الشهاب في يوم (الصناعي)!
خُلق الإنسان عالماً صناعياً! ويُسرَّ له سبيل العمل لنفسه، وهداه الرّب للإبداع والإختراع وقدَّر له الرزق من صنع يديه بل جعله ركن وجوده، ودعامة بقائه!
فهو على جميع أحواله و... ضيق يديَّه: وسعة، وخشونة تبدو منهما حضارة أعماله في أكنانه ومساكنه و هي ليست إلاَّ مظاهرة لتقديره وتفكيره، وجميع ما يتفنَّن فيه من دواعي مستقبله إنّما هي صور أعماله، ومجال أفكاره، ولو نقض يديه من العمل لنفسه ليستجديها نفعاً من حياة لشحت به عليه بل دفعته إلى هاوية العدم؟
وهو في صنعه وإبداعه محتاج إلى أستاذ يثقفه، وهادٍ يرشده، فكما يعمل لتوفير لوازم معيشته وحاجات حياته يعمل ليعلم كيف يعمل كحاجة العامل لآلة العمل في تحضير مأكله ومشربه وملبسه ومسكنه.
وفي أحواله النفسيَّة من الإدراك والإنفعالات نجده فيها أيضاً عالماً صناعياً في صبره وشهامته وما يشابهها من الكمالات والنواقص جميعها تابع لما يصادفه وما يودع في نفسه من أحوال الذين نشأ فيهم وبينهم في مرامي أفكاره ومناهج ميله ومطامح رغباته وركونه إلى البحث في الخواص وعنايته بإكتشاف الحقيقة في كل شيء أو وقوفه عند بادي الرأي فيه وكل ما يرتبط بالحركات الفكرية هي ودائع إختزنها لنفسه في زمانه حيث يكتمل مآلها بأنواع المزاج وشكل الدماغ في الإستعداد والقابلية!
وكما كان الميلُ لكل جديد أمراً فطرياً.. كان الأمل و ثقة النفس أمراً بالوصول إلى الغاية غير أنّ ثبوتهما يكون في وسائل التنافس لأعظم صناعي باحث على بلوغ ما تسعه الطاقة!
وفي ذلك الأثر ما ينطبع في النفس من أحوال وأفكار تتجدد عن أخرى وتتولد فيه صفات تسمو وهمماً تعلو حتى يفوق اللاحقون السابقين من آثار الإكتساب!
والحق أنّ الإنسان فيه ثمرة ما غرس وبنتيجة ما كسب فهو مصنوع و صناعي يبتغي رفعة المكانة في نفوس الأمم و سواها.. يلاقي في الوصول وعراً و عقبات تصدر عن البحث و مع هذا لا يضعف حرصه و لا ينقص ميله يعاني صعاباً حتى يرقى و لو قام في وجهه مانع، يتبع سيره ما دام حيّاً فالإنسان في عقله وصفات روحه عالم صناعي! صُبغ بحب الغلبة وطلب كل وسيلة إلى ما يسهل له سبيلها والسعي إليها بقدر الطاقة البشرية فضلاً عن التنافس المتسع بالتزاحم في الأعمال و التزاحم في الآمال، شأن الصناعة في المكان الأول من النظر و الدرجة الأولى من الإعتبار.
ومن هنا لا يستغرب عارف بحقيقة الأمر إذا عمد الإنسان إلى قصد لا يفتر في طلبه وعلو الهمم تجعل لديه كل صعب سهلاً وكل بعيد قريباً ويقتحم المخاطر لإكتساب صناعة جديدة تكون للمتبصرين مرآة تحكي ما غيّب عنه و يكسبها لذاته!
في يوم (الصناعي) الذي تحتفل فيه (المانيا) كان لا بد لي من كلمة لكل صناعي لبناني بأنه سوف ينجح سعيه ويصدق ظنه في الوصول إلى غايته سائلاً الرب أن يحفظه وأن يمده بالعلم وأن يجعله فخراً لجميع اللبنانيين مقيمين و مغتربين!
المصدر | بقلم المربي الأستاذ منح شهاب - صيدا
Posted by صيدا سيتي Saida City on Tuesday, December 7, 2021