9 | 100 أصحاب الكهف والبحث عن بيئة بديلة: عندما تتحول العزلة إلى بداية حضارية
في زمن اشتد فيه طغيان الهوية المفروضة، اختار فتية مؤمنون أن يخرجوا عن النسق السائد، لا تمردًا بل حفاظًا على الإيمان، لا انغلاقًا بل تحصينًا للرسالة. لجؤوا إلى كهفٍ متواضع، لا زخرف فيه ولا متاع، ولا يَعِدُهم بأمانٍ دنيوي أو ضمانات مادية، غير أنه كان أوسع لهم صدراً من قصر فاخرٍ يُفرغ الروح من معناها. لقد كان ذلك الكهفُ النواةَ الأولى لعهدٍ مغاير، يُشيَّد فيه الإنسان من داخله قبل أن تُشيَّد منازله، ويُؤسَّس فيه للجوهر قبل المظهر، وللثبات قبل الزينة.
الدرس الريادي:
حين تغيب البيئة الحاضنة، لا يعني ذلك نهاية المشروع، بل بداية مرحلة جديدة من التأسيس الذاتي. الريادي الأصيل لا يتذرع بالبيئة المعطلة، بل يبادر إلى صناعة فضائه الخاص، حتى لو بدأ من كهف. البيئة ليست مجرد مكان، بل منظومة من القيم، ووتيرة من الوعي، وشبكة من العلاقات الصادقة. وفي أزمنة الاضطراب، الكهف الحقيقي ليس العزلة، بل القدرة على الحفاظ على البذور حتى يأتي أوان الزرع.
إعداد: إبراهيم الخطيب