الشهاب: ترفق أيها اللبناني ( ترفّق توفّق)!
هذه الكلمة لجعفر بن يحيى البرمكي، وقّع بها- يوما"- لصاحب الشرطة، فنازعتني نفسي إلى أن أعقد عليها مقالي، ولكن الموضوع في وسعة الدار، شردت عني الأفكار، أو قل تبعثرت فلم أهتدِ إلى تصنيفها بقلم؟ و لترقيمها برقم؟؟ وكنت على وشك أن آخذ بموضوع آخر لولا أن تلك الكلمتين عقدت لساني، وأخذتا علي جناني!
وأي موضوع أحق من هذا الموضوع بالشرح والتذكير؟ فلولا الرفق والشفقة لتقوّض العمران البشري و انهار بناء الحياة، و انقطع نسل ابن حواء بل ونسل الحيوان؟
ولولا الرأفة والرحمة ما رامت أم ولدها، ولا حدب أب على بنيه، ولا برّ ولد بوالديه، ولا قام ملك؟
ولولا الحنان والحب ما ابتسمت الدنيا لأحد، ولا ازدهرت الأرض، ولا اهتدى مخلوق الى خالقه، ولكانت الحياة الباكية أهون ما يرميه الفتى غير آسف!
والرفق والشفقة والحب والرحمة كلمات تجري في معنى واحد، أو معان متقاربة، وهي عناصر ضرورية للبقاء، ويخطئ من يزعم أن التنازع وحده هو المتصرف في عالمنا والمسيطر علينا، إنما الحياة جذب ودفع، وهيام وصدود... دمعة وابتسامة، وعندي أن الحب والرحمة هما الأصل في الوجود، وإنما كان البغض والدفع في سبيلهما ومن أجلهما...
فيا عجبا لهؤلاء الذين غلظت أكبادهم وقست قلوبهم، فلا يرفقون ولا يشفقون؟ أليسو بشرا، أليس لهم قلب؟ وأكبر قاس غليظ ميت الوجدان والفؤاد من استهدف بقساوته وخرقه وحمقه أمة بكاملها، وشعبا بأجمعه... بأطفاله وشيوخه وأرامله وأياماه و أكبر قاسٍ غليظ ميت الوجدان و القلب رجل ترفعه الأمة كي يسوسها بإحسان، ويكلأها بحنان، ويرعاها بحق، فيتنكر لها وهو منها، ويخاشنها ويغلظ لها، أو يعاملها معاملة اللصوص، يخدعهاعن أمرها، ويعمي عليها السبيل، ثم يلبس لها لباس الثعلب لا يرعى حق الله فيها، ولا يرحم ضعيفها ولا يرفق بفقيرها، ولا ينتصف لعاجزها بل لا يبالي أن يطرح بوطنه في مهاوي الردى وفي مساقط العار....
ومن - الموظفين - الذي أختير ليدير أمور الدولة، ويتولى مصالح الخلق، ويقوم على خدماتهم، فشمخ بأنفه وتغطرس، و إتخذ كرسيّه وسيلة لنزف دم الشعب، وابتزاز أمواله، ما أعظمه كافراً بالنعمة، منكر للمعروف، غليظاً عنيفاً لا يخاف الله، و لا وجدانه في وطنه وبلده... لص حقير يستتر وراء وظيفته و( يا للمصيبة ويا للبلية)؟
هذا و نرى أكثر المسؤولين ممن باع ضميره فغرر بالشعب وأساء في قيادته، فقاده نحو الضلال والباطل؟
فترفق أيها اللبناني بأخيك اللبناني! ترفق أيها الإنسان بأخيك الإنسان! ترفق أيها الحاكم بشعبك المسكين! أنت درعه.. فكن له لا عليه.. إنك مهما عظمت قوة فمن شعب ضعيف أو مستضعف، و إنك مهما بلغت في الغنى فمن شعب فقير أو مسلوب؟
إن الترفق من مزايا الأخلاق الحميدة فترفقوا أيها اللبنانيون فيما بينكم (مقيمين و مغتربين) و ترفقوا كذلك بالوطن!! يحفظ لكم الوطن النسب الجميل!!
المصدر | بلم المربي الأستاذ منح شهاب
Posted by صيدا سيتي Saida City on Saturday, June 26, 2021