صيدا سيتي

في عيد العمال من ميناء صيدا.. بحر يافا ينادي على أصحابه

X
الإرسال لصديق:
إسم المُرسِل:

بريد المُرسَل إليه:


reload

بين ميناء يافا في فلسطين وموانئ لبنان قصة تتوالى فصولها بين جيل وآخر من عائلة السعدي الفلسطينية التي فرقتها نكبة 1948، أجداد وآباء ركبوا البحار وواجهوا في عرضه المخاطر والتحديات من أجل لقمة عيشهم .. يلقي الفلسطيني نمر ديب السعدي الذي يعمل صيادا منذ أكثر من 30 عاما في ميناء صيدا شباكه في المياه ويقول: "مهنتي تختزن الذكريات الأليمة والسعيدة معا"، ثم يعود ليرد الجميل للبحر بكلماته الصادقة والعفوية: معك أنا لا أنحني إلا لرب العالمين والرزق فيك هو موزعه.
قصة من بين آلاف قصص الفلسطينيين في الشتات يسردها نمر علينا من على قاربه: كان لدى جدي مركب ينقل عليه الزيت والزيتون من فلسطين إلى موانئ طرابلس وجبيل وصيدا، رحلة المركب كانت تعود عليه بليرتين ونصف الليرة من العملة الفلسطينية، لا يمكنه صرفها إلا لدى بائعي المجوهرات لأهميتها، كان يصطحب معه والدي (12 سنة) الذي كان يساعده في عمله وأحيانا يعمد إلى تركه في بيت عمتي المتزوجة في طرابلس لقضاء بضعة أيام، وقعت نكبة 1948 ولم يعد بإمكان والدي العودة إلى فلسطين ، ما اضطر والدي للعيش في لبنان.
يتابع: كبر والدي وكان عمره 14 عاما حين بدأ بصيد السمك في ميناء صيدا، المدينة التي سكنها بعد زواجه من أمي الطرابلسية في بيت استأجره في حي السبيل، كانت القوارب في البداية يحركها الشراع والمجاديف، اشترى بعدها والدي قاربا بمحرك، وقد اعتاشت العائلة (7 أولاد) من رزق البحر.
ترك الانفصال القسري عن الأهل أثرا كبيرا في حياة ديب السعدي الأب، فلم يتردد بالعمل النضالي، وراح عبر زورقه ينقل الفدائيين إلى فلسطين لتنفيذ العمليات ضد الاحتلال، ومن بينهم فدائيو عملية نهاريا، ما لبث الإسرائيليون بعد فترة قصيرة أن اعتقلوا والدي من زورقه قبالة دير الزهراني لمدة 17 عاما قضاها في سجن "عتليت". ورغم حكمه بالمؤبد، فك أسره عام 1986 وتم نقله بواسطة الصليب الأحمر إلى الناقورة، كان يبلغ من العمر حينها 60 عاما ووضعه الصحي سيئ للغاية، صادف هذا مع الذكرى الأربعين لوفاة أمي، وقد فارق الحياة بعد شهر واحد لنعلم بعدها من أحد الأطباء أن جسمه كان مسمما.
يعود نمر بالذاكرة إلى أيام الطفولة حين بدأ بعمر الأحد عشر عاما يساعد والده بالصيد بعد انتهاء دوامه المدرسي، يغسل له القارب ويفرغ المياه منه، يتعلم خياطة الشباك وتحضير أدوات الصيد.. ومستذكرا أمه: كلما علمت بخطورة رحلة من رحلاته كانت تأتي بنا إلى هذا الميناء لننتظره.
يعمل نمر اليوم مع أحد إخوته "يافا" في ميناء صيدا بينما يعمل الأخ الثالث لهما "محمود" في مرفأ الجية، يمتلك (نمر) قاربا متوسطا يعتاش منه وعائلته كما كان والده ولا يعود إلى منزله إلا صباحا بعد أن تنتهي رحلة صيده، أيام تكون رزقتي قليلة، يقول، ولكن الحمد لله دائما ربي يعوض علي في أيام أخرى، أكون أحيانا فيها بأمس الحاجة لتسديد بعض المستحقات المعيشية.
يعايد نمر العمال في عيدهم متمنيا لهم الصحة والعافية، ويتحدث عما يعانيه العمال الفلسطينيون من إجحاف والصيادون منهم، فهم بحاجة إلى الضمان الصحي قبل كل شيء أو التأمين. 
يطالب نمر وكالة "الأونروا" بإصدار بطاقة تتيح للصياد وعائلته العلاج في المشافي، ويلفت إلى حرمان تملك الصياد لقاربه وتسجيله على اسمه لدى رئاسة الميناء، وفقط لأنه فلسطيني فإن قاربه يقيد باسم زوجته اللبنانية بنسبة 51% و49% باسمه علما أنه يدفع رسوم الميكانيك عن تشغيل القارب بالكامل.
وهذا ناهيك عن عدم الإجازة للفلسطينيين بتملك البيوت وحقوق أخرى ما زالوا محرومين منها رغم أن الأغلبية ولدوا في لبنان، تحت ذرائع التوطين وغيرها.
ويشكل الفلسطينيون نسبة 30% من عمال ميناء صيدا، واللبنانيون ليسوا بأحسن حال، يضيف نمر، فقد أدت الأزمة الاقتصادية إلى تخلي نسبة 10% من الصيادين عن عملهم بسبب غلاء المواد التي تحتاجها مهنة الصيد، وفي مثال، علبة السنانير المكونة من 1000 حبة، زاد سعرها من 1500 ليرة لبنانية إلى 65 ألف ليرة لبنانية.
نمر الذي عاش حياته في صيدا يصف أهلها بالطيبين، والعلاقة مع زملائه في الميناء بالأخوية، يختم لـ "الحياة الجديدة ": عيناي دائما شاخصتان إلى فلسطين، ولو كتب لي أن أعود فسأعود مع عالئتي على هذا المركب، هذا كل ما أملكه هنا، وكل ما أطلبه أن أختم حياتي في فلسطين..هناك الجسد سيرتاح.
المصدر| هلا سلامة - الحياة الجديدة
الرابط| https://tinyurl.com/3492dxr9


 
design رئيس التحرير: إبراهيم الخطيب 9613988416
تطوير و برمجة:: شركة التكنولوجيا المفتوحة
مشاهدات الزوار 981685229
لموقع لا يتبنى بالضرورة وجهات النظر الواردة فيه. من حق الزائر الكريم أن ينقل عن موقعنا ما يريد معزواً إليه. موقع صيداويات © 2024 جميع الحقوق محفوظة