صيدا سيتي

خليل المتبولي : املأ الفراغ ...

صيداويات (أخبار صيدا والجوار) - السبت 05 تشرين ثاني 2022
X
الإرسال لصديق:
إسم المُرسِل:

بريد المُرسَل إليه:


reload

خليل إبراهيم المتبولي

املأ الفراغ بما تراه مناسبًا ، وما هو المناسب الذي سنملؤه ؟ وكم من فراغٍ وفراغ سنظلّ نملأ ؟ ومَن الذي يراه مناسبًا ليمتلئ ، نحن أم هم ، الداخل أم الخارج ؟ هل نحن نعرف أن نملأ هذا الفراغ أم أننا نريد أحدًا كي يساعدنا في تعبئته ؟ لقد تعبنا من الفراغات ، لأنها حالة من الضياع تؤرقنا وتجعلنا نتخبّط فيما بيننا ...
إننا في بلد التعدّدية الطائفية ، وكل طائفة لها حزبها تستقوي بالخارج لتفرض سيطرتها ونفوذها كي تملأ الفراغ المناسب لها وللخارج المسيّرها . كلّ طائفة ترى أنها تريد أن تملأ الفراغ بما يتناسب مع طروحاتها وأيديولوجيتها ونظريتها في الحُكم ، وتسعى لفرض هيمنتها .
فراغ في الرئاسات ، فراغ في الحكومات ، فراغ في الإدارات ومراكز القوى ، فراغ وراء فراغ . كلما يأتي استحقاق رئاسيّ أو حكوميّ نظلّ لأشهر ولسنوات نتخبط كي يمتلأ الفراغ . نقول ونطمح إنه من الممكن أن يأتي الرجل المناسب في المكان المناسب ، إنما ما يحصل أنه يأتي الرجل المناسب لطائفة مناسبة أو لحزب مناسب ، ونعيش في صراعات ودوّامات لا حدود لها . 
املأ الفراغ بما تراه مناسبًا ، هذا الفراغ الذي نوجده نحن من خلال تعنّتنا وتشبّثنا بما يتلاءم مع تعصّبنا وتأليهنا للأشخاص ، الذين نريد أن نملأهم في هذا الفراغ . إنّ ما حصل عبر برنامج حواري تلفزيوني ينمّ عن عدم وعي وإدراك وحس وطني ، وهو دليل على عمق التعصّب والتأليه للأشخاص ، واعتبار القوّة برهان على إثبات الوجود والحضور ، إنّ ما حصل هو بعيد كل البُعد عن التعايش والحوار والسلم الأهلي . إن كان هؤلاء الأشخاص الذين يدّعون الوعي والمعرفة والثقافة والعلم قد فعلوا ما فعلوه من بلطجة وفرض رأيهم بالقوّة ، رغم ادعائهم أنهم أهل حوار ، إنما تبين أنهم أهل هيمنة وتسلّط ، فكيف للناس العامّة سيتحاورون ويتناقشون ؟ كيف تتصورون سيكون وضع الشارع ؟ إنّ ما حصل خطيرٌ جدًا ، ولا أمل في تعبئة أي فراغ . 
كيف نملأ الفراغ ونحن عاجزون عن تنظيم شؤون حياتنا ودولتنا سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا ، إن هذا العجز تفرضه المعتقدات والموروثات والسيطرة الطائفية والمذهبية ، هذا العجز مرتبطٌ بظروفنا وأحوالنا وشروط ثقافتنا ، هناك العودة دائمًا إلى منطق القوّة والهيمنة والسيطرة . إنّ مفهوم الدولة لا يمكن أن يستقيم ولا بأي شكلٍ من الأشكال مع ما يطرحه الطائفيون والمذهبيون ، فمن غير المعقول أن تُبنى الدولة بمفهومها الحقيقي على سياسة الهيمة والقوة وسياسة إقصاء الآخر . تكون الدولة دولة من خلال العقل الحر المنفتح ، ومن خلال المؤسسات ، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، وتكون الحاضنة لجميع أبنائها .
املأ الفراغ بما تراه مناسبًا ... يا لهذا الفراغ الذي يضرب عقولنا ، وحياتنا ومجتمعاتنا ! .. الفراغ اليوم يسجّل انتصارًا مبينًا ، وفوزًا ساحقًا ، وأمرًا واقعًا ... على أمل أن يُملأ الفراغ بوحدتنا وتعقّلنا وبإرادتنا ، وأن لا يصبح الفراغ رئيسًا ...


 
design رئيس التحرير: إبراهيم الخطيب 9613988416
تطوير و برمجة:: شركة التكنولوجيا المفتوحة
مشاهدات الزوار 981125206
لموقع لا يتبنى بالضرورة وجهات النظر الواردة فيه. من حق الزائر الكريم أن ينقل عن موقعنا ما يريد معزواً إليه. موقع صيداويات © 2024 جميع الحقوق محفوظة