جمال إسماعيل: باقون
المصدر/ بقلم الشيخ جمال إسماعيل (أبو ضياء):
تتوالى القرون والأجيال ، وتستمر مسيرة الإسلام في المسير إلى الأمام ، رغم صنوف الإبتلاء والأيذاء ، ويكشف لنا القرآن الكريم هذه الحقيقة ، كي نستعد لها ، فيقول جل جلاله : ( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ )آل عمران :186
وها هي الأمة اليوم -كما أسلافها من قبل - تتعرض للأذى والعدوان من أعداء الإسلام الذين يعتدون على مقدرات الأمه بالتدمير والنهب وعلى أبناء الأمة بالتقتيل والتشريد وعلى دين الأمة ورموزها بالتشويه والطعن وعلى مقدساتها بالإهانة والتدنيس .
أمام هذه الهجمة الجديدة علينا أن لانستسلم بل علينا ان نقاومها بالصبر والثبات على الحق واللجوء إلى الأحد الصمد : ( واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين ) .
وبالتقوى فهي أقوى العدة على العدو وخير الزاد ليوم المعاد والحذر من المعاصي فهي أخطر علينا من عدونا ، الذين لن نغلبه بالعدد والعدة فقط إنما بهذا الدين : (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ )
وبالوحدة و الجهاد ، لقوله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْ صُوصٌ ).
ومع تعدد ميادين المواجهة مع الطغاة والمعتدين ، من بلاد الرافدين إلى بلاد الشام ، تبقى ثورة أرض الرباط في فلسطين وبيت المقدس بالذات محافظة على توهجها ،رغم مرور حوالي69 عام من النكبة ، ما زالت الثورة مستمرة و متجددة . ورغم المؤمرات الكبرى لتصفية القضية الفلسطينية ما زالت هذه القضية في صدارة قضايا المنطقة والعالم ، بل هي محور الصراع الإقليمي والدولي ، كما دلت على ذلك ثورات الربيع العربي ، التي كان من أهم أسبابها ، تقاعس الأنظمة الحاكمة عن مواجهة الصلف الصهيوني ضد إخوانهم في القدس وغزة والضفة . والمتابع للأحداث العالمية ، والتي كان آخرها الانتخابات الأمريكية وفوز ترامب ومحاولاته نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وصلوات الحاخام مائير هاير عقب خطاب ترامب والذي جدد مقولة أسياده : " شلت يميني إن نسيتك يا أورشليم " .يدرك أن الصراع حول القدس وفلسطين في تصاعد .
واليوم يخوض أهلنا في داخل الأرض المحتلة معركة وجود للحفاظ على أرضهم ومقدساتهم وهم لا يبخلون بالتضحيات الجسام لمنع العدو الصهيوني من تحقيق أهدافه . ويبرهنون كل لحظة أنهم شعب : عزيز لا يركع إلا لله ، و صابر لا يبالي بالآلام ، و مبدع في كل المجالات . وأنه جزء من أمته العربية والإسلامية لا يرضى بالتهويد أو التهميش أو الذوبان ,وانه يستحق أن يكون له وطن حر خال من الإحتلال الصهيوني . شعاره :الإسلام ديننا ، والعربية لغتنا ، وفلسطين بلدنا ،والقدس لنا لنا لنا .
قبل أيام شهد العالم ذلك الفارس البطل فادي قنبر ابن جبل المكبر ( حيث وقف الفاروق عمر عند فتح القدس ) يدوس بشاحنته جنود وضباط لواء النخبة ( جولاني ) ، معلنا أن سلاح الإيمان والإستشهاد يقهر الجيش الذي لا يقهر !!، وأن شباب فلسطين العزّل أقوى من الأنظمة المتخاذلة وترسانتها الصدئة وجيوشها الجبانة إلا في مواجهة شعوبها وإبادة الأحرار في أوطانها .
أسد عليّ وفي الحروب نعامة فتخاء تنفر من صفير الصافر
كما برهن فادي (وهو اسم على مسمى ) أنّ فلسطين أغلى من أرواحنا وأهلنا وأموالنا وأننا للقدس فداء والموت في سبيل الله أسمى أمانينا .
وبالأمس القريب كان هناك إضراب وحداد في فلسطين المحتلة عام (48) لأن الصهاينة هدموا قرية أم الحيران في النقب الطاهر ،هدموها كلها حجرا حجرا ، وزعموا أنها أقيمت بطريقة غير شرعية ،وأقاموا عليها مستوطنة حيران .
كيف يصبح المواطن العربي الفلسطيني صاحب الأرض العربية الفلسطينية منذ فجر التاريخ غير شرعي ، أما المستوطنون الذين جاؤوا بالأمس القريب من الآفاق شرعيين !!!
إنّ الذي زيفوه كـــــــله كــــــذب ما لليهود بدار أهلــــــــــها عرب
هذي فلسطين دار العرب ما بقيت ما فارقوا أرضها يوما و لا ذهبوا
هم عائدون فزولوا عن أماكنهـــم فالأرض من تحتكم تغلي و تضطرب
نتنياهوا يتبجح بأنه هدم ألف منزل عام 2016 ويهدد بتوسيع رقعة الهدم .رغم أن المجتمع الدولي قد نسف المزاعم المؤسسة للكيان الصهيوني : فأعلن في مؤتمر باريس مؤخرا أنه لا شرعية للإستيطان ... ، كما أعلنت وكالة اليونيسكو الأممية - بعد تحقيقات علمية وقانونية - بأن المسجد الأقصى المبارك هو للمسلمين وحدهم و ليس لليهود أي حق فيه .
والعربان يرقصون مع الحاخامات في أعيادهم ، والفلسطينيون منقسمون بين الضفة وغزة ، وفي عاصمة الشتات ( عين الحلوة ) يستمر العبث الأمني كي ننسى حقنا في جهاد المحتل والعودة لأرضنا .
ألسنا امتداد لأهلنا في فلسطين ، الصامدين خلف الشريط المحتل ، في صفد وعكا وحيفا ويافا والناصرة والنقب والقدس... ، كم تبعد عنا فلسطين ؟؟، 167 كلم فقط ، يعني حوالي ساعتين ، لذلك يحرص اليهود أن يبعدونا عنها ، ويشغلونا ببعضنا كي لا نفكر بالمقاومة والعودة ، ولكننا سنبقى نردد : لا عودة عن حق العودة ، لا حياد عن الجهاد .
ونهتف مع أهلنا في فلسطين - صيحة شيخ الأقصى رائد صلاح - : باقون ما بقي الزعتر والزيتون .
وكلنا ثقة بوعد الله القائل لنا : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ.. ) .
#الشيخ_جمال_إسماعيل ( أبو ضياء )