بري يُهندس وقف إطلاق نار ويطوّق الخلاف الفلسطيني
توقفت الاشتباكات العسكرية في عين الحلوة بعدما نجحت المساعي السياسية التي قادها رئيس مجلس النواب نبيه بري شخصياً في تثبيت وقف إطلاق النار وتطويق ذيول الخلاف الذي نشب بين حركتي «فتح» و»حماس» على آلية تطبيق مسار المعالجة التي أجمعت عليها الفصائل الوطنية والإسلامية في «هيئة العمل المشترك الفلسطيني».
وأتاح اللقاءان اللذان عقدهما الرئيس بري مع وفدين قياديين من «فتح» برئاسة عضو اللجنة المركزية المشرف على الساحة الفلسطينية في لبنان عزام الأحمد والسفير الفلسطيني أشرف دبور، ومع «حماس» برئاسة أبو مرزوق وممثل الحركة في لبنان أحمد عبد الهادي وعضو القيادة في الخارج علي بركة والناطق الرسمي جهاد طه، بحضور مسؤول الملف الفلسطيني في حركة «أمل» محمد الجباوي، رسم خارطة متعدّدة الخطوات طريقاً للحل التدريجي يفضي إلى تفكيك كل العقبات والصعوبات.
ووفق معلومات «نداء الوطن»، فإنّ أولى خطوات الإتفاق: تثبيت وقف إطلاق النار عند الساعة السادسة عصراً، على أن تعقبه خطوة ثانية في إخلاء مدارس وكالة «الأونروا» وتسليمها إلى الإدارة من أجل إجراء مسح أمني ثم تقييم لوجستي تمهيداً لعملية الترميم والصيانة قبل بدء العام الدراسي الجديد، على أن تعقد هيئة العمل المشترك الفلسطيني في لبنان اجتماعاً وتتفق على الخطوة اللاحقة في قضية تسليم المشتبه بهم في جريمة اغتيال قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا اللواء أبو أشرف العرموشي. وتؤكد الأوساط الفلسطينية أنّ أكثر من سيناريو حول هذه الخطوة يدور في الأروقة المغلقة، وفي حال لم ينجح الأول يمكن الانتقال إلى الآخر بغية تفكيك التعقيدات والأسباب التي ما زالت تدفع إلى الاشتباكات العسكرية رغم كل الاتفاقات السياسية السابقة على وقف إطلاق النار، وسط ترجيح أن يعقد لقاء ثنائي بين «فتح» و»عصبة الأنصار الإسلامية» تمهيداً لذلك.
وكانت الخلافات بين «فتح» و»حماس» قد ظهرت للعلن وتبادل الطرفان الاتهامات، وفق أوساط «فتحاوية» فإنّ الحركة تفاجأت بتغريدة نائب رئيس «حماس» في الخارج موسى أبو مرزوق عبر منصة «إكس»، بأنّ «تجدد الاشتباكات يعني تدميراً للمخيم تحت عنوان محاربة الإرهاب»، ثم بالفقرة الأخيرة من بيان اللقاء المشترك بين «حماس» و»الجهاد الإسلامي» وفيها «إنّ ضرورة توقيف المتورطين في الجرائم وتسليمهم إلى الجهات اللبنانية، لا يبرّر ما يجري من تهديد للسلم الأهلي في المخيم والجوار، ولا يمكن أن يكون على حساب مخيماتنا وشعبنا وأشقائنا اللبنانيين»، وهو ما اعتبرته غطاء سياسياً.
بالمقابل، تؤكد أوساط «حماس» أن «فتح» ضربت قرارات الاجتماع الثنائي الذي عقد في السفارة الفلسطينية بعرض الحائط، واتُّفق فيه على الالتزام الكامل بتثبيت وقف إطلاق النار سواء في هيئة العمل الفلسطيني المشترك أو مع الجانب اللبناني، وبحديث عزام الأحمد، عقب لقائه رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، عن «مهل للتسليم وسقف زمني ليس طويلاً»، وصولاً إلى أنّ «كل الخيارات مطروحة أمامنا واتفقنا عليها ونحن نفضّل خيار العقل».
وعلى وقع الخلافات، شكّل بري محور اللقاءات، إذ التقى وفداً قيادياً من «حماس» برئاسة أبو مرزوق ثم وفداً قيادياً من «فتح» برئاسة الأحمد، الذي أكد أنّه لا بد من وقف اطلاق النار والالتزام به من أي جهة كان، لأنّ المؤامرة كبيرة على المخيم وعلى مستقبل القضية الفلسطينية، قائلاً: «مستعدون على الفور للتهدئة ووقف اطلاق النار ومستعدّون أن نتحمّل في سبيل أمن واستقرار المخيم وصيدا والغازية، ولكن من حقنا أيضاً أن نتصدى لهؤلاء الخارجين على القانون». ودان أبو مرزوق كل عمليات إطلاق النار واعتبرها «عمليات مشبوهة لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية».
قائد الجيش
وفي خطوة حملت أكثر من رسالة ودلالة، تفقد قائد الجيش العماد جوزاف عون لواء المشاة الأول حيث زار قيادة اللواء في ثكنة محمد زغيب - صيدا واجتمع بالضباط والعسكريين واستمع إلى إيجاز حول المهمّات المنفذة في ظل الاشتباكات الدائرة داخل المخيم، منوّهاً بصمود العناصر واحترافهم وتضحياتهم في أداء الواجب، بخاصة خلال الظروف الاستثنائية الحالية في قطاع مسؤولية اللواء. وعلى المستوى الصيداوي، من المقرّر أن يُعقد في منزل أمين عام «التنظيم الشعبي الناصري» النائب اسامة سعد اجتماع دعا اليه نواباً ومرجعيات دينية إسلامية ومسيحية وفعاليات سياسية واقتصادية واجتماعية، لاتخاذ الموقف المناسب من تداعيات الأحداث الخطيرة في عين الحلوة. وعقد سعد اجتماعاً مع نائب رئيس المكتب السياسي لـ»الجماعة الإسلامية» في لبنان بسام حمود في مركز الجماعة في صيدا. ووجهت مدير عام «الأونروا» في لبنان دوروثي كلاوس نداء إلى جميع الأطراف في مخيم عين الحلوة لوقف إطلاق النار واعطاء الأولوية للسلام.
وأدّت الاشتباكات على محور حطين – جبل الحليب، والبركسات – بستان القدس – الطوارئ، قبل توقفها أمس إلى سقوط 9 قتلى واكثر من 37 جريحاً توزّعوا بين مستشفيات الهمشري (8 قتلى و14 جريحاً)، الراعي (قتيل و5 جرحى) والنداء الانساني (18 جريحاً).