ديرلين نيوي… رجل بيتزا (89 عامًا) يعلّم العالم معنى العطاء
إعداد: إبراهيم الخطيب -
الأربعاء 13 آب 2025 - [ عدد المشاهدة: 109 ]
ابتسامة على عتبة الباب
في أحد أحياء ولاية يوتا الأمريكية، كان رجل مسن يبلغ من العمر 89 عامًا يقطع الطرقات بهدوء، حاملاً علب البيتزا، ووجهه يضيء بابتسامة صادقة لكل من يفتح له الباب. اسمه ديرلين نيوي، رجل قضى سنواته الأخيرة في العمل كموزّع بيتزا لدى سلسلة محلية، رغم أن هذا العمل يُرهق شابًا في العشرين من عمره.
لماذا يعمل رجل مسن بهذا الجهد؟
قد يتساءل البعض: لماذا يعمل هذا الرجل المتقدم في السن لساعات طويلة؟ الجواب مؤلم وبسيط: معاش الضمان الاجتماعي الذي يحصل عليه لا يكفي لتغطية احتياجاته الأساسية. لذلك كان يعمل نحو 30 ساعة أسبوعيًا، يتنقل بسيارته القديمة، ويقدّم الخدمة بابتسامة تسبق الكلام.
لقاء الصدفة الذي غيّر كل شيء
القصة بدأت عندما لاحظت عائلة فالديز – وهي من الزبائن الدائمين – طيبته وأسلوبه المميز، حيث كان يحيي الجميع بعبارة لطيفة: "Hello, are you looking for some pizza?". أعجبتهم شخصيته إلى درجة أنهم بدأوا بتصوير زياراته ونشرها على منصة "تيك توك"، ليتحول الرجل التسعيني بسرعة إلى ظاهرة محبوبة على الإنترنت.
من تيك توك إلى قلوب الملايين
ومع انتشار الفيديوهات، بدأ متابعوهم من مختلف أنحاء الولايات المتحدة يسألون: كيف يمكننا أن نساعد هذا الرجل؟ هنا خطرت للفالديز فكرة إطلاق حملة تبرعات إلكترونية على منصة GoFundMe بهدف جمع مبلغ يخفف أعباء حياته. كانوا يطمحون لجمع بضع مئات من الدولارات، لكن المفاجأة أن التبرعات انهالت من كل مكان، حتى بلغ المبلغ الإجمالي 12,069 دولارًا خلال وقت قصير.
مفاجأة الـ 12 ألف دولار
وفي يوم مميز، قررت العائلة أن تزور نيوي في منزله، ترافقهم الكاميرات وقلوبهم مليئة بالامتنان. حين سلّموه الشيك الضخم، بدا عليه الذهول وعدم التصديق، وسألهم: "لماذا يفعل الناس هذا لأجلي؟". كانت تلك لحظة امتزجت فيها الدهشة بالفرح، وبكى الجميع تقريبًا من التأثر.
وسائل الإعلام تروي الحكاية
انتشرت القصة في وسائل الإعلام المحلية ثم الوطنية، وغطّتها مواقع وصحف كبرى مثل The Guardian وDeseret News، ليس فقط لأنها قصة لطيفة، بل لأنها كشفت جانبًا أعمق من الواقع: أن هناك الكثير من كبار السن في الولايات المتحدة يعملون في وظائف شاقة حتى في أواخر أعمارهم، لأن أنظمة الدعم الاجتماعي لا تكفيهم للعيش بكرامة.
قصة أعمق من مجرد بقشيش
ومنذ ذلك الحين، أصبح اسم ديرلين نيوي رمزًا للعطف المتبادل بين الناس، وللقوة التي تمتلكها شبكات التواصل حين تُستخدم في الخير. لم تعد قصته مجرد خبر عن رجل حصل على "بقشيش ضخم"، بل تحوّلت إلى حكاية عن مجتمع افتراضي قرر أن يغيّر حياة إنسان حقيقي.
إرث من اللطف يلهم العالم
اليوم، وبعد مرور سنوات، لا توجد أخبار مؤكدة عن وضع نيوي الحالي، لكن قصته ما زالت تلهم الملايين. إنها تذكير بأن العطاء يمكن أن يأتي من أشخاص لم نلتقِهم أبدًا، وأن أبسط لفتة قد تغيّر حياة إنسان بالكامل.
ربما كان نيوي يوصل البيتزا، لكن في تلك الرحلة القصيرة، أوصل للعالم كله رسالة أكبر بكثير: اللطف عملٌ لا يشيخ.