الشهاب محاضراً: أخلاقنا... عقيدة و ديناً!
لقد تجردنا عن أخلاقنا العربية، وأخذنا عن الغرب رذائله وعن المدنية الحديثة أسواءها وتركنا الصالح المفيد منهما، وأورثنا الغرب أقبح المفاسد والسوءآت، حتى اجتمعت فينا كل خصلة مستنكرة ذميمة، وحتى أصبحنا نعتقد بأن سؤ الخلق أصل، فأنت تتوقع من التاجر والصانع والعامل والموظف والسياسي الكذب والغش والخيانة والخداع وما إليها قبل أن تتوقع منهم الصدق والنصح والإخلاص والصراحة، فإذا أضفت إلى هذا استهتارنا بالفضيلة، وابتعادنا عن الرجولة، أدركت انحطاط مستوانا الاخلاقي، ولقد أصابنا الانحطاط في أخلاقنا العامة كما أصابنا في أخلاقنا الفردية، فالأنانية، والرياء، والتفكك، والشعور بالضعة، وسرعة التقلب، وعدم الثبات، والجري مع الأهواء، كلها صفات نلمسها في الجماعات والهيئات والكتل، والأفراد. ولا شك في أن بعض هذا يعود (كما قلنا) إلى البذور السيئة التي بثها الغرب، وبعضها صفات متأصلة في طباعنا! ومن الممل المعاد أن نقول هنا "بأنما الأمم الأخلاق"، فما من شك في أن الخلق ضمان استقلال الشعوب ورقيها، وما نحسب أن أمة تبني مجدها على العلم، وتوطد استقلالها على الفكر؛ وإنما هذا متمماً لا أصل، وهذه مطالب الاستقلال، كالوطنية والإخلاص والصراحة والتضامن والتضحية، والإعتماد على النفس والنزاهة والثبات، والشعور بالكرامة والعزة كلها خلق وإحساس وشعور. لتكون سداً يصمد لتيار الأهواء المتنازعة، وسلاماً يفل النعرات المتضاربة، فتزول بفضلها عوامل الشقاق؛ وينسجم جهاز الأمة وينتظم أمرها ككتلة بشرية واحدة.
فمن الواجب أن نحدث انقلاباً في أخلاقنا.... وأن نربي النشأ تربية وطنية استقلالية وأن نروض النفوس على الكريم النبيل من الخلق والطبع، وسبيل ذلك إصلاح هذه النظم التربوية في البيت والمدرسة، وتعليم الوالدين على الأقل تعليماً يكفل لهما تنشئة الطفل نشأة صالحة، وتوجيهه إلى خير الوطن، وخير النظم التربوية. ما قامت على تمكين العقيدة، وتقوية الشعور الديني في النفس، فأنت لا تستطيع أن تلقن الأخلاق علماً فحسب وإنما الواجب أن تغرسها في نفسه عقيدة وديناً. (مما يجعله بريئاً من كل ميل أو هوى).
@ المصدر/ بقلم: منح شهاب - صيدا