الشهاب: النقص مجهولاً عند صاحبه؟

ليس منّا من يخلو من نقص ينغص عليه حياته؟ فالإنسان الكامل لم يخلق بعد، وكثيراً ما يكون ذلك النقص مجهولاً عند صاحبه، فكيف يعرفه لكي يعالجه؟
إفرض - يا هذا - أنك بنَّاء، وقد عهد إليك في بناء بيت، وبين يديك الرسم الهندسي لتصميم ذلك البيت، وأمامك قطعة الأرض التي ستنفذ فيها التصميم، ولكن هذه الأرض مغطاة بالأعشاب الكثيفة، وبعض الأشجار، وقطع الحجارة، وسطحها غير مستوِ، ولا تخلو في بعض مواضعها من نفايات ألقاها الجيران فيها...
أليس من المؤكد أنك في هذه الحالة لا تستطيع عمل أي شيء، حتى ولا وضع الأوتاد أو مدَّ الخطوط لتحديد شكل الأساس الذي ستقوم بحفرة في تلك الأرض، إلاَّ إذا إنتزعت الأخشاب والأشجار ونظفت المساحة كلها من النفايات والأحجار والأقذار ثم مهدتها لتغدوا كالبساط مستوية السطح؟..
إذن أرجو ألاَّ تؤاخذني إذا قلت لك أن شخصيتك لا تختلف كثيراً عن هذه الأرض الفضاء التي ينمو فيها العشب البريَّ، والشجر، وقد تتناثر فيها الأحجار والنفايات وليس في سطحها إنتظام أو إستواء.
وإني لأعلم أن التشبيه قد يكون نابياً عن الذوق السليم، ولكنك تعلم أنه لا حياء في العلم، وخير لك بدلاً من الغضب والإستياء، أن تُقبل على تنظيف تلك الأرض المهجورة الفضاء، ثم تعمل على تمهيدها كي تشرع بعد ذلك في تشييد بناء شخصيتك الجديدة على أساس حسن متين!
وليس عملية التنظيف سوى إقتلاع الإعشاب الفضولية ورفع الأحجار والنفايات، والأعشاب يا صاحبي فهي العادات السيئة؟ والأحجار والنفايات هي الأفكار الخاطئة؟ المتعفنة التي تلقنتها من هنا وهناك بغير تفطن أو تمييز؟ فشوهت تفكيرك؟ وشخصيتك؟..
و اعلم يا صاحبي أن الإنسان منّا لا يخدع أحداً من الناس بقدر ما يخدع نفسه، فنحن نستمرئ خداعنا لأنفسنا وتضليلنا عن حقائق كثيرة وقد لا يكون من ذلك ضرر يذكر، كأن نزعم لأنفسنا أننا نستطيع القيام بعمل شاق معين (لو أتيحت لنا الفرصة والفراغ)؟ في حين أن هذا غير صحيح ولكننا قد نتذرع بالأوهام في تبرير فشلنا وراء خداع النفس؟
وبهذا الشكل وهذا الإحساس الدفين مما يبعث بعدم الكفاءة لمجابهة الواقع فيغدو ذلك الواقع مكروهاً والنفس تتجنب ما تكره وتهرب منه والهرب من عالم الواقع استسلام لعالم الأحلام: (نقص)؟. و متى وجدته يا صاحبي فقد تجد من العسير عليك مفارقته؟
ولكن حين تقف أمام المرايا وتقبل التحدي مع نفسك غير خاضع للسيطرة وفي عينيك ينبوع المزايا الخارقة! وأنت مؤمن بهذه الحقيقة الفارقة! كفيل بأن تتخلص من هذا (النقص)؟ وتستطيع تغيير شخصيتك؟ وإصلاح نفسك؟
@ المصدر/ المربي الأستاذ منح شهاب - صيدا