هيثم زعيتر: 19 عاماً على جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري... مُشرعِنُ المُقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي
لم يعد لبنان مُنذ جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، قبل 19 عاماً كما كان عليه.
فقد أحدثت جريمة الاغتيال زلزالاً في لبنان، ترك تردّداته على المنطقة بأثرها، انطلاقاً من دور ومكانة الرئيس الشهيد، عربياً ودولياً، وهو ما قلَّ نظيره بأنْ تتوافر بمثل هذه الشخصية المُميّزة.
مُنذ جريمة الاغتيال، تحقّق المُخطّط بمزيدٍ من الانقسام والشرذمة في لبنان، بين القوى السياسية المُتناكِفة في ما بينها، وترك استشهاد «أبي بهاء»، فراغاً كبيراً، لأنه كان في نظرته الثاقبة، اعتمد الحوار، سبيلاً وحيداً لحل التباينات في وجهات النظر، سواءً خلال تولّيه سدّة المسؤولية برئاسة الحكومة، أو خروجه منها واعتماده أسلوب المُعارضة البنّاءة.
تلك المبادئ تربّى عليها في أُسرة الحاجّين بهاء الدين الحريري وهند حجازي مع شقيقيه شفيق وبهية في مدينة «زهر الليمون»، صيدا، التي كان وفيّاً لها كما وفاءَهُ للبنان، والقضايا الوطنيّة والقوميّة، وفي الطليعة قضية فلسطين.
بين الميلاد في «عيد جميع القديسين» 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1944 والاستشهاد في «عيد الحب» 14 شباط/فبراير 2005... 61 عاماً من عمر الرئيس الشهيد، كانت حافلة بالمحطّات على صُعُدٍ مُتعدّدة.
لبنانياً، كان له دور رئيسي هام بإعادة انطلاق عجلة الحياة في الجمهورية الثانية، تنفيذاً لـ«اتفاق الطائف» المُوقَّع في المملكة العربية السعودية، بتاريخ 30 أيلول/سبتمبر 1989، وكان لـ«أبي بهاء» دورٌ كبيرٌ في ذلك.
يُسجّل للرئيس الشهيد رفيق الحريري دورٌ بارزٌ في الدفاع عن حقوق لبنان، ودوره في مُقاومة الاحتلال الإسرائيلي، بأشكالها المُتعدّدة، وهو الذي ما زال يخرق القرارات والاتفاقات والمواثيق والمُعاهدات، ضارباً بعرض الحائط كل ذلك.
هُنا لا بُدَّ من إعادة استذكار شرعنة الرئيس الحريري لحق لبنان بمُقاومة العدو الإسرائيلي، وإزالة آثار العدوان، وبما شمل أيضاً الأسرى الأحياء والشّهداء، والعمل على إطلاق سراحهم، وكذلك بلسمة جراح أبناء الشّهداء، خاصةً أبناء شهداء نيسان/إبريل 1996، التي أوكلت رئاسة «هيئة رعاية أبناء شهداء نيسان» إلى شقيقة الشهيد الرئيس، النائب بهية الحريري.
لقد تمكّن الرئيس رفيق الحريري، بفضل علاقاته العربية والدولية، من انتزاع «تفاهم نيسان 1996»، بشرعنة المُقاومة في لبنان بوجه العدو الإسرائيلي، والذي أعطى الحق بالرد والتصدّي لهذا العدوان.
وتميّزت علاقة الرئيس رفيق الحريري مع أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله مُنذ تسلُّمه مهامه أميناً عاماً للحزب خلفاً لأمين عام الحزب السيد عباس الموسوي (الذي اغتاله العدو الإسرائيلي بغارةٍ في منطقة تفاحتا - قضاء صيدا، بتاريخ 16 شباط/فبراير 1992، فاستشهد مع عقيلته «أم ياسر» وطفلهما حسين).
وترسّخت أكثر مع تكليف الرئيس الحريري تشكيل حكومته الأولى في تشرين الأول/أكتوبر 1992.
19 عاماً على جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما زال حضوره يكبر، وهو قدر القادة الكبار، الذين تكتشف الأجيال يوماً بعد آخر، مدى أهميتهم، فيبقى الحضور رغم الغياب الجسدي!