صيدا سيتي

هذا هو طريقك الأكيد إلى الثروة والنجاح الحاج أحمد عايد منصور (أبو وليد) في ذمة الله خليل عبد الله القنواتي في ذمة الله التغيير هو القانون السائد في الحياة الحاجة زهية محمد الترياقي في ذمة الله الشغف المعرفي ودوره في تشكيل المسار العلمي الحاج حسن محمود غنوم العينا (أبو وائل) في ذمة الله فعاليات رسائل النور في عدة مناطق في لبنان رحلة العودة إلى الجوهر واستعادة البوصلة الأصيلة الشباب والفتن... كيف نصمد؟ الصوت الداخلي إعادة الارتباط بهوسك الطفولي وأثره في مسار الحياة المهنية رحلة الإتقان: من اكتشاف الدافع الداخلي إلى التميز المستدام بيان صادر عن مؤسسة مياه لبنان الجنوبي مشهد جديد لزيرة صيدا من الجو ازرع المسؤولية في طفلك… قبل أن تطلبها منه برامج ودورات الإمام ابن الجزري لتحفيظ القرآن ونشر علومه - صيدا معهد عودة للدروس الخصوصية يعلن عن بدء التسجيل للعام 2025-2026 موقع صيدا سيتي يفتح المجال أمام الأقلام لكتابة حكايات المدينة لإعلانك في قسم | خاص صيدا سيتي | (أنظر التفاصيل)

هذا هو طريقك الأكيد إلى الثروة والنجاح

إعداد: إبراهيم الخطيب - الأحد 02 تشرين ثاني 2025 - [ عدد المشاهدة: 163 ]

بين الدافع المالي والبحث عن المعنى

يشكّل السعي نحو تحقيق النجاح المالي والمكانة الاجتماعية هدفًا رئيسًا لدى كثيرٍ من الأفراد في العصر الحديث، إذ يرون فيه محرّكًا فعّالًا للإنجاز المهنيّ والشخصيّ. ويعتقد هؤلاء أنّ التركيز على بناء الدافع الداخلي أو البحث عن معنى أعمق للحياة أمر غير عملي، بل يعدّونه ترفًا فكريًا لا طائل منه في عالمٍ تنافسي يقوم على الكفاءة والنتائج. غير أن هذا التوجه، على الرغم من وجاهته الظاهرية، غالبًا ما يقود إلى نتائج معاكسة لما يُرجى منه على المدى البعيد، إذ تتحول الرغبة الجامحة في النجاح إلى توتر مفرط يعيق الأداء ويقلل من فاعلية الجهد.

ظاهرة فرط التوتر 

يشير علماء النفس إلى مفهوم "الفرط في التوتر" بوصفه حالةً عقليةً ينشأ فيها العجز عن تحقيق الهدف نتيجة الإفراط في التركيز عليه. فالإنسان عندما ينغمس كليًا في محاولة الوصول إلى غايةٍ محددة، يُصاب بتوترٍ يعرقل قدرته الطبيعية على الأداء. ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما يحدث قبل إلقاء الخطب العامة؛ إذ أظهرت دراسة أُجريت في جامعة ستانفورد عام 2018 أن 74% من المتحدثين الجدد يعانون من انخفاضٍ في جودة الأداء حين يزداد تركيزهم على فكرة النجاح في الخطاب بدلًا من الانشغال بموضوعه. وتُظهر الحالات اليومية البسيطة النمط ذاته، مثل الأرق الناتج عن التفكير المفرط في ضرورة النوم، إذ إن القلق من عدم القدرة على النوم يحرم الجسد من الاسترخاء اللازم لحدوثه.

التناقض بين الإرادة المفرطة والنتيجة المرجوة

يتكرّر النمط ذاته في مجالات الحياة المختلفة؛ فالشخص الذي يسعى بإلحاحٍ شديد لتكوين صداقاتٍ أو لإيجاد شريك حياة، غالبًا ما يصدر عنه توترٌ داخليّ ينفّر الآخرين. بينما يُلاحظ أنّ الأشخاص الذين يبدون أكثر هدوءًا واتزانًا، وينصرفون إلى نشاطاتهم المعتادة دون مبالغة في التفكير، يحققون نتائج أفضل على الصعيد الاجتماعيّ والنفسيّ. وبيّنت دراسة صادرة عن جامعة أكسفورد عام 2020 أنّ الأفراد الذين يخصّصون أكثر من 30% من وقتهم للتفكير في علاقاتهم الشخصية يعانون من ضعفٍ في مؤشرات الرضا الاجتماعيّ مقارنةً بمن يتعاملون بعفويةٍ مع محيطهم.

الدروس المستفادة من التجارب الحياتية اليومية

تتجلّى هذه الظاهرة في المواقف البسيطة التي يواجهها الإنسان يوميًا؛ فكلّما سعى الفرد إلى افتعال السعادة أو "صناعة لحظة سعيدة"، ازدادت احتمالات خيبته. فالسعادة، كالنوم والراحة النفسية، لا تتحقّق بالطلب المباشر، بل تنشأ حين يوجّه الإنسان انتباهه نحو عملٍ ذي معنى أو نشاطٍ ينسجم مع ميوله الفطرية. ويؤكّد علماء السلوك الإيجابيّ، مثل مارتن سيلغمان في كتابه Flourish (2011)، أنّ السعادة الحقيقية هي "نتاج جانبيّ لممارسة نشاطٍ ممتعٍ أو مفيدٍ للآخرين، لا نتيجةٌ مباشرة للسعي وراءها".

مطاردة المال والنجاح: مفارقة العصر الحديث

في عالم الاقتصاد المعاصر، تحوّل السعي المحموم إلى الثراء إلى ظاهرةٍ اجتماعيةٍ واسعة. فبحسب تقرير World Happiness Report لعام 2024، ارتفع عدد العاملين الذين يصرّحون بأنّ "كسب المال هو الهدف الأوّل في حياتهم" من 34% عام 2000 إلى 56% عام 2023. ومع ذلك، لم يصاحب هذا الارتفاع زيادةٌ مماثلة في مؤشرات الرضا النفسيّ، بل انخفضت درجات الشعور بالطمأنينة بنسبة 18% خلال الفترة نفسها. يدلّ ذلك على أنّ المال والنجاح الماديّ، حين يتحوّلان إلى غاياتٍ في ذاتها، لا يضمنان بالضرورة حياةً أكثر سعادةً أو استقرارًا.

الدافع الأصليّ في قصص الناجحين

تُظهر سير كثيرٍ من الناجحين عالميًا أنّهم لم يجعلوا المال هدفهم المباشر، بل كان تركيزهم منصبًّا على الإبداع والإتقان. ومن أبرز الأمثلة في هذا السياق ستيف جوبز، مؤسس شركة "آبل"، فقد أبدى منذ بداياته شغفًا استثنائيًا بالتصميم والابتكار أكثر من اهتمامه بالربح الماديّ. وخلال خطابه في جامعة ستانفورد عام 2005، قال جوبز: "لم أعمل يومًا من أجل المال، بل كنت أعمل لأصنع أشياء جميلة ومفيدة، وجاء المال بعد ذلك من تلقاء نفسه."
تُقدّر ثروته عند وفاته عام 2011 بنحو 10.2 مليار دولار، ومع ذلك ظلّ يعيش حياةً بسيطةً خاليةً من مظاهر الترف، مؤكّدًا أنّ الشغف بالعمل هو الوقود الحقيقيّ للنجاح.

أمثلة إضافية من عالم الأعمال

تجربة إيلون ماسك، مؤسس "تسلا" و"سبيس إكس"، تمثّل مثالًا مشابهًا، إذ بدأ مشاريعه بدافعٍ من الرغبة في "تغيير مستقبل الطاقة والنقل"، لا بدافع الثراء. وعندما طُرح أول أسهم "تسلا" عام 2010، لم يكن ماسك يتقاضى سوى راتب رمزيّ لا يتجاوز 37 ألف دولار سنويًا، لكنه ركّز على بناء تكنولوجيا تُحدث نقلةً نوعية في صناعة السيارات الكهربائية. والنتيجة أنّ القيمة السوقية لشركته تجاوزت 700 مليار دولار عام 2021، وأصبح من أثرى أثرياء العالم دون أن يكون المال هدفه الأول.
وفي المجال الاجتماعيّ، يبرز نموذج محمد يونس، الحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 2006، مؤسس بنك "غرامين" في بنغلادش، الذي أنشأه لخدمة الفقراء عبر القروض الصغيرة، فحوّل فكرةً اجتماعيةً إلى منظومةٍ اقتصاديةٍ ناجحةٍ ساهمت في انتشال أكثر من عشرة ملايين شخصٍ من الفقر.

المال كأثر جانبيّ للإتقان

تؤكّد هذه النماذج أنّ المال والنجاح يأتيان كنتيجةٍ طبيعيةٍ للتركيز على العمل الجيّد، لا كغايةٍ مقصودةٍ في ذاتها. فقد خلصت دراسة لمعهد "غالوب" عام 2022، شملت أكثر من 150 دولة، إلى أنّ الأفراد الذين يصفون عملهم بأنه "ذو معنى" تزيد احتمالات ارتفاع دخلهم بنسبة 33% خلال عشر سنوات مقارنةً بأولئك الذين يعملون بدافع الكسب وحده. ويرجع ذلك إلى أنّ الالتزام بالجودة والابتكار يخلق فرصًا مستمرة للنموّ المهنيّ والماليّ في آنٍ واحد.

آلية الارتخاء والتركيز غير المباشر

حين يوجّه الإنسان تفكيره نحو هدفٍ محدّد دون أن يحصر ذاته في نتائجه، يتحقّق التوازن المطلوب بين الجهد والاسترخاء. هذا ما يعبّر عنه علماء النفس بظاهرة Flow، أي "التدفّق"، التي صاغها ميهالي تشيكسنتميهالي عام 1990. وتشير أبحاثه إلى أنّ الأشخاص الذين يعيشون لحظات التدفّق في العمل - أي الذين يندمجون تمامًا في نشاطٍ ممتعٍ دون قلقٍ من النتيجة - يحققون أداءً أعلى بنسبة 400% مقارنةً بمن يعملون تحت ضغط التوقعات أو الخوف من الفشل.

العلاقة بين التركيز والإبداع

التركيز على الهدف الأساسيّ دون تشتّتٍ بسبب المكافآت الخارجية يمنح الذهن حريةً للإبداع والابتكار. فالدماغ البشريّ، وفقًا لدراسةٍ أجراها "معهد ماكس بلانك" عام 2019، يُظهر نشاطًا متزايدًا في الفص الجبهيّ حين يكون الإنسان في حالة "انغماسٍ غير مقصودٍ" في العمل، وهي الحالة التي تسبق لحظات الاكتشاف أو الإلهام. لذلك فإنّ الإصرار الهادئ، لا اللهاث القَلِق، هو الطريق الأكثر واقعيةً لتحقيق إنجازاتٍ ذات أثرٍ دائم.

القاعدة العملية

من خلال تجارب الحياة والدراسات المتعدّدة، يمكن استخلاص قاعدةٍ بسيطةٍ تعبّر عن جوهر العلاقة بين المال والنجاح:
"احصر تفكيرك في هدفٍ محدّد، لا تحد عنه، وسوف يتحقّق النجاح بصورةٍ طبيعية."
فحين يوجّه الإنسان وعيه نحو الإتقان والإبداع في مجاله، دون أن يجعل الربح غايته المباشرة، يأتي المال كنتيجةٍ منطقيةٍ وعفويةٍ لتلك الجهود. وهذه القاعدة تتوافق مع ما توصّل إليه خبراء التنمية البشرية والاقتصاد السلوكيّ على السواء، الذين يؤكدون أنّ السعي وراء القيمة يولّد الثروة، بينما السعي وراء الثروة وحدها يُفقد الإنسان قيمته.

النجاح الحقيقي

إن النجاح المالي الحقيقي يُقاس بقدرة الفرد على تحقيق التوازن بين الكفاءة والرضا، بين الشغف والإتقان، وبين السعي والسكينة. فالمال في جوهره أداة تُكافئ العمل الجاد، لا هدف يُلهي عن جوهر الحياة. وهكذا، حين يركز الإنسان على تقديم الأفضل في مجاله دون قلق من النتائج، تتكفل الحياة - بطريقتها الهادئة والمنصفة - بمنحه نصيبه من المال والنجاح معًا.


 
design رئيس التحرير: إبراهيم الخطيب 9613988416
تطوير وبرمجة: شركة التكنولوجيا المفتوحة
مشاهدات الزوار 1007338825
الموقع لا يتبنى بالضرورة وجهات النظر الواردة فيه. من حق الزائر الكريم أن ينقل عن موقعنا ما يريد معزواً إليه.
موقع صيداويات © 2025 جميع الحقوق محفوظة