إستعراضات السيارات والدراجات النارية على الطرقات العامة: متى يتوقف الموت المجاني؟
في ظل الواقع المزري الّذي تمر به البلاد، قد يكون من الغريب أن هناك من لا يزال يبحث عن الموت المجاني، مغامراً بحياته وبحياة الآخرين للحصول على "المتعة". هذا الأمر ينطبق على أفراد أو مجموعات من الشبان تبحث عن هذه "المتعة" من خلال قيادة السيارات أو الدراجات النارية بطريقة "جنونية"، غير مهتمة بالتداعيات التي قد تنجم عن ذلك، خصوصاً في ظل الدولة الغائبة عن السمع.
قبل أيام، سجلت كارثة في منطقة ضبية بسبب "هوس" مجموعة من الشبان بهذه "المتعة"، الأمر الذي دفع ثمنه شاب آخر كان في المنطقة، اصطدمت به سيارة هؤلاء الشبان الذين كانوا يصورون "مغامرتهم"، بالرغم من أن الجميع يعلم أن هذه المنطقة يقصدها مواطنون من أجل ممارسة رياضة المشي.
لدى سؤال بعض محبي هذه "الاستعراضات" عن الأسباب التي تدفعهم إلى ذلك، الأغلبية تتحدث عن "المتعة" التي يشعرون بها، لا سيما عند القيادة بسرعة جنونية، خصوصاً عندما يعمدون إلى تصوير ما يقومون به من أجل التباهي على مواقع التواصل الإجتماعي. بينما هناك من يعيش حالة "حب" مع سيارته أو دراجته النارية، من خلال بعض التعبير التي يستخدمها عند الحديث عنها.
حول هذا الموضوع، تلفت مصادر متابعة لملف السلامة المرورية، عبر "النشرة"، إلى وجود الكثير من النقاط التي ينبغي معالجتها، أبرزها الطرقات التي لم تعد صالحة لسير المركبات، بالإضافة إلى عدم تطبيق المعاينة الميكانيكية بشكل سليم، حيث أن المواطنين باتوا يلجأون إلى "استئجار" قطع غيار للحصول على إفادة بأن سياراتهم صالحة للسير، من دون تجاهل الكلفة الباهظة لهذه القطع التي تمنع الكثيرين من القيام بالصيانة الدورية.
وترى هذه المصادر أن كل هذه العوامل، بالإضافة إلى عدم تطبيق القانون بالشكل المطلوب، تؤدي إلى الكارثة التي يدركها كل من يقود مركبة في لبنان، حيث تغيب السياسات الواضحة عن هذا الملف، بالرغم من وجود الكثير من الخطط التي وضعت في السنوات الماضية، وتضيف: "إهمال الدولة يبدأ من الحفر الموجودة على أغلب الطرقات الرئيسية، بالرغم من أن عمر بعضها تخطى السنوات، التي تعتبر سبباً أساسياً لإزدحام السير والحوادث".
من وجهة نظر المصادر المتابعة لملف السلامة المرورية، المشكلة أكبر من تطبيق القانون على المخالفين، حيث تلفت إلى أنها مشكلة ثقافة عامة، تبدأ من العائلة ولا تنتهي عند المدرسة، حيث المطلوب أن يكون هناك تربية على ثقافة الإلتزام بالقوانين، بدل الإستمرار في ثقافة القوة، التي تجعل المواطن يفكر بأن حصوله على حقه لا يمكن أن يكون إلا بالقوة، الأمر الذي ينعكس على سلوكيات القيادة.
وتعطي هذه المصادر مثالاً على ذلك ما يحصل عندما تتواجه سيارتين في طريق فرعي، يرفض أحد السائقين إفساح الطريق أمام الآخر، لتشير إلى أن هناك من يعتبر ذلك تنازلاً لا يمكن أن يقوم به، الأمر الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى تطور الخلاف إلى تضارب في الأيدي أو إطلاق نار، وتضيف: "التوعية على هذه الأمور لا يجب أن تكون مرحلية، كما حصل في السنوات الماضية عند إقرار قانون السير، بل يجب أن تكون جزءاً من ثقافة المجتمع".
في المحصلة، هذا الموضوع ينبغي أن يقود إلى إدارك هؤلاء الشبان أن السيارة أو الدراجة النارية هي وسيلة نقل لا وسيلة قتل قبل أي أمر آخر، لتنتقل المسؤولية بعد ذلك، في ظل غياب الدولة، إلى الأهل، الذين من المفترض أن يكونوا حريصين على سلامة أبنائهم، لتوعيتهم على التهديد الذي يشكلونه على حياتهم وحياة الآخرين.
تجدر الإشارة إلى أنّ لبنان سجل، في العام 2021، ما يقارب 371 قتيلاً و3841 جريحاً بسبب حوادث السير، بينما سجل في العام 2020 نحو 410 قتلى و4174 جريحاً. والمرجح أن تكون هذه الأرقام قابلة للإرتفاع في العام الحالي، في ظل العجز عن صيانة الطرقات العامة أو حتى إنارتها في ساعات الليل.
المصدر | ماهر الخطيب - النشرة
الرابط | https://tinyurl.com/4k2v92pn