صيدا تضيء شعلة ذكرى تحريرها السابعة والثلاثين
سبعة وثلاثون عاماً مرتّ، ولا زالت صيدا تجدد عهد الوفاء للمناضلين والمقاومين الذين ضحوا بحياتهم دفاعا عن أرض الوطن في مواجهة الاحتلال الصهيوني، وعن كرامة أبناء المدينة وكل اللبنانيين.
"من معركة التحرير إلى معركة التغيير...المسيرة مستمرة"، شعارُ أطلقه التنظيم الشعبي الناصري والقوى الوطنية في الاحتفال السنوي الذي أقيم مساء يوم الأربعاء 16 شباط 2022 في ساحة الشهداء في صيدا لإضاءة شعلة التحرير.
حضر الاحتفال حشد كبير من أبناء المدينة، وممثلو الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية تقدمهم أمين عام التنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد.
عريف الاحتفال عضو أمانة فرع جنوبي صيدا في التنظيم الشعبي الناصري ابراهيم الارناؤوط ألقى كلمة رحب خلالها بالحاضرين، وقال:
الأخوة والأخوات
اليوم 16 شباط 2022، نجتمع في ساحة الشهداء في صيدا، أولاً وفاءً للشهداء، وثانياً فرحاً وابتهاجاً بتحرير مدينة صيدا العربية اللبنانية الرائعة بسكانها وناسها الطيبين.
صيدا المدينة التاريخية العظيمة بمواقفها وصمودها في وجه الغزوات، وآخرها الجيش الصهيوني الذي مارس كل أشكال البطش والإذلال. صيدا قاتلت، صمدت وانتصرت. الاحتلال وأعوانه هزمهم رصاص المقاومين وعبواتهم، كما هزمهم غضب الناس.
16شباط 1985، هذا التاريخ الذي خرجت فيه مدينة صيدا من الأسر محررة مرفوعة الجبين. واليوم نضيئ شعلة التحرير بكل فخر واعتزاز، ليزداد هذا التاريخ رسوخاً في عقول الشباب، ليفتخروا بمدينتهم وبرجالها ونسائها، وليتناقلوا قصص الصمود والتحدي التي عاشتها المدينة الباسلة.
وأضاف: "أيها الإخوة لم يكن عدد الفدائيين في صيدا والجنوب جيشاً جراراً، بل خلايا ومجموعات كان رمز المقاومة الوطنية اللبنانية " مصطفى معروف سعد " ملهمها. كانت مجموعات تضم لبنانيين وفلسطينيين من مختلف الانتماءات، كانت مجموعات المقاومين متنوعة العقائد تجتمع على هدف واحد وهو طرد الاحتلال، تشعر بها ولا تراها، كانت كل مجموعة تبحث عن الهدف، ترصد، تخطط ، وتنفذ. ولم تكن تلك المجموعات تملك آنذاك وسائل إعلام لتغطية نشاطاتها.
وسائل إعلام المقاومة الوطنية اللبنانية في تلك الأيام كانت محدودة، معلومات شحيحة فرضتها ظروف المواجهة، لا هاتف خلوي، ولا وسائل تواصل اجتماعي، حتى الهاتف الأرضي كان صعباً . إلا أن الإرادة كانت صلبة، والإيمان بالنصر كان قوياً.. كانوا رجالاً أدوا واجبهم الوطني بصمت ومضوا.
أمين عام التنظيم الشعبي الناصري الدكتور أسامة سعد كانت له كلمة، ومما جاء فيها:
في الذكرى 37 لتحرير مدينة صيدا ومنطقتها من الاحتلال الصهيوني في 16 شباط سنة 1985، نتوجّه بالتحية إلى أبطال المقاومة الذين قدّموا التضحيات الجسام في مواجهة قوات الاحتلال والعملاء، وأرغموا العدو على الانسحاب وهو يجرّ أذيال الهزيمة والخيبة والفشل.
التحية إلى أبطال المقاومة الوطنية، والمقاومة الإسلامية، والمقاومة الفلسطينية، وإلى المقاومة السياسية والانتفاضات الشعبية في المدن والقرى والمخيمات التي شارك فيها الرجال والنساء والأطفال رفضاً للاحتلال، صمدوا وواجهوا محاولات العدو لإخضاعهم وإجبارهم على القبول بالتعامل والتطبيع، وألف تحية إلى الشهداء والأسرى والمصابين.
وقال سعد:
حمل المقاومون السلاح نظراً لتقاعس الدولة وتغييب مؤسساتها العسكرية والأمنية، وفي مواجهة الرهانات الخاسرة على الضمانات الدولية، وبروز نزعات التفريط بالسيادة الوطنية... خاض شباب المقاومة المعارك دفاعاً عن الشعب والوطن، ومن أجل الاستقلال والسيادة الوطنية. من صيدا والجنوب ومن كل مناطق لبنان انطلق المقاومون، وهدفهم التحرير حتى آخر شبر من أرض الوطن... ونجحوا في طرد جحافل قوات الاحتلال من العاصمة، ومن الجبل، ومن صيدا وصور والنبطية والبقاع الغربي، وصولاً الى تحرير الشريط الحدودي، باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، سنة 2000، وإلى إلحاق الهزيمة بالغزوة الصهيونية سنة 2006.
شباب لبنان قاوموا الاحتلال وانتصروا... ثاروا ضد ممارساته القمعية... وضد القهر والإذلال وامتهان الكرامات ... الشهداء ضحّوا بأرواحهم من اجل أن يعيش اللبناني فوق أرضه المحرّرة حياةً حرة كريمة... لا من أجل أن تأتي إلى السلطة منظومة فاسدة تقود لبنان إلى الانهيار والإفلاس... وتدفع اللبنانيين إلى الفقر والجوع والهجرة والموت على أبواب المستشفيات .. منظومة سلبت حقوق الناس ومالهم وثمار تعبهم... ومارست ضدهم كل أنواع الإذلال وامتهان الكرامات.
في المقابل، أعلن اللبنانيون عن رفضهم للمنظومة الحاكمة وسياساتها وممارساتها... واحتل الشباب في انتفاضة 17 تشرين الشوارع والساحات... وهتفوا بأعلى أصواتهم:
"لا للنظام الطائفي، لا لسلطة المصارف، لا للمافيات، لا للاحتكار... نعم للدولة المدنية اللاطائفية، نعم للعدالة الاجتماعية، نعم للديمقراطية وحكم القانون... نريد حقوق الناس في الرعاية الصحية الشاملة، والتعليم الإلزامي المجاني ، وفي فرص العمل، والمسكن اللائق، والنقل العام، وفي سائر الحقوق الأساسية".
يرفض اللبنانيون المحاصصة الطائفية والزبائنية والمحسوبية التي أدت إلى انهيار مؤسسات الدولة ... ويريدون بناء دولة الكفاءة والنزاهة والقضاء المستقل.
كما يرفضون الهيمنة الخارجية والتبعية للمحاور الإقليمية والدولية... ويؤكدون على التمسك بعروبة لبنان، وعلى رفض المساعي الدولية والإقليمية الهادفة إلى تحويل لبنان وبقية الدول العربية إلى مناطق نفوذ ومحميات تتقاسمها تلك المحاور، وتستتب الأوضاع فيها لمصلحة الكيان الصهيوني.
إن العروبة التي ننتمي إليها هي العروبة التحررية التي تواجه كل هيمنة خارجية، وهي العروبة الديمقراطية الجامعة التي تقوم على احترام حقوق الشعوب وحرياتها، وتعمل من أجل التعاون والتضامن والتكامل بين الدول والشعوب العربية في سبيل التنمية والسيادة، وهي قبل أي شيء آخر احتضان القضية الفلسطينية، ومواجهة العدوانية العنصرية الصهيونية التوسعية.
ويتطلب التصدي للعدوانية الصهيونية، وما تمثله من مخاطر على لبنان ووجوده وثرواته الطبيعية في البر والبحر، استنفار كل الطاقات والخبرات التي يملكها الشعب اللبناني، والاستفادة من الإنجازات التي راكمها، وذلك في إطار استراتيجية دفاعية ترتكز على جيش لبناني قوي مزوّد بالأسلحة النوعية التي تمكّنه من مواجهة أي عدوان صهيوني.
وتتولى توجيه هذه الاستراتيجية الدفاعية دولة وطنية لا طائفية تمثل مصالح الشعب اللبناني، وتملك قرارها المستقل عن أي تبعية للخارج.
دولة وطنية مختلفة جذرياً عن المنظومة الطائفية الحاكمة، عن منظومة التبعية والتفريط بالسيادة الوطنية، المنظومة التي نراها اليوم تتخلى عن ثروة لبنان من النفط والغاز على الحدود البحرية الجنوبية، كما تتخلى سلفاً في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة عن مساحات بحرية شاسعة خاصة بلبنان، لتمنحها للعدو الصهيوني من أجل نيل رضا الوسيط الأميركي المنحاز لإسرائيل، ونيل رضا أميركا على المنظومة، لكي تحافظ على هيمنتها على الدولة اللبنانية ومقدراتها.
وأضاف سعد:
من معركة التحرير إلى معركة التغيير مسيرة الكفاح مستمرة من أجل إنقاذ الشعب اللبناني من الأوضاع المأساوية التي أوقعته في جحيمها المنظومة الحاكمة التي تتشكل من ائتلاف القوى الطائفية والمافيات وأرباب المال والاحتكارات.
وفي سياق المسيرة الكفاحية تأتي الانتخابات النيابية المقبلة كواحدة من المحطات المهمة في إطار معركة التغيير. ونحن نحذّر من تطيير الانتخابات حفاظاً على الديمقراطية التي يشكل مبدأ تداول السلطة أحد أهم مبادئها. وندعو الجميع للانخراط فيها والاقتراع للوائح التغيير.
ونشير إلى أن هذه المعركة لن تكون المعركة الأخيرة الفاصلة مع قوى المنظومة، بل ستليها معارك أخرى للدفاع عن حقوق الناس، ومن أجل التغيير السياسي وصولاً إلى بناء الدولة الوطنية القوية، الدولة السيدة المستقلة، دولة القانون والمؤسسات ، ودولة الاقتصاد المنتج والعدالة الاجتماعية.
وختم سعد بالقول:
أتوجّه في هذه الذكرى بالتهنئة إلى اللبنانيين، وبخاصة أهالي منطقة صيدا في ذكرى تحريرها.
كما أوجّه تحية الإجلال والإكبار للشهداء.
عاشت ذكرى تحرير صيدا، وعاش لبنان.
كل الشكر لمشاركتكم في إحياء هذه الذكرى الوطنية ..
وفي ختام الاحتفال توجه الحاضرون يتقدمهم الدكتور أسامة سعد لإضاءة شعلة التحرير على وقع الأناشيد الوطنية.
المصدر | المكتب الإعلامي للتنظيم الشعبي الناصري
تم النشر بواسطة صيدا سيتي Saida City في الأربعاء، ١٦ فبراير ٢٠٢٢
الرجاء الضغط على لوغو الفايسبوك لمشاهدة جميع الصور أعلاه