إقفالات بالجملة في صيدا والوضع كارثي... أين حصتها العادلة من الكهرباء والمحروقات؟
لم يعد الحديث في صيدا محصوراً بتداعيات الازمات المعيشية المتلاحقة التي تخنق الناس بلا توقف، ولا عن السعي الحثيث سياسياً وبلدياً لايجاد الحلول الموقتة لسد رمق حاجاتها، ثمة غضب في المدينة لم يسبق له مثيل، ولا يختلف عليه اثنان حول المحسوبيات والتمييز، صوت المدينة الهادئ والمنفتح بدأ يتغير ويعلو استياء الى حد التساؤلات حول حضور الدولة ومسؤولياتها، وحول العدالة في توزيع التيار الكهربائي وحصتها من المازوت والبنزين وباقي الخدمات.
وتؤكد مصادر صيداوية لـ"نداء الوطن" ان الاخطر في الازمات المعيشية الحالية انها تقوض ما بقي من حضور الدولة ومؤسساتها الخدماتية وقد انتقلت من مرحلتي الحرمان والاهمال سابقاً، الى مرحلتي التمييز والتفكك حالياً، ما يعرّض الامن الاجتماعي الى اهتزاز غير مسبوق وقد يأخذ اشكالاً مختلفة على الاقل مناطقياً في هذه المرحلة كما حال المقارنة بين صيدا وجزين، ناهيك عن المشاكل بين ابناء الاحياء على خلفية عبور صهريج محمّل بالمازوت كما حصل في القياعة، او تشغيل مولد اشتراك خاص في هذا الحي من دون ذاك.
وتسعى القوى السياسية الى قطع الطريق على اي اشكال على خلفية توزيع المازوت، وقد نجحت بتشكيل لجنة خاصة تحقيقاً لمبدأ الشفافية والعدالة في التوزيع برعاية بلدية صيدا ضمّت ممثلين عن النائبين بهية الحريري ("المستقبل" و"التنظيم الشعبي الناصري")، "الجماعة الاسلامية" والدكتور عبد الرحمن البزري والمجتمع المدني والبلدية نفسها، وقد باشرت مهامها حيث جرى توزيع 42 الف ليتر على جميع اصحاب المولدات وفق عددها وقوتها وصرفها وتأمّنت بجهود الحريري وليس من منشآت مصفاة الزهراني ووزعت بعدالة على الجميع.
ودعا المسؤول السياسي لـ"الجماعة الاسلامية" بسام حمود الى تصحيح البوصلة، "فالمشكلة ليست بين بعضنا البعض بل مع الطغمة الحاكمة الفاسدة"، قائلاً "بدل مساءلة ومحاسبة وزارة الطاقة بشأن الكهرباء... باتت المشكلة مع اصحاب المولدات، ومن أجل رفع الدعم عن البنزين أذلوا الناس على ابواب المحطات، ومن اجل رفع الدعم عن الدواء تموت الناس على ابواب المستشفيات، لذلك فمشكلتنا الاساسية مع هذه الطغمة الحاكمة وليس مع بعضنا البعض، فلا تضيعوا البوصلة".
وأعلن رئيس البلدية محمد السعودي "أن مدينة صيدا لا تأخذ حصتها العادلة لا من كهرباء الدولة ولا من المحروقات وهو أمر إنعكس وضعاً كارثياً على مجمل القطاعات والسكان، في حين هناك مناطق لبنانية أخرى تنعم بالكهرباء والمازوت والبنزين"، متسائلاً "أين العدالة"؟ وطالب "المسؤولين والإدارات والوزارات المعنية بتصحيح الخلل عاجلاً لأن العتمة شاملة منذ عدة أيام في صيدا وجوارها والمؤسسات تقفل الواحدة تلو الأخرى، والناس كل الناس في هذه المدينة الصابرة وجوارها لم يعودوا يطيقون تحمل هذا الأمر المأسوي في شتى المجالات".
شكاوى واقفالات
هذا الوضع الكارثي ترجم باعلان عدد من المؤسسات الكبيرة والمعروفة والمشهورة اقفال ابوابها حتى اشعار آخر نتيجة فقدان المازوت والخشية من تلف المواد الاستهلاكية والغذائية، أبرزها "الشرحبيل ماركت" التي تعتبر الملاذ الرئيسي لكل قاطني ابناء منطقة الشرحبيل – بقسطا للتزود باحتياجاتهم على اختلافها، سناك النعماني (ابو بهيج) وهو الاشهر ببيع الشاورما اللحم والدجاج، شاورما شوقي، باش مازن، وبابا غنوج، الى جانب عدد من المحال التجارية التي باتت تفتح ابوابها لساعات معدودة يومياً اثناء التيار الكهربائي او مولد الاشتراك، ناهيك عن كثير من الصيدليات بسبب فقدان الادوية ومخزونها وعدم تزويدها من قبل الشركات او الوكلاء.
وأكد عماد النعماني لـ"نداء الوطن" ان الاقفال جاء اجبارياً بسبب انقطاع التيار الكهربائي وفقدان مادة المازوت، وقال: "صيتنا معروف في المدينة منذ اربعين عاماً وسنحافظ عليه ولا نحب ان نكون سبباً في الحاق الضرر بأي مواطن، فاللحوم والدجاج وسواهما تحتاج الى التبريد الدائم للحفاظ على سلامتها. امام الواقع الصعب لم نعد قادرين على الاستمرار، خسارتنا كبيرة ونأمل ان تمضي الازمة سريعاً لنعود من جديد الى عملنا".
الهم الصحي
والى جانب الازمات المعيشية والخدماتية، تقدّم الهاجس الصحي مع التفشي الجديد والسريع لمتحور "دلتا"، حيث ترأست النائبة بهية الحريري اجتماعاً طارئاً للجنة كورونا في صيدا والجوار في مجدليون، واكدت انه "ليس امامنا لمواجهة التفشي الا مسارين متوازيين: زيادة اعداد متلقي اللقاح وتشجيع الناس على التلقيح واتخاذ اقصى درجات الوقاية منعاً لانتشار أوسع لهذا الوباء"، معتبرة في الوقت ذاته "ان الأساس في الخروج من نفق الأزمات التي يمر بها لبنان ويكابد اللبنانيون نتائجها الكارثية ليل نهار هي في تشكيل حكومة انقاذ تمسك بزمام إدارة البلد وتعيد وضعه على سكة الانتظام، فلا شيء يحل محل الدولة".
المصدر | محمد دهشة - نداء الوطن | https://www.nidaalwatan.com/article/55094