المشهد الصيداوي بين طوابير الاذلال على المحطات والشكوى من الغلاء واستمرار الاحتجاج
لم يغير رفع سعر صفيحة البنزين كثيراً من مشهد الاذلال اليومي على محطات الوقود في صيدا، وقد ميّزها اولاً: اصطفاف السيارات في طوابير طويلة وقبل ساعات من بدء بعض المحطات من التعبئة، فيما بقيت أخرى مقفلة ورفعت خراطيمها بعد تمنّع اصحابها عن استلام اي كميات لانها غير كافية من جهة، ولتفادي الاشكالات من جهة أخرى، وثانياً: نشاط السوق السوداء حيث بيعت صفيحة البنزين بنحو 125 ألف ليرة تفادياً للازدحام او الاضطرار لقضاء "مشوار"، وثالثاً: قيام قوة من أمن الدولة بكبسات على المحطات والزام اصحابها بالتعبئة للمواطنين في حال توافرت المادة.
ولم يقتصر المشهد الصيداوي على طوابير الانتظار، اذ توزّع على الشكوى من الغلاء ارتباطاً بسعر صرف الدولار الاميركي وسعر مادتي البنزين والمازوت باعتماد التسعيرة الجديدة على اساس 3900 ليرة بدلاً من 1515 ليرة لبنانية، وارتفاع اسعار اللحوم والدجاج والمواد الاستهلاكية الاخرى، فيما شهدت ازمة الغاز انفراجاً مع فتح المركزين في منطقة سينيق ابوابهما امام المواطنين وتعبئة قوارير الغاز وِفق ما حدّدته وزارة الاقتصاد بنحو 37500 ليرة لبنانية.
وشكا ابو علي المغربي من غلاء الاسعار، قائلاً لـ"نداء الوطن": "لقد تبخّر طعام الفقير أمام جنون الدولار، حتى اللبنة والفول والحمص والبيض والبطاطا، لم نعد قادرين على شرائها، منذ ايام آكل وعائلتي البندورة والزيت والزعتر، والقادم اسوأ في ظل غياب اي حلول جدّية والتمسّك بالشروط المتبادلة، لقد انهار البلد وهم يختلفون على الحصص والحقائب، كفى فليرحلوا عنّا".
وبقي مشهد الاحتجاج الابرز، اذ شهدت المدينة اوسع تحرك منذ فترة طويلة، حيث اقفلت غالبية الطرقات الرئيسية والفرعية بدءاً من ساحتي "الشهداء" و"ايليا"، ومستديرتي "العربي" و"الاميركان"، وعبرا ومجدليون والصباغ والفوار والهمشري، بالسيارات حيناً وبالعوائق الحديدية حيناً آخر، او بحاويات النفايات بعد اضرام النار فيها.
وقالت الناشطة آسيا ابو سلطانية التي شاركت في احتجاجات ساحة الشهداء لـ"نداء الوطن": "إن غضب الناشطين لن يتوقف، وسننزل كل يوم الى الشارع للتعبير عن رفضنا للغلاء وارتفاع الاسعار والمطالبة بحقوقنا وبحياة كريمة"، داعية الناس "للنزول الى الشارع وعدم الصمت او الاكتفاء بالتأييد من المنازل، لان المشاركة الحاشدة تعتبر بداية التغيير الحقيقي".
وعند تقاطع "ايليا"، خرق مشهد المحتجّين مشاركة محمد الدرزي وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة على كرسي متحرّك حيث قال باقتضاب: "حقّي ان أعيش في دولة تحترم الانسان وتؤمّن لي كل احتياجاتي الخاصة، ولكن للاسف عندنا كل شيء مهدور، لقد سئمنا الاهمال والحرمان". وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بصور مشاركته، وعلق الناشطون "ان محمد نموذج يجب ان يحتذي به كل الجالسين في المنازل، يجوعون، ويتوجعون ولا يشاركون في الدفاع عن حقوقهم".
ولفت الانتباه مرور مجموعة من الفتية على دراجات هوائية، وتوقفوا لبعض الوقت كتعبير عن التضامن مع المطالب المحقة، كذلك لفت قيام محتجّين للمرة الثالثة باقتحام فرع مصرف لبنان في صيدا ورشق المبنى بالحجارة والدخول الى الباحة الداخلية واضرام النار عند البوابة الرئيسية، كما اقتحموا مبنى مؤسسة مياه لبنان الجنوبي عند البوابة الفوقا في شارع رياض الصلح الرئيسي، ورشقوه بالحجارة حيث تضرّر الزجاج وتحطّم بعضه، تعبيراً عن الغضب من تردّي الاوضاع المعيشية والاقتصادية والمالية ورفضاً لشحّ المياه ارتباطاً بأزمة تقنين الكهرباء.
المصدر | محمد دهشة - نداء الوطن | https://www.nidaalwatan.com/article/51419