المفتي الرفاعي: هذه عناوين المجلس الشرعي الجديد
تتزاحم الملفات والمهمات الملقاة على عاتق دار الفتوى بعدما كُرِّستْ مرجعية سياسية سنّية إلى جانب مقامها الديني. طويت صفحة الأجنحة والتيارات التي تحكّمت بدار الفتوى ومؤسساتها على مدى سنوات، واستعادت دوراً صودر منها لصالح مواقع سياسية وحكومية.
يعوّل الكثير من أبناء الطائفة السنّية على دار الفتوى ودورها في لمّ شملهم بعد الضربات المتلاحقة التي سُدّدت لهم، وأصبحوا مكشوفي الظهر تتناتشهم أحزاب وتيارات وتستغلّ حال الضعف الذي أصابهم.
وفي هذا السياق يقول مفتي بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي لـ»نداء الوطن»: «لا شك في أنّ تعليق «تيار المستقبل» عمله السياسي فرض نفسه على كل حركة وايقاع، وخلال الفترة الماضية استطاع المفتي دريان أن يؤدي دور الحكم، ودور الإنسان الذي يقود السفينة بحكمة، ويخفف الخسائر قدر المستطاع، لذلك عندما بدأ الحديث عن موضوع خلافة المفتي لا يستطيع أي عاقل في ظل الفراغ القائم في مؤسسات الدولة، والعواصف التي تعترض مركب الطائفة والدار والأمواج العاتية أن لا يفكر في التمديد».
وأضاف: «كان التفكير بصوت مرتفع يقضي بأنّ بقاءه حاجة وضرورة تساعدان في الحفاظ على هذا الاستقرار ريثما تنجلي الصورة، خصوصاً أنّ البلد يمرّ في ظروف ليست طبيعية. والحاجة تقتضي وجود شخص مُجرِّب ومُجرَّب وحكيم، فأهل الحل والعقد في الطائفة طرحوا موضوع التمديد، وللأمانة أنّ يوم التمديد وخلال اجتماع المجلس الشرعي فاجأهم المفتي برفضه التمديد جملةً وتفصيلاً، وكان هناك إصرار من الأعضاء على احترام التواقيع. والموضوع لا يتعلّق بشخص المفتي ورغبته، بل بالطائفة السنّية التي هي مكون أساسي في البلد وأحد أركان استقراره ونهضته وحمايته وتوازنه، فكان التمديد وهو تعديل تشريعي للمرسوم رقم 18 وليس تعديلاً ادارياً، وما تبع التمديد من وفود وبيانات أكدت أنّ الموضوع حظي بإجماع اسلامي سنّي، ولاقى استحساناً وقبولاً من المكونات الأخرى».
وعن نتائج انتخابات المجلس الشرعي، أشار الرفاعي إلى «أنّ انتخابات المفتين وبعدها انتخابات المجلس الشرعي تؤكدان أنّ هناك احتراماً دائماً للمواعيد والاستحقاقات، وتتشابه الانتخابات في الاستحقاقين، وعلينا أن نسلّم من خلال النتائج أنّ المزاج الغالب عندنا لا يزال يدور في فلك «المستقبل»، إضافة إلى حضور بعض الأطراف كـ»الجماعة الاسلامية» وجمعية «الارشاد والاصلاح الخيرية» وبعض الأفراد المقرّبين من زعامات مناطقية، ونحن نعوّل على المجلس للقيام بالاصلاحات، ونؤكد على إنصاف المناطق في موضوع تمثيلها بالمجلس. فعلى سبيل المثال لا الحصر صيدا لديها نائبان سنّيان ولها ثلاثة أعضاء في المجلس، فيما بعلبك لديها نائبان وليس لها عضو منتخب، وهنا ضغطنا في اتجاه رئيس الحكومة ومفتي الجمهورية لضرورة إما استحداث مقعد لعضو منتخب في بعلبك الهرمل، وإما أن يكون هناك معيار واحد في كل المناطق قائم على اعتبار عدد الأعضاء الذين ينتخبون في المجلس الشرعي يساوي عدد النواب في المحافظة».
ولفت الرفاعي إلى «عناوين ثلاثة على بساط البحث للمجلس الشرعي الجديد: الإصلاحات وعدالة تمثيل المناطق، وتعديل الهيئة الناخبة وتوسعتها لتشمل عدداً أكبر، والشهادات الشرعية ومن يعتمد كشيخ أو خطيب وإمام أو لا يعتمد، وسنلمس نتائجها قريباً».
وإزاء تعيين مفتي الجمهورية أعضاء ضمن المجلس الشرعي والبالغ عددهم ثمانية، يقول الرفاعي «إنّ المفتي يراعي في التعيين النقص الذي قد يحصل خلال الانتخابات سواء على الصعيد القانوني، او المالي وغيرهما، وما يحتاج اليه المجلس، والتعيين صلاحية خاصة بالمفتي ولا يستشير أحداً، ويريد من خلال من يعيّنهم أن يكون على تواصل مع المناطق، وعليه لا يمكن أن نحدّد له القناة التي يريد من خلالها التواصل مع المناطق».
وعن قدرة المفتي دريان على جمع النواب السنّة للسير بالاستحقاقات الوطنية والدستورية، يلفت الرفاعي إلى أنّ «كل نائب من النواب جاء نتيجة تحالفات، وهذه التحالفات هي التي تحدّد وجهة نظره وإلى أين سيتّجه ومن سينتخب، ولكن أغلبية النواب السنّة يشعرون أنّ الخيمة السعودية هي خيمة ضرورية للحفاظ على الشرعية والمشروعية السنّية، ويعتبرون أنّ دار الفتوى هي ممرّ طبيعي وضروري لتحديد نهاية هذه المسارات والخيارات التي لم تصل إلى نتائج بعد».
وختم أنّ السفير السعودي وليد البخاري يتمنّى «التفاهم الداخلي، وأن يتفق اللبنانيون، وأنّ التدخّل الخارجي لا يستطيع أن يفرض على أي طرف أن يغيّر موقفه، والمطلوب أن ينطلق الحوار من الداخل ونلاقي الخارج في منتصف الطريق، وإن لم يوجد حوار في الموضوع الرئاسي، فما المانع من عقد حوار للاتفاق على خطة انقاذ، وكيفية ردّ أموال المودعين، وكيف سيكون شكل الحكومة المقبلة، حتى نصل إلى نتائج ايجابية وملموسة؟».