غياب الإحتجاجات في صيدا... وصمود الذكرى
يختصر مشهد مصرف لبنان في صيدا صورة ما آلت اليه انتفاضة 17 تشرين الاول 2019، بعد ثلاث سنوات على اندلاعها، كتل اسمنتية تحيط به، وشعارات تتداخل بين الثورة ورفض الفساد والاحتكار والخصخصة ونهب الثروات، مصحوبة بدعوات الى النهوض ومقاومة سلطة الفساد.
يبدو مشهد المدينة مختلفاً تماماً عن السابق في الذكرى السنوية لانتفاضة تشرين الاول، هدوء يخيم على الشوارع والساحات التي احتضنت التحركات الاحتجاجية، وقد غابت عنها اليوم وبقيت الذكرى. فعند تقاطع ايليا بقي شعار "الثورة راجعة"، "اعرف ان للحكاية اسماً واحداً الثورة"، الى جانب صورة لفقيد الشباب رام هشام قلوط وقد قضى في حادث سير مروع وكان واحداً من الناشطين في الحراك.
وعلى مقربة من "ساحة الثورة"، استبدل مشهد احتجاج بآخر عنوانه الازدحام امام ابواب المصارف، طوابير من المودعين تنتظر دورها للحصول على الكوتا الشهرية بعدما احتجزت اموالها من دون وجه حق، ويقول علي القنواتي لـ"نداء الوطن": "كأنه عقاب لكننا لن نيأس، وسنواصل مسيرة نضالنا المطلبي حتى العيش بكرامة بعيداً من الفساد والمحسوبية"، مشيراً الى ان "مشهد المصارف وهي محصنة بالابواب الحديدية الضخمة دليل خوفها لانها على يقين ان ما تقوم به اجراء ظالم وتخشى العقاب".
غياب التحركات عن الساحات ليس دليل يأس وضعف، وتقول الناشطة هانية الزعتري التي ترشحت لخوض الإنتخابات النيابية عن أحد مقعدي صيدا السنّيين ضمن لائحة "نحن التغيير" المدعومة من إئتلاف 17 تشرين للتغيير: "ان ليس المطلوب ان تبقى التحركات الاحتجاجية على مدار الوقت في الساحات، فالثورة لها متطلبات أخرى في رص المواقف والتوعية ورفض الخضوع للامر الواقع"، واعتبرت ان انتفاضة تشرين الاول "حققت اولى خطوات الانتصار بفوز 13 نائباً على امتداد لبنان"، مؤكدة "ان التغيير مسيرة طويلة ولا يتحقق دفعة واحدة، خاصة اذا كنا نعيش في نظام سياسي مثل لبنان، متجذّر بالتحكّم بمفاصل الدولة من الألف الى الياء، نحن الآن نعيش في مرحلة انتقالية وننتظر الوقت المناسب لتحقيق المزيد من أهدافنا في التغيير ووقف الفساد واستعادة الاموال المنهوبة، والمهم ان لا تنطفئ الثورة في النفوس وإن غابت عن الارض لاسباب مختلفة".
ويعتقد ناشطون ان التغيير في تشرين الأول قد بدأ ولن يتوقف، والذكرى السنوية الثالثة تختلف عن سابقاتها. ويقول محمود سعدية لـ"نداء الوطن": "نأمل في أن تكون نهاية العهد بداية جدية لنهوض لبنان من ازماته الاقتصادية والمعيشية عبر ثروته البحرية، انها الملاذ الاخير لنا للخلاص من كل عذاباتنا الطويلة".
واللافت في الذكرى، ان التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي غابت خلافاً للسنتين السابقتين، وتكاد تكون محصورة بقلة من الناشطين، وكأن الناس مشغولة بهموم أخرى سعياً وراء لقمة العيش ولم تعد قادرة على الوقوف عند المناسبات او الاحداث، بينما يقول الناشط في الحراك الصيداوي اسماعيل حفوضة: "17 تشرين كانت محاولة، قطرة الماء تثقب الصخر، ليس بالقوة إنما بتكرار المحاولة".
المصدر | محمد دهشة - نداء الوطن
الرابط | https://tinyurl.com/yj8mbuex