتي بأهمية التراث والفولكلور والتاريخ في مسيرة النضال الوطني في مرحلة التحرير في مواجهة احتلال استيطاني، واعتبر النضال في ميدان التأكيد على التراث والفولكلور هاما في ظل المحاولات الإسرائيلية لسرقة التراث والتاريخ وتشويه معالمه، وكان لابد من العمل في ميدان الثقافة والتراث والفولكلور، للتأكيد على أن هذا التاريخ خاص بشعب وأرض فلسطين.
○ ولكن كيف جمعت كل هذه القطع؟
•الحقيقة بذلت جهودا كبيرة ومستمرة، فالعدد الكبير من اللاجئين في سوريا ولبنان ما زالوا يحتفظون بالكثير من القطع النقدية من العملة الفلسطينية وأوراقهم الثبوتية وسندات ملكية الأراضي والمنازل والصور، إلى جانب المفاتيح وأوراق الولادة، والهويات، قدمت لنا لعرضها في المركز وإطلاع الزائر والمهتم بتاريخ القضية الفلسطينية وجذورها من خلال التراث، هذا إلى جانب أنني تعاونت مع فتيات ومؤسسات في لبنان وسوريا من أجل تصنيع الخشبيات والتطريز والرسم والأعمال الحرفية واليدوية التي نقوم ببيعها.
○ ما هي أبرز العراقيل والعقبات التي تتعرض لها خلال عملك؟
•هناك الكثير من العقبات التي تعرضت لها منذ انطلقت بهذه المبادرة، أبرزها الوضع الأمني المتوتر والاشتباكات المسلحة إلى جانب السلاح المتفلت الذي كان وما زال يشهده مخيم عين الحلوة، هذا سبب أساسي، لأنه يجبرنا على الإقفال، ويساهم في تعميم حالة الخوف والقلق، إلى جانب أنه يمنع زيارة المهتمين والمتخصصين بهذا القطاع من دخول المخيم.
إضافة إلى تفاقم الفقر والعوز والظروف المعيشية الصعبة التي يتعرض لها اللاجئ الفلسطيني في لبنان تجعل شراء هذه القطع أمرا صعبا.
وما زاد الطين بلة، الانهيار المالي والاقتصادي الذي يتعرض له لبنان منذ أكثر من ثلاث سنوات وأدى إلى تراجع سوق التراثيات والصناعات اليدوية والحرفية والمطرزات باعتبارها من الكماليات.
○ من يشتري هذه القطع؟
•بعض هذه القطع ليست معروضة للبيع بل فقط للعرض والاطلاع، أما الحرفيات والمطرزات والصناعات اليدوية فإن معظم الزبائن من المغتربين، الذين يترددون إلى لبنان ويقومون بزيارة المعرض وشراء بعض القطع.
وأحيانا يطلب هذا المغترب أو ذاك من أوروبا وأمريكا وأستراليا، من أهله شراء بعض القطع التراثية والفولكلورية واللوحات وغيرها وإرسالها له، ليزين بيته أو يقدمها لأصدقائه الأجانب في البلد التي يعيش فيها.
○ هل نجحت في تحقيق الهدف الذي من أجله جمعت هذه القطع التراثية؟
•أعتقد نعم نجحت في ذلك، وكان النجاح واضحا من خلال أعداد الزائرين، ودرجة التعاون العالية من الأهالي في المخيمات ومساعدتهم لي وتقديمهم للمعرض الكثير من هذه القطع لعرضها.
وكان النجاح واضحا من خلال حجم المشتريات حتى أن اللاجئين في بلاد الاغتراب يطلبون أن أرسل لهم قطعا تراثية وفولكلورية.
لذلك يمكن القول إنني حققت هدفي الأول وهو أن يكون المعرض ميدانا للمشاركة في نضال الشعب الفلسطيني المشروع، والثاني أنني تمكنت من تسليط الضوء على القضية الفلسطينية من ميدان التراث والثقافة.
○ هل شاركت في معارض تراثية في لبنان أو الخارج؟
•نعم شاركت في العديد من المعارض التراثية والفولكلورية في لبنان والخارج، وكان هدف المشاركة هو عرض القطع التراثية والفولكلورية الفلسطينية وبيع الحرفيات والصناعات اليدوية والأثواب المطرزة.
وأحيانا كانت المؤسسات والجمعيات الفلسطينية تقيم المعارض داخل المخيمات وفي مدارس الأونروا أيضا كنا نشارك في هذه المعارض وكنا نتلقى الدعم والتشجيع.
○ ألا توجد منافسات بين الجمعيات والمؤسسات التراثية الفلسطينية تعرقل العمل؟
•هناك العديد، بل الكثير من الجمعيات والورش والمؤسسات المعنية بالتراث والفولكلور الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها، وهناك جمعيات لبنانية تهتم بالتراث الفلسطيني، لكن أستطيع القول ليست هناك خلافات حادة ولا منافسات غير عادية بينها، بل هناك مجالات واسعة للتعاون والمشاركة في المعارض جنبا إلى جنب، بالإضافة إلى الأعمال المشتركة.
○ ألا يوجد تعاون بينكم وبين الفصائل الفلسطينية في هذا الميدان داخل المخيمات؟
• إن كان هناك تعاون مع الفصائل الفلسطينية فهو مع المؤسسات التراثية وورش التطريز والصناعات اليدوية التابعة لها، لكن لا يوجد أي تعاون مباشر مع الفصائل، وأيضا لا تضع الفصائل أي عقبات أمام عملنا.
المصدر| عبد معروف - القدس العربي
الرابط| https://tinyurl.com/yc3xhwwh