الدكتور وائل ميعاري... طبيب انساني بإمتياز وطني
إسم على علم، وعلم من اعلام فلسطين، غني عن التعريف والتقديم، دكتور الفقراء والانسانية، الدكتور وائل كايد ميعاري، أكثر من ثلاثة عقود أمضاها في دائرة الصحة في وكالة "الاونروا" في لبنان طبيبا، متنقلا بين المخيمات الفلسطينية وعياداتها والمستشفيات المتعاقد معها لمواكبة المرضى وتخفيف المعاناة الصحية وما أكثرها، وقد تنقل في مناصب عديدة بين مخيم عين الحوة، وصيدا وبيروت، وأصبح رئيسا لقسم الصحة في منطقة صيدا منذ اعوام قليلة، الى بلوغ السن القانوني وتقاعده وانتهاء خدمته في وكالة "الأونروا".
التقاعد دون التعاقد معه، وفق رغبة الكثير من ابناء المخيم واللجان الشعبية والاحياء والقواطع والناشطين والحراك الشبابي والمبادرات، والاستغناء عن خدماته الطبية في ظل ظروف صحية غاية في الصعوبة لجهة جائحة "كورونا" وقد تابع تفاصيلها لحظة بلحظة، ووصل الليل بالنهار لتفادي المخيمات تفشي كورونا والشرب من كأس المر ، يستدعي ايفاء هذا الانسان حقه وتسليط الضوء على جانب من مسيرته وخدماته التي وصفها في كل المناسبات بانها اقل الواجب الوطني في خدمة الناس وخاصة داخل المخيمات، محطات الانتظار على طريق تحرير فلسطين والعودة.
الدكتور وائل ميعاري، طبيب الفقراء والانسانية، يعرفه ابناء كل المخيمات الفلسطينية من جنوبه الى شماله وفي القلب منهاعاصمة الشتات – عين الحلوة، حيث مسقط راسه ومئله وعزوته، هو سليل العائلة الوطنية من بلدة عكبرة، والده الاستاذ كايد واحد من الرعيل الاول من جيل المربين، وأحد اركان التربية والتعليم في وكالة "الاونروا" ومديرا لمدارسها في المخيم، وشقيقه الطبيب محمد والسيرة تطول.
نعم، سيرته العطرة تسابق شهرته، وقد عرفته منذ ثلاثة عقود أخا وصديقا وطبيبا ماهرا، وواكبته في كثير من المحطات المفصلية والصعبة في خدمة الشعب الفلسطيني، وقد دفع ثمنا كبيرا في مسيرته المهنية داخل أروقة "الاونروا" في نظافة كفه وشفافيته وصدقه دون التفاف ومحاولته تقديم افضل رعاية صحية للمرضى ورفضه التخلي او الابتعاد عن اخوة واصدقاء شكلوا مصدرا لازعاج لمدرائها ولمسؤوليها في دفاعهم عن حقوق الناس ومطالبتهم بتحسين الخدمات كافة، كان يستحق ان يتبوأ مناصب أرفع منذ زمن بعيد ولكن لكل شيء حساب بين الثواب والعقاب. وهو في الاصل لم يكن يبغي المناصب ولا يسعى اليها وكان قادرا على ذلك لو اراد المساومة او عقد الاتفاقات من تحت الطاولة.
نعم، الدكتور وائل، كان من الاوائل الذين ساهموا في تقديم افضل الرعاية الصحية في المخيم الى جانب وظيفته، فهو اول من افتتح مشروعا طبيا متكاملا "العيادات التخصصية" ومختبرا، وتعاقد مع اطباء اخصائيين وباسعار رمزية، وكان جسرا للتواصل مع الاطباء اللبنانيين المخضرمين، تعاقد مع بعضهم، حضروا الى العيادات وعاينوا المرضى في وقت كان فيه الدخول الى المخيم محاطا بهالة كبيرة.
غياب الدكتور وائل عن عيادات "الاونروا" في المخيمات وصيدا ومكتبها الرئيسي في الهلالية سيترك بلا شك فراغا كبيرا لا يمكن سده بسهولة وهو الحكيم المخضرم، المطلع على ملف الصحة بكل تفاصيله وصعوباته وتعقيداته، ونحن نحتاج الى امثاله المتفانين لنشعر بالامن الصحي في وقت تتجه فيه الامور الى الاسوأ مع العجز المالي في موازنة "الاونروا" وتداعيات الحرب الجديدة بين روسيا واوكرانيا، واستمرار جائحة "كورونا" وان بوتيرة أقل خطورة.
دكتور وائل، الطبيب والانسان الخلوق والانيق والمتألق دوما، يغادر وظيفته وهو راض ومرتاح الضمير، وقد ادى قسطه من العلى والخدمة، وقد بدأ يلمس محبة الناس واحترامهم وتقديرهم له، باسمي وباسم المخيم وكثير من ابناء المخيمات في لبنان وكل المرضى الذين ضمدت اوجاعهم وبلسمت جراحهم ووقفت معهم في شدتهم ومحنتهم، كأخ وصديق قبل ان تكون طبيبا نقول من القلب شكرا لك.. وتستحق كل احترام وتكريم كعربون وفاء وتقدير.
المصدر| محمد دهشة