مع القرآن - كلمة في آية (9) عَدْوًۭا
وَلَا تَسُبُّوا۟ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَسُبُّوا۟ ٱللَّهَ عَدْوًۭا بِغَيْرِ عِلْمٍۢ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍۢ عَمَلَهُمْ ۖ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا۟ يَعْمَلُونَ (الأنعام 108)
لفظة "عَدْوًا" في هذه الآية الكريمة ليست مجرد وصف لفعل، بل هي وصف لحالة من الاندفاع والاعتداء والقول الجائر، وهي تعبّر عن تجاوز الحدود الشرعية والعقلية في القول بحق الله عز وجل، بسبب الجهل والخصومة.
قال تعالى: "فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ"
والمعنى: يسبّون الله سبًّا جائرًا متجاوزًا للحق، على وجه الظلم والعدوان.
وإليكم ثلاث مفردات تعبّر عن معنى "عَدْوًا" في هذا السياق:
1. جَورًا
الجَور هو الظلم والانحراف عن الحق والعدل.
فسبّهم لله ليس من باب الإنصاف أو البحث، بل هو جور مبني على العصبية والهوى.
قال تعالى: "وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ" (الطلاق: 1)
2. ظُلمًا
والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، أو تجاوز ما ينبغي، سواء بالفعل أو القول.
فسبّ الله ظلم عظيم، لأنه اعتداء على مقام الألوهية، المبني على الجهل والخصومة.
قال تعالى: "إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" (لقمان: 13)
3. تَجَاوُزًا
من "عَدَا يَعْدُو"، أي تجاوز الحدّ المأذون فيه.
فالعَدو - من حيث الأصل - هو العدوان والتعدّي، أي أنهم تجاوزوا حدود الأدب والعقل حين ردّوا السب بمثله، فوقعوا في الكفر دون إدراك.
تنويه:
لفظة "عدوًا" في الآية جاءت منصوبة على المصدرية، أي يسبّونه سبًّا فيه عدوان وجسارة، وليس مجرد ردّ فعل بريء، بل فعل يحمل في طياته التهوّر والجهل والمغالاة.
فسبحان من جمعت كلماته بين دقة المعنى، ورهافة الأسلوب، وعمق التربية.