يفتقده بحر صيدا وصيادوها ومرفأها
مع كل سنة تمضي منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري ، يستعيد من تبقى من الرعيل الأول من صيادي الأسماك في مدينته صيدا بعضاً مما لا يزال عالقاً في شباك ذاكرتهم عن " رفيق رحلات البحر والصيد " وعن "المعلم الأول الذي استلحقوا معه ما فاتهم من علم ومعرفة "، وعن صاحب القلب الكبير الذي كان يوقظهم ليلة العيد ليدخل الى قلوب أطفالهم فرحته، وعن رجل الدولة والدولة التي تقمصت في رجل سعى من أجل تحسين أوضاعهم وتنمية قطاعهم ليس فقط في صيدا بل على طول الساحل اللبناني.
نزهة مع رفيق على متن "قاصد كريم"
يستعيد الصياد المخضرم محمد بوجي ( رئيس نقابة صيادي الأسماك في صيدا بالإنابة ) بعض ذكريات له مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري مرافقاً للصيادين في رحلات الصيد والسباحة في بحر صيدا والنزهة على جزيرتها " الزيرة " فيقول : كان رحمه الله يتردد دائماً على المينا ويعلم الصيادين القراءة والكتابة ، و"بذكر كان عندي "شختورة" اسمها "قاصد كريم" كنا نطلع فيها على " الزيرة " ويكون أوقات رفيق معنا ونسبح ونفطر على صخورها".
ويضيف بوجي أنه بعد أن اخذ الله بيد رفيق الحريري وأنعم عليه ، لم ينس الصيادين وأنه كان كلما عاد الى لبنان، حرص على زيارة المينا سائلاً عن أحوال رفاقه وأصدقائه . وويقول " لما تولى رئاسة الحكومة ، زرته ضمن وفد من نقابة الصيادين وعرفني بسرعة وسألني عن أشخاص وصيادين عايشهم وهو شاب ، وبقي يهتم بمطالب الصيادين ويخفف عنهم الهموم".
ويتابع بوجي: "بيت الحريري طول عمرهم فاتحين قلبهم وبيتهم للصيادين ودايما واقفين جنبهم ، ومش بس لبنان خسر رفيق الحريري .. نحنا كمان صيادين صيدا خسرناه .. والله يطول بعمر الشيخ سعد ويوفقو ليكمل المسيرة".
رفيق الصيادين
ويقول الصياد عمر سنتينا ( عضو مجلس نقابة صيادي الأسماك ) : كان رفيق الحريري رفيقاً للصيادين ، يجالسهم مقر نقابتهم ويعلمهم القراءة والكتابة ، ويشاركهم احياناً حياة البحر ، ويتردد على المينا والزيرة لممارسة السباحة مع رفاقه من أبناء جيله .. كنت معه في مدرسة فيصل الأول التابعة للمقاصد –صيدا لكنه كان أعلى مني بصفين ، وأذكر أنني كنت اعمل عند الحلاق المختار جميل البيلاني وكان رفيق الحريري حينها يوزع كل يوم اثنين جريدة الحرية الصادرة عن شباب حركة القوميين العرب ، وكان يأتي الى محل عاطف الغرمتي بائع الراحة بجانب جامع الكبير ومرة حين التقيت رفيق الحريري بعد ان اصبح رئيساً للحكومة سألني عنه.
ويضيف " رفيق الحريري عمل من أجل تحسين أوضاع الصيادين وكان يرسل لنا المساعدات المالية ليلة العيد ، وقدم منح تعليمية لأبناء عدد من الصيادين ليتابعوا دراستهم في فرنسا على حسابه .. اليوم نحن نفتقد رفيق الحريري ويفتقده بحر صيدا وصيادوها ، لكن ما يعزينا أن " مين خلّف ما مات" ، ولا زال آل الحريري ، الشيخ سعد والست بهية يقفون بجانب الصيادين ويدعمونهم وما النا غيرهم بعد الله ، وما حدا غيرهم عم يفرجنا".
ويتوجه سنتينا الى الرئيس سعد الحريري : "بقول للشيخ سعد الله يحميك وان شاء الله بترجع على طول وبترجع أيام زمان ونحن منفتخر فيك.. بدنا ياك ترجع رئيس حكومة وتقود البلد".
ويقول الصياد بلال بوجي ( وهو من الجيل الحالي من الصيادين ) : "رفيق الحريري أحلى عالم ، ولما راح رفيق، صارت الناس عم تموت من المرض والقلة .. ما حدا بيهتم بالصيادين الا بيت الحريري ، وبقول للشيخ سعد : الله يقويك ويطول بعمرك وتبقى بلبنان وتكمل مسيرة بيّك ليرجع البلد".
مرفأ صيدا.. حلم رفيق الحريري
وكما في ذاكرة الصيادين، كذلك لا يغيب رفيق الحريري عن بال قدامى البحارة والوكلاء البحريين العاملين على مرفأ صيدا الذي كان مشروع رفيق الحريري لإنشاء مرفأ حديث ومتطور حلماً مشتركاً بينه وبينهم ، وقد شهدت صيدا لاحقاً انشاء مرفأ جديد لكنه ليس بحجم المشروع الحلم لرفيق الحريري بحسب الوكيل البحري محمد بشاشة "أبو عمر " فيقول : "الله يرحمو كان بدو يعمل مرفأ اكبر وأضخم للمنطقة كلها وكان حلمه أن يمتد هذا المرفأ من هنا الى سينيق ويكون مركزاً رئيسياً للشحن والتحميل والترانزيت للشرق الأوسط والمنطقة العربية ، ولكن الظروف لم تمكنه من تحقيقه .. وتم قبل سنوات انشاء مرفأ جديد ليس بحجم حلم رفيق الحريري لكن جميع فاعليات المدينة يسعون لتوسعته وتطويره.."
ويضيف بشاشة : ذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري غالية على قلوبنا لما قدمه لكل لبنان ، ونقول للشيخ سعد " الله ياخذ بإيدك وتكمل على خطى والدك الله يرحمو وكلنا وراءك وتوكل على الله وكمّل هالمرحلة الصعبة وما تغيب لأنو البلد بحاجة لوجودك".