مطاع مجذوب يرثي أبو وحيد كالو
رحل أبو وحيد عن عمر حافل بالنشاط... النشاط الذي لا يعرف الكلل ولا يقف عند حدود، فقد خاض في مختلف مجالات العمل الإنساني والاجتماعي والاقتصادي والتربوي، في حقبة من عمر صيدا يكتب له فيها أنه رجل من رجالات صيدا، حيث كانَ مع مجموعة من أقرانه رجالاً ونساءً كانت لهم بصمة في هذه المدينة الحبيبة صيدا.
لن أتكلم عن تاريخه الاقتصادي، وهو من أسس معمل الصابون اشتُهر بصابون عربي، الذي أعطى للصابون المحلي عنواناً كُتب له النجاح والدخول كل بيت في صيدا وخارجها، ومن ثم طور أولاده المصنع بطريقة تواكب تطور هذه المهنة بأنواع متعددة من المنتجات، فهذا ليس مجالي في التحدث.
أتكلم عن أبي وحيد، وقد تعرفت عليه في التسعينات من القرن الماضي حينما دُعيت الى لقاء مع شخصيات صيداوية لمشروع إنشاء أبنية سكنية لذوي الدخل المحدود من أبناء صيدا، الذين بدأوا تأسيس أول بيت لهم عند الزواج . لم أكن أعرف خلفية هذا المشروع، ولكنَّ ما شدني اليه هو فكرة تأمين بيت يشكِّل نواةً لانطلاق المبتدئين في مسيرة حياتهم الزوجية. كان من أوائل المتحمسين للمشروع، وقدَّمَ الأفكار تلو الأفكار خدمةً لهذه الفئة من الناس التي لا حول لها وهي في بداية طريقها لتأسيس حياة كريمة.
هذا، وكنت أتابع من بعيد أعمالَه في ترميم مساجد صيدا القديمة بتقدمه من الشهيد رفيق الحريري رحمة الله عليهما، وكيف كان يتابع عمله بجد وإخلاص في ترتيب تفاصيل الأمور لتحويل هذه المساجد إلى آية في شكلها الخارجي والداخلي تَبرُزُ من خلالها قيمة هذه المساجد التاريخية بكل ما فيها من فن عمارةٍ تراثيةٍ جميلة.
كما تعرفت عليه في مسجد حمزة حيث كان له دور في بنائه ومتابعة شؤونه، من خلال مجلس إدارته لسنوات وسنوات.
كان تواصلي المباشر معه في مجلس إدارة المركز الثقافي الإسلامي مدارس الإيمان، حيث تعرفت عليه مع الأساتذة الأفاضل؛ الأستاذ مصطفى الزين والأستاذ طالب طالب حمامها الله ورعاهما، حيث كنا في المجلس برئاسة الدكتور هلال ابو زينب ننظر إلى الأعضاء الثلاثة على أنهم امتداد لتاريخ المدرسة، ونقدم آراءَهم على كل رأي، حيث أمضَوا لأكثر من ثلاثين سنة في خدمة هذا الصرح المتين الذي خرَّج الآلاف من الطالب يجمعون بين علمهم ودينهم.
رجل نجح في عمله، وبصماته واضحة في مختلف المجالات التي فيها خير صيدا وأبنائها على كل صعيد.
إن من حقه علينا أن نقف له إجلالاً وتقديراً، أن نقف لهذا الرجل الذي لم يكن يتوانَ عن خدمة مدينته الطيبة صيدا التي أحبها وأحبته.
هذا قليل مما قدمه أبو وحيد لمدينته، كما كانت له مع أبناء مدينته مواقف كثيرة تمثلت برفع الظلم عنهم ومواساتهم.
رحم الله أبا وحيد، وأسأله تعالى أن يتقبله عنده بواسع مغفرته إنه سميع مجيب.
بقلم: مطاع مجذوب - أبو الوليد