محمد الحريري: الشتائم خبز السياسيين ... والناس في مكان آخر
|
السعودية - الأستاذ محمد الحريري إنها أمورٌ تدعو الى النفور والإحباط، ما نقرأ ليس من السياسة بشيء، إنه الشتيمة والسباب وتبادل الاتهامات، وإذا كان مُطلقوها يعتقدون بأن شعبيتهم السياسية والانتخابية تقوم على هذا الصنف من السياسة، فهُم مخطئون. لقد ملَّ الناس سماع هذا النوع من التصريحات، كانت السياسة في ما مضى أرقى أنواع الفنون فنزلت عندنا، في هذه الأيام الى الصفر لتُصبح صفة ملازمة للسباب والشتائم! مَن قال إن الناس يريدون هذا النوع من السياسة? مَن قال إنهم يستسيغون (حروب تسجيل الأرقام)? الناس في مكان آخر، انهم لا يريدون سيطرة هذا النوع من الكلام على السياسة، وإذا أراد السياسيون الاستمرار في ترداد هذه اللغة، فعليهم عدم الادعاء بتمثيل الشعب. الناس في مكان آخر، إنهم حيث المشاكل والمعاناة والهموم، فمنذ متى الشتائم تُطعِم خبزاً? ومنذ متى السباب يوفّر قسط مدرسة? ومنذ متى تبادل الاتهامات يعالج مريضاً? إن تبادل الكلام الجارح ليس له سوى تفسير واحد هو (الإفلاس السياسي)، فحين لا يعود في مقدور السياسي أن يُقارع الحجة بالحجة والمنطق بالمنطق، يلجأ الى الكلمة النافرة كتعبير عن نقص في تقديم ما يُقنِع الناس. ولكن ما سرُّ هذا الردح المتواصل، وما هي خلفياته? انها مطامح شخصية وحروب بالواسطة: فهذا السياسي لديه مطامع ويريد من الآخرين أن يؤيّدوه، وإذا امتنع احد عن التأييد تعرَّض لأبشع الشتائم. وذاك السياسي يريد أن (يرضى عنه) زعيمه أو رئيس كتلته فيهاجم (أكثر من المطلوب) خشية أن يكون (مقصِّراً في واجباته السياسية).
| |
|
|