رئيس بلدية صيدا حازم بديع لـ" مستقبل ويب": أزمة النفايات انتهت.. والخطوة التالية "المعمل"!
منذ تسلمه لرئاسة بلدية صيدا في آب الماضي، والطبيب حازم خضر بديع يداوم في غرفة عمليات استثنائية، همه الأول والأخير إنقاذ مدينته من أزمة النفايات الجاثمة على صدر ورئة شوارعها وساحاتها .. ولو احتاج الأمر الى جراحة!.
فكونه طبيباً جراحاً ، وبحكم تجربته القصيرة حتى الآن كرئيس بلدية يعتبر الدكتور بديع أن العمل البلدي كما جراحة الطب ، كلاهما مسؤولية كبيرة ، لكن العمل البلدي - بحسب بديع - أكثر صعوبة ، وهو يحتاج الى اتخاذ قرار يوازي مسؤولية اتخاذ قرار إجراء جراحة لإنقاذ حياة انسان . ويرى بديع أن العمل البلدي لا يستقيم بالمسكنات ولا بتجربة دواء ، بل يحتاج لأن تتخذ قراراً لا تتراجع عنه وتكون مسؤولاً عنه، لأنه يصب بالنهاية لمصلحة مدينة والمقيمين فيها" !. .
من هنا كان قراره منذ اللحظة الأولى كرئيس للبلدية بأنه آن الأوان لتخليص مدينته من أزمة تراكم النفايات في شوارعها ، فتقدم هذا القرار أولويات برنامج عمله البلدي ، وتعامل مع هذه المعضلة البيئية تعامل طبيب جراح مع حالة مريض ، تشخيصاً وتحديداً لمكمن العلة والطريقة الأفضل للعلاج من دون أن يستبعد الجراحة اذا لزم الأمر ، فبدأ بهذا العلاج على مراحل، توّجت أولاها برفع النفايات من الشوارع وإعادة الإنتظام تدريجياً لعملية جمعها ونقلها وحصر رميها بالمستوعبات التي عادت لتأخذ مكانها في كافة أحياء المدينة والضواحي .
فقد باشرت شركة "سيتي بلو " برفع النفايات من شوارع صيدا وبلدات الاتحاد وتوزيع حاويات النفايات في أحيائهما ، بعد موافقة مجلس الوزراء على ضم المدينة وبلدات الاتحاد الـ15 للعقد الموقع بين مجلس الانماء والإعمار وبين شركة معوض " سيتي بلو " .
شوارع خالية من النفايات
يقول الدكتور حازم بديع في حديث خاص وصريح لـ" مستقبل ويب" انه منذ تسلمه رئاسة بلدية صيدا ، وضع نصب عينيه عدة أولويات ، يتقدمها حل أزمة النفايات ، ويضيف " تسلمنا مهامنا في وقت كانت المدينة وضواحيها تشهد فوضى بموضوع النفايات ، حيث لم يكن هناك شركة تتولى جمعها ونقلها، ولم يكن هناك سوى بعض المبادرات الأهلية ومشكورين " حملة أوفياء صيدا " الذين قاموا بهذه المهمة لعدة اشهر ، قبل أن تعود البلدية وتتحمل هذا العبء في الآونة الأخيرة . واليوم ، نستطيع القول أن هذه الأزمة قد حلت ، من خلال ضم المدينة وبلدات الاتحاد للعقد الموقع بين شركة معوض وبين مجلس الانماء والإعمار لجمع ونقل النفايات".
ويشير بديع الى أن 650 حاوية ومستوعباً للنفايات ستوزع ضمن نطاق الاتحاد بما فيها صيدا المدينة ، وأن الخطوة الأولى كانت بتوزيع حوالي 100 مستوعب ، والباقي سيوزع تباعاً . معرباً عن ارتياحه لهذه الخطوة ومؤكداً أن فرق طوارىء بلدية صيدا تواكبها على الأرض ، وأن الأهم هو تجاوب الناس معها ، حيث تطلق البلدية حملة توعية للمواطنين والمقيمين بضرورة الالتزام بوضع القمامة في المستوعبات ، على أن تقوم شرطة البلدية برصد وضبط ومنع أية أعمال نبش وتنكيش في النفايات كما كان يحصل في السابق .
وبحسب بديع فإن "هذا التدبير سيكون مؤقتاً لمدة 3 اشهر ، الى أن تعلن نتائج المناقصة الجديدة التي قمنا بها لجمع ونقل النفايات وقد نشرنا دفتر الشروط الجديد ، ونأمل أن يكون هناك تلزيم لشركة أو -اذا لم يقدم أحد عليها- سنسعى من أجل ان تبقى صيدا ضمن العقد الموقع بين " سيتي بلو " ومجلس الإنماء والإعمار" .
الى المعمل .. در!
أما الخطوة التالية بعد إنهاء أزمة تراكم النفايات في الشوارع ، يقول بديع " ستكون إعادة وضع "معمل فرز ومعالجة النفايات المنزلية الصلبة في سينيق " على سكته الصحيحة . ويضيف "الآن انتقل كل تركيزنا الى معمل فرز ومعالجة النفايات والذي نحن فعلياً غير راضين على أدائه ولم نكن راضين عليه قبل ذلك ، لأسباب متعددة منها ما يتعلق به ولكن هذه ليست مشكلتنا وانما مشكلة القيمين على المعمل، لذلك بدأنا من "ثقة صفر" بالمعمل نتيجة التجربة الماضية. وقد اجتمعت مع مديره مرات عدة وطلبت منه وضع خطة مفصلة للأشهر الستة القادمة، تتضمن الإصلاحات والأمور التي يجب أن يقوموا بها ليبدأ المعمل يفرز بطريقة نكون راضين عنها . وقد تجاوب مدير المعمل معنا وقدم هذه الخطة ، كما تواصلت مع المالكين السعوديين وتحدثنا بنفس التوجه وهم يشجعون على هذا الموضوع ".
ويتابع" كما قمنا بتشكيل لجنة مشتركة من المجتمع المدني مع بلدية صيدا لتكون هناك مراقبة شفافة على المعمل، واجتمعت اللجنة مع مديره ووضعوا خطة لمراقبة أدائه وموضوع الفرز . ولأول مرة نلمس جدية من القيمين على المعمل وهذا أمر يشجع . ونحن نعتبر هذه الفرصة الأخيرة بعدما تحملت صيدا لسنوات مشكلة النفايات ولم يعد لدينا خيار آخر سوى أن يقوم هذا المعمل بوظيفته التي أنشىء لأجلها .. وأعطينا مهلة 6 اشهر لنرى خلالها مدى تحسن عملية الفرز والمعالجة . وسيكون هناك تقرير شهري عن وضع المعمل وسير العمل فيه واذا كان يسير في الطريق الصحيح لأن مصلحتنا هي في ان يشتغل المعمل" .
جبل النفايات المتراكم
ويلي ذلك بعد اعادة تشغيل المعمل - بحسب بديع - " الخطوة الثالثة ، وستكون على مسارين : الأول : معالجة مشكلة جبل النفايات المتراكم في جواره ، وفي هذا السياق سأتابع شخصياً هذا الأمر بمساعدة الفاعليات ، ووزير البيئة مشكوراً لديه خطة متكاملة لهذا الموضوع ، ربما كانت صعبة لكن غير مستحيلة ، وهناك عدة أفكار لمعالجة مشكلة الجبل المتراكم في مكانه وبطريقة علمية لكن يحتاج لوقت .وقد وضعنا القيمين على المعمل في الصورة وهم وضعوها كأولوية ، بمجرد أن تنطلق عملية الفرز بشكل طبيعي " .
اما المسار الثاني – يضيف بديع - "فهو العمل على إيجاد مطمر صحي ، لأنه كل قمنا ونقوم به بموضوع النفايات ، لن يكون له النتيجة المطلوبة ، اذا لم يتم إيجاد مطمر او مطامر متعددة صحية ، والا فسنعود ونقع في المشكلة نفسها. وهذا المسار أيضاً بدأت منذ فترة بالعمل عليه . صحيح أن هناك أمور متداخلة سياسية وغير سياسية لكن بالنتيجة يمكن الوصول الى حل وبطريقة علمية لكن هذا سيكون على المدى البعيد ".
مشكلة الصرف الصحي
وبالتوازي ، يؤكد بديع أنه يعمل أيضاً على معالجة مشكلة تعطل مضخات الصرف الصحي في محطة التكرير في سينيق . ويقول " اجتمعنا مع مؤسسة مياه لبنان الجنوبي لأن محطة التكرير هي من صلاحية وزارة الطاقة ، وعلمنا ان هناك تمويل لمشروع فصل قنوات مياه المجاري عن قنوات مياه الأمطار ، واعطيناهم كل الخرائط التي لدينا على أن يبدأ العمل بالمشروع قريباً وهذا من شأنه أن يخفف عنا عبئاً بيئياً كبيراً".
ويضيف " الأمر الآخر – وهو أيضاً ليس من صلاحياتنا - وهي محطات الضخ الى محطة التكرير على الشاطئ ، ورغم ذلك قمنا وبمساعدة مؤسسة كهرباء لبنان بتأمين خط خدمات للمضخات وتم اصلاح بعضها لكن لا زال هناك مشكلة في المحطة نفسها، وهذا مشروع كبير نشتغل عليه ونحاول أن نؤمن التمويل لإصلاح المضخة الرئيسية في سينيق ولتشغيلها على الطاقة الشمسية عندها لا يعد الضخ يتوقف بعد ان تؤمن الطاقة من مصدرين خط الخدمات والطاقة الشمسية، ولكن هذا يحتاج الى وقت".
شرطة البلدية وفوج الإطفاء
وعن خطة تفعيل الشرطة البلدية وفوج الإطفاء يقول بديع " منذ أن تسلمنا مهامنا ، وضعنا نصب أعيننا الاهتمام بالعنصر البشري الذي يمثل الذراع الأساسي للعمل البلدي وهي الشرطة البلدية وفوج الإطفاء ، وكما ترون فإن عناصر الشرطة يتواجدون على الأرض بشكل دائم ويقومون بضبط المخالفات بعدما قمنا بتحسين وضعهم الاجتماعي من صندوق التكافل والمساعدات ، وبتأمين كل الأمور اللوجستية لهم . وكذلك الأمر بالنسبة لعناصر فوج الإطفاء ، وهم مع مركزهم وآلياتهم في جهوزية دائمة " .
ويشير بديع الى أن حملة إزالة المخالفات التي بداتها البلدية قبل أسابيع ستكمل بها الى النهاية، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم قطع أرزاق الناس. ويقول " المخالفة الكبيرة التي تؤثر على المحيط غير مسموح أن تبقى ، وكل ما يمكن أن يُنَظّم سنقوم بتنظيمه ".. لافتاً الى ان البلدية ستكمل بمشروع تعبيد وتأهيل الطرقات، وستطلق قريبا مشروعاً للإهتمام بوسطيات الطرق تشجيراً وتشحيلاً وتجميلاً .
صعوبات .. وصندوق تكافل بلدي
وعن الصعوبات التي تواجهه كرئيس بلدية او التي تواجه العمل البلدي عموماً يقول بديع " يتقدم هذه الصعوبات الموضوع المادي في ظل عدم قدرة البلدية على صرف اكثر من 50 مليون ليرة كسقف للنفقات ، لأن قانون الشراء العام لا يزال يقيد هذا الأمر ، وبهذا المبلغ لا تستطيع الإيفاء بعقود النفقات وغيرها .
ويشدد بديع في هذا السياق على أهمية ودور "صندوق التكافل البلدي " الذي يتغذى من تبرعات ومن مبادرات تطوعية ، ويرى أن هذا الصندوق ساعد ويساعد البلدية معنوياً ومادياً ولوجستياً ، ويغطي كل حالات الطوارئ، وساهم في تغطية كلفة جمع النفايات خلال الفترة الماضية" ، آملاً "بعد إقرار الموازنة الجديدة وتعديل قانون الشراء أن يتم رفع سقف النفقات فيتحسن الوضع أكثر " .,