الشهاب و (مقاهي) البلد؟
في بلاد الناس يحترمون الوقت ويسابقونه ويقطعونه فلا يقطعهم! وعندنا يستسلمون إليه فيقطعهم؟ وفي بلاد الناس يعرفون للوقت قيمة فيملأونه بالمفيد! وعندنا يفتشون عن (اللاّمفيد) كي يملأوا به الوقت؟
هؤلاء الذين يجلسون في المقاهي ولا هم لهم إلاّ (تركيب المقلة) على نغم الأركيلة؟
هؤلاء الذين يتحدثون في كل شيء فارغ أجوف كأدمغتهم ويفضلون (برتيتة) الطاولة على السعي وراء الرزق؟
هؤلاء الذين يتراخون في كسل ويجلسون و أمامهم كروش منتفخة وفوقهم جماجم فارغة، يترحمون على الأجداد ذوي الأمجاد ويندبون القيم والأخلاق؟ ويقولون أن الدنيا تغيّرت؟
هؤلاء الذين يلعنون الزمن، وما أحرى باللعنة أن تنزل فوق رؤوسهم؟
وترى الكل يستطرد منادياً بخبط الملقط على الأركيلة ويرفع عقيرته بالصوت (نارة)؟ واحد قهوة؟ واحد شاي؟ واحد زهورات؟ اتنين يانسون؟ وورق؟ واحد عجمي وطاولة زهر؟ واتنين واحد معسل؟ وواحد نكهة؟ و(باصرة... وجوكر)؟ وحفيف الزهر (هيك يك. إكي بير. باش دورت) وأحاديث في السياسة تختلط مع قرقعة الأراكيل وسط جوّ معبّق بالدخان والأنفاس... جو محموم... مجنون... ويا له من جو؟
تلك المقاهي؟ وإذا شئت تلك المقابر؟ مقابر الرجولة؟ ومقابر الوقت؟ و مقابر القيم؟ تقوم بين الأحياء، وقَلّما يخلو منها شارع من الشوارع؟
نعم! أيّها الناس! إن المقاهي هي مقابر وليست لشعب بات بأكثريته يعيش في القبور أن يطلب حقاً بالحياة، فإذا أراد فعليه أن يثبت أنه جدير بما يريده.. وعليه أن يُطَلّق سكنى المقابر؟
وقد يقول البعض إرتياد المقاهي لا بد منه في بعض أوقات الفراغ – حسناً - ولكن لا يجب أن نترك كل شيء في سبيل المقهى فلنرتد المقهى لإنتظار صديق / صديقة مثلاً و لإرتشاق معه / معها فنجان قهوة لساعة ما... ولكن لنتعلم أن نستفيد من الوقت! ولنتعود أيضاً أن نريح أعصابنا فلنتنزه... فلنطالع... فلنقتل الوقت بما يفيدنا... حيث لا يأس من إرتياد المقاهي لساعة أو لنصف ساعة ولكن لا يجب أن يكون المقهى مقر لكل متهرب من العمل.
المصدر | بقلم المربي الأستاذ منح شهاب - صيدا