خليل المتبولي: يا للعجب! معروف سعد
يا للعجب! تسعة وأربعون عامًا وما زالت سيرة معروف سعد تتناقل من جيل إلى جيل، رغم انقضاء هذه السنين إلا أنّ الصيداويين لا يزالون يعيشون أثقال وأوزار وأحزان غيابه، ومعها ذكراه الطيبة ومآثره...
الرجال الكبار الذين يقدّمون ويضحّون لشعوبهم وأوطانهم يرحلون، وترحل وراءهم حرارة نضالاتهم وثوراتهم وتضحياتهم، فلا يبقى منها إلا صفحات في التاريخ، وذكرى في عقول وذاكرة الأجيال التي تليهم، فيستلهمون منها كيفية متابعة النضال، وهذا ما حصل مع الشهيد معروف سعد حيث ترك أثرًا لا يُمكن أن تمحوه الأيام...
معروف سعد لم يرث الزعامة من أحد، بل هو مَن صنعها بعمله ونضاله وكفاحه، ووقوفه إلى جانب الناس حتى عشقته أفئدتهم، أصبح قائدًا شعبيًا بامتياز لحمله راية النضال الوطني الاجتماعي والسياسي، لقد خاض النضال بمختلف أشكاله العسكرية والمطلبية والنقابية والاجتماعية...
آمن بمبادىء الثورة الناصرية وبأفكارها، وعبّر عنها في مواقفه وأعماله، وفي ميثاق التنظيم الشعبي الناصري الذي أسّسه عام 1970، بالإضافة إلى انحيازه الكامل للقضية الفلسطينية ولثورتها، وعمل على تحشيد الطاقات العربية كافة في سبيل معركة استعادة فلسطين، كيف لا؟ وقد كان هو من أوائل الذين حاربوا في فلسطين عام 1936، لقد كان من أوائل المقاومين والمجاهدين في هذه القضية ولهذه القضية...
يا للعجب!.. تسعة وأربعون عامًا، ونبض معروف سعد لا يزال بين الناس، نبض انتصار القضية الوطنية بواسطة النضال الشعبي، نبض النهج الوحدوي التحرري الصادق الذي يناهض كل أشكال العصبية الضيقة، نبض الاعتدال وروح الجماعة الوطنية التي تأتلف على طريق البناء والإصلاح والخير... معروف سعد كان نبض البلاد ونبض الأمة...
معروف سعد... كان رجلًا سياسيًا صادقًا من الدرجة العالية، وقليل ما نلمس هذا الصدق في رجال السياسة، لقد كان صادقًا مع نفسه ومع الآخرين، بالإضافة إلى إخلاصه ووفائه وعزته وحريته وكرامته... في هذه الأيام الصعبة كم نحن بحاجة إليك يا معروف يا شهيد العمال والكادحين والفقراء والمناضلين، وكم نحن بحاجة إلى صوابية قراراتك ومقاومتك، وانحيازاتك للجماهير... معروف سعد كرامة شعب وحرية وطن...
بقلم : خليل ابراهيم المتبولي