صيدا سيتي

الشيخ عبد الله حلاق .... قائدا مؤسسا ومجاهدا | بقلم الشيخ جمال خطاب

صيداويات (أخبار صيدا والجوار) - الأربعاء 23 آذار 2022
X
الإرسال لصديق:
إسم المُرسِل:

بريد المُرسَل إليه:


reload

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين .

كثيرة هي الجوانب المشرقة في شخصية الشيخ عبدالله رشيد حلاق . فمن الناحية الخُلقية ، هو يتصف بأدب جم وحياء كبير وحلم وصبر وتواضع وعفة . ومن الناحية العلمية هو شخص مثابر في التحصيل والطلب ، لذلك استمر في تحصيل العلوم الشرعية والدراسات الاسلامية ، حتى حاز على شهادة الليسانس ثم الماجستير ثم الدكتوراة من كلية الامام الاوزاعي ، رغم مسؤولياته القيادية والاسرية .
لكن ما احببت ان اسلط الضوء عليه هو الجانب الجهادي من شخصية الشيخ رحمه الله كقائد مجاهد .
 عرفت الشيخ الدكتور عبدالله رشيد حلاق ، قبل نحو خمسين سنة ، وكان ذلك في بداية تأسيس الحركة الاسلامية المجاهدة. و ذلك عندما اتفق هو وثلة من اخوانه ، على تأسيس حركة اسلامية تتبنى العمل الجهادي لتحرير فلسطين . كان ذلك بإشراف فضيلة الشيخ ابراهيم غنيم ، رحمه الله ، المرشد العام للحركة وبقيادة الشيخ حامد ابو ناصر حفظه الله تعالى أمير الحركة الأول. حتى ذلك الوقت كانت كل الفصائل العاملة في الساحة الفلسطينية تتبنى الفكر الشيوعي او القومي او الوطني ، ولم يكن بينها أي فصيل يعمل من منطلق اسلامي . عُرض عليَّ العمل في الحركة فقبلت ، وبدأت عند ذلك العلاقة مع الشيخ عبد الله رحمه الله . كان عمري في ذلك الوقت أربعة عشر عاما وكان الشيخ في الواحد والعشرين من عمره . وما زلت اذكر أول درس ديني تلقيته على يديه سنة 1974 ، والمكان الذي حصل فيه . لم يكن ذلك الدرس في مكان معتاد ، كان في قاعدة عسكرية للتدريب والاعداد الجهادي ، في بلدة تفاحتا في جنوب لبنان . حيث كنا نتلقى التدريب العسكري إلى جانب المحاضرات ، من كتاب معالم في الطريق و كتاب في ظلال القرآن لسيد قطب رحمه الله. ولأننا كنا طلابا في المدرسة  كنا نغتنم يوم الاحد وايام العطلة المدرسية  للتدريب ، واذكر ان احدى الدورات كانت في عطلة العيد . 
استمر الإعداد وحصلت مشاركات في عدة اعمال جهادية ، منها المشاركة في مواجهة الاجتياح الصهيوني الأول للبنان  سنة 1978 ، حيث وصل العدو الصهيوني الى مشارف  الليطاني ، دون ان يتمكن من النزول الى الخط الساحلي . وجاء الاجتياح الثاني والاكبر سنة 1982حيث اجتاح العدو الصهيوني لبنان من الجنوب حتى بيروت . ولأن نشأة الحركة الاسلامية المجاهدة وتمركزها كان في جنوب لبنان ، فكانت المواجهة في الجنوب في مخيم الرشيدية ومخيم عين الحلوة ، ومنطقة القاسمية حيث استشهد القائد ابو بكر الحافي في مواجهة دبابات العدو الصهيوني. لكن المواجهات الأكبر كانت في مخيم عين الحلوة ، بحكم موقع المخيم وتعداد سكانه والقوى المتواجدة فيه .

 كان الشيخ عبدالله رحمه الله يسكن في ذلك الوقت في منطقة الفيلات في عين الحلوة ، نزل الى المخيم ووزع الاخوة للقتال بين عين الحلوة وصيدا . حصل قتال شرس في مخيم عين الحلوة ، شارك فيه اخواننا مع مجموعات من فصائل فلسطينة اخرى والتي قاتلت في ذلك الوقت الى جانب بعضها البعض ، حيث دُمر للعدو الصهيوني العديد من الدبابات وقُتل العديد من جنوده في المخيم . حتى ان العدو الصهيوني وصل الى بيروت وحاصرها قبل ان يسقط مخيم عين الحلوة الذي دمر تدميرا كبيرا ، بمساجده التي كان المجاهدون ينطلقون منها ، ومدارسه وبيوته . رغم كل ذلك  لم يرفع المجاهدون فيه الراية البيضاء ، وانما استشهد البعض وانحاز البعض مؤقتا الى خارج المخيم . وهنا بدأت المرحلة الاكبر في جهاد الشيخ رحمه الله . إذ بعد ان سيطر العدو على مدينة  صيدا ، واطمأن الى احتلاله لها بدأ الإعداد للعمليات الأولى ضده . وجرى الاتفاق بين الشيخ عبدالله والشيخ يوسف المسلماني رحمهما الله ، على القيام بعمليات مشتركة . وكانت أول عملية ضد باص ينقل جنودا وضباطا صهاينة الى سراي صيدا حيث حولها العدو الى مقر للحاكم العسكري . وبدأت بعد ذلك العمليات العسكرية المتتابعة التي آلمت العدو الصهيوني . وبعد اعتقال احد الاخوة وبعد التعذيب الشديد  ، اعترف على الشيخ عبد الله رحمه الله وعلى الشهيد فوزي آغا ، الذي كان المسؤول العسكري. جهز العدو الصهيوني قوة لاعتقال الاثنين ، لكن الشيخ عبد الله استطاع أن يخرج من باب خلفي لمنزله ، اما الشهيد فوزي آغا فتم محاصرة منزله ، في منطقة الفيلات، ورفض ان يستسلم لهم ، فاشتبك معهم الى ان استشهد . لكن مسيرة الشيخ رحمه الله لم تتوقف بل انتقل الى بيروت ، ومن هناك بدأت قيادة العمليات العسكرية من قبل الشيخ رحمه الله. في بيروت. كان الشيخ يسكن في منزل متواضع في حي الداعوق ، وكانت اللقاءات تتم هناك مع القوى المجاهدة الأخرى التي انطلقت حينئذ مثل قوات الفجر بقيادة الشهيد جمال الحبال رحمه الله تعالى . وكان يتم التعاون والتنسيق في الدعم للعمليات الجهادية حيث  استمر الاخوة في جهادهم ضد العدو الصهيوني وعملائه . مما ادى الى استشهاد بعض الاخوة مثل ثائر عبد الله ، وجرى اعتقال آخرين منهم : الاخوة ابو محمد بلاطة وابو محمد جمعة  واسعد المقدح ، والشيخ هشام شريدة رحمه الله، الذي كان حينها من كوادر الحركة ، وعبد الله الشايب وابو مصعب عبدالله وآخرون. ونتيجة المقاومة الشرسة قرر العدو  الصهيوني الانسحاب من صيدا . عاد الشيخ رحمه الله بعد  ليقود المسيرة مجددا ضد عملاء العدو الصهيوني الذين اعتدوا على صيدا ومخيماتها ، في معارك شرق صيدا  حيث اصيب فيها بعض اخوانه. واستمرت المواجهة الى ان اندحر هؤلاء العملاء . وبعد اندلاع حرب المخيمات كان للشيخ رحمه الله دور في اطفاء نار هذه الفتنة ، حيث جرت زيارة مخيم صبرا و شاتيلا بعد الحصار الأول ، ومخيمات صور ، والتقى مع العديد من القيادات اللبنانية الى ان تم اطفاء نار هذه الفتنة .  وبعد اتفاق الطائف ، تغيرت الاوضاع والظروف في لبنان وانتقل الشيخ رحمه الله الى جهاد من نوع آخر ، وهو جهاد الدعوة والقلم  ، اضافة الى جهاد السنان والسيف.   فساهم في انشاء المؤسسات التعليمية والشرعية واعداد الاجيال المؤمنة بربها المستعدة لحمل أمانة الدعوة والاعداد  . فأنشأ أول معهد شرعي في مدينة صيدا ، وأول رياض اسلامية للأطفال في المخيمات ، اضافة الى مشاركته في تأسيس مجالس واتحادات وهيئات علمائية ووقفية، وجمعيات خيرية، ومؤسسات تعنى بالقضية  الفلسطينية ومراكز ابحاث ودراسات .
ظل الشيخ مثابرا في عمله ، جادا في دعوته وجهاده ، من غير تعب ولا كلل ، وكثيرا ما كان يردد (من تعب فليسترح).
هو لم يتعب ولكنه  الموت الذي كتبه الله على عباده .
 رحم الله شيخنا واستاذنا الشيخ والدكتور عبد الله حلاق واسكنه فسيح جناته ، وإنا لله وانا إليه راجعون.

الشيخ جمال سليمان خطاب


 
design رئيس التحرير: إبراهيم الخطيب 9613988416
تطوير و برمجة:: شركة التكنولوجيا المفتوحة
مشاهدات الزوار 980970475
لموقع لا يتبنى بالضرورة وجهات النظر الواردة فيه. من حق الزائر الكريم أن ينقل عن موقعنا ما يريد معزواً إليه. موقع صيداويات © 2024 جميع الحقوق محفوظة