كلمة النائب أسامة سعد في الذكرى 40 لتحرير صيدا
أيها المناضلون...
16 شباط 1985، إنه يوم صيدا المجيد...
حطّمت صيدا أغلال الاحتلال وانطلقت إلى فضاءات الحرية والكرامة...
قتل ودماء وأسر وتنكيل، وبقيت العزيمة والاصرار على كسر الاحتلال... فانكسر، وانتصرت صيدا...
لكل مقاوم، لكل شهيد، وجريح وأسير فيضُ حبٍّ واحترامٍ واعتزاز...
تكتسب المقاومة الشعبية مشروعيتها الوطنية عندما تغيب الدولة عن أدوارها في صدّ العدوان وتحرير الأرض...
وإنه لعارٌ وطني الاستهانة بما قدمته هذه المقاومة من أثمان باهظة في معارك التحرير المتعددة على امتداد الوطن...
إن الشعوب وهي تقاتل عدواً غاصباً، فإنها في الوقت ذاته تتطلع إلى بناء سلطة وطنية تؤمّن لها الأمن والأمان والكرامة والحقوق...
لم يكن ذلك من أقدار شعبنا إذ أنه قبل التحرير سنة 2000 وبعده لم يجد أمامه إلا سلطات جائرة ومجرمة ، استهانت بتضحيات المناضلين المقاومين وانشغلت بملفات دسِمة تفوح منها روائح الفساد والصفقات والتربّح غير المشروع...
أيها المناضلون ...
عهدٌ جديد وحكومة جديدة وتوجهات إصلاحية معلنة... كان ذلك تطورٌ إيجابيٌ كسر حلقات الفراغ والاحباط وأطلق آمالاً عريضة بأن البلد سيخرج من أزماته المستحكمة والمتلاحقة والمتعددة...
سوف نراقب ونتابع ونرى إن كانت هذه الآمال ستبقى معلقة أم ستجد لها القوة القادرة لتحولها إلى حقائق ملموسة ...
نتطلع إلى توجهات وطنية خالصة بلا تبعية أو ارتهان...
نتطلع إلى سياسات جديدة تحاصر التموضعات الطائفية وتحدّ من نفوذها وهيمنتها على مقدرات الدولة...
نتطلع إلى انحيازات اجتماعية تؤمّن حقوق الناس في الصحة والتعليم والغذاء والعمل والخدمات والضمانات ...
نتطلّع إلى دولة وطنية ديمقراطية حديثة عادلة...
تلك آمال كبرى لا يحتمل تحقيقها انتظار عهود وحكومات، إنما تحتاج لنضالات ترسيها كحقائق راسخة في حياتنا العامة...
أيها المناضلون...
حربٌ اسرائيلية حاقدة ومجرمة لم تنتهِ فصولها بعد، تغطيها وتدعمها أميركا...
نتيجة الحرب وقّعت الحكومة اللبنانية اتفاقاً لا يوصف إلا بأنه اتفاق إذعان لهدنة توقف الحرب ولا تنهيها...
أعطى الاتفاق العدو مزايا تنتهك الأمن الوطني اللبناني وتقيّده...
وأعطى أميركا سلطة الوصاية على الاتفاق وهي الشريك بالعدوان...
كان ذلك انكشافاً فاضحاً لأمننا الوطني...
كأن أمن الأوطان قابل للإعارة والتجيير!!!
ونحن نحذر من أي تهاون في موجبات أمننا الوطني...
ونؤكد على أن الأمن إما أن يكون بإرادة وطنية خالصة أو لا يكون...
وننبّه إلى خطورة انزلاق لبنان إلى تفاهمات أو تطبيع مع العدو تعطيه مكاسب غير مستحقة له...
أيها المناضلون...
يواجه الشعب الفلسطيني حرب إبادة وتهجير...
حربٌ ترعاها أميركا، غايتها تصفية القضية الفلسطينية وتمكين اسرائيل كقوة عظمى في الاقليم العربي وإعادة رسم خرائط المنطقة بما يتوافق مع المصالح الأميركية أمام غياب عربي مهين...
إن انكسار القضية الفلسطينية هو انكسار للأمن العربي كلّه، لن يسلم منه أحد...
إن مقاومة الشعب الفلسطيني وصموده الأسطوري دفاعاً عن حقوقه الوطنية فوق أرضه فلسطين إنما هو أيضاّ يذود عن أمته العربية الغائبة حكوماتها عن نصرته...
أيها المناضلون...
تلك أحداث كبرى تجري وقائعها في لبنان وفلسطين وبلدان عربية أخرى تتواصل فصولها دماً ودماراً وتهجيراً ونفوذاً أميركياً وطغياناً اسرائيلياً وهوان عربي فادح...
إن ذلك يؤسس لأزمان جديدة من القهر والمآسي المروعة لشعبوبنا...
إن القوى الوطنية العروبية التقدمية التحررية ليس أمامها من سبيل إلا لملمة شتاتها وتصعيد نضالها في مواجهة هذه التحديات وهذه المخاطر...
أيها المناضلون...
إن مناسبة تحرير صيدا في ذاتها ودور القوى الوطنية الصيداوية في معركة التحرير يفرضان الدعوة الصادقة لمناضلي التيار الوطني الديمقراطي في صيدا لجمع شملهم وتوسيع حضورهم وسط الأجيال الجديدة والشرائح والفئات الاجتماعية المختلفة وتجاوز أي تناقض ظرفي أو ثانوي، فأمام التحديات الكبيرة وجسامة المهام الوطنية والسياسية والاجتماعية المطلوبة من هذا التيار، تذوب أي اختلافات أو تباينات...
إن التحديات الراهنة توجب على هذا التيار الأصيل في المدينة أن لا يغيب عن أدواره البالغة الأهمية في ملفات المدينة واستحقاقاتها...
كما أن لهذا التيار الصيداوي أدواره على المستوى الوطني في مواجهة مخاطر وتحديات داهمة...
التحية لكم جميعاً، التحية لصيدا في يومها المجيد هذا،
التحية لشهداء لبنان وفلسطين...