صون الكرامة الوطنية بين حرية النقد وحدود الإساءة
في عالمٍ تتسارع فيه موجات التعبير الرقمي، وتتعاظم تأثيرات الكلمة والصورة والمقطع على تشكيل الرأي العام، تبرز الحاجة الملحّة إلى ضبط العلاقة بين حرية التعبير ومسؤولية الكلمة. فالكلمة أداة تُبني بها الأوطان أو تُهدَم بها الرموز التي شكّلت ذاكرة الوطن ومساره. من هنا تأتي أهمية التشريعات التي تُحظر الإساءة إلى رموز العمل الوطني، باعتبارها خطوة في اتجاه ترسيخ ثقافة الاحترام العام وصيانة الكرامة الوطنية.
الرموز كركائز للهوية الوطنية
الرموز الوطنية هي ركائز تُجسّد تضحيات أجيالٍ بنت الوطن وأرست دعائمه أو حافظت عليه في غياب مؤسساته. سواء أكانوا رؤساء أو وزراء أو شهداء أو قادة عسكريين أو شخصيات ثقافية بارزة أو رموز حزبية وازنة، فإنهم يمثلون في الوعي الجمعي قيمًا ومعاني تتجاوز ذواتهم. إنّ صون سمعتهم من التحقير أو التشويه هو في جوهره دفاع عن صورة الوطن نفسه، وعن مكانته بين الأمم.
معنى "الإساءة" في زمن الفضاء المفتوح
تتخذ الإساءة أشكالًا أكثر مكرًا وخفاءً من تلك المقصورة على الكلمات الفجّة أو الشتائم العلنية؛ كالمقاطع الساخرة والصور المركبة والمعلومات المضللة وسهام التخوين التي تُنشر بنية تشويه السمعة أو تقويض الثقة العامة. هذه الممارسات، وإن غُلّفت بروح “النقد”، تمسّ كرامة الوطن وتُضعف احترام مؤسساته وشرائحه الوطنية، حين تُحوّل الرمز الوطني إلى مادة للسخرية أو الشك.
بين النقد البنّاء والتشهير الهدّام
المشرّع، حين وضع ضوابط لحماية الرموز، لم يُرِد إسكات الأصوات الحرة ولا مصادرة الرأي الموضوعي؛ بل سعى إلى حماية الخط الرفيع بين النقد المسؤول والتشهير المغرض. النقد ضرورة وطنية، يفتح الباب للمحاسبة ويُسهم في تصحيح المسار، شريطة أن يلتزم بالوقائع، وأن يصدر عن نية الإصلاح لا التشويه. أما الإساءة أو التخوين، فتهدم الثقة العامة وتزرع الكراهية بدل الوعي.
مسؤولية الكلمة في زمن التأثير
كل منشورٍ إلكتروني بات قادرًا على الوصول إلى آلاف العقول خلال ثوانٍ. من هنا، يتحوّل التعبير عن الرأي إلى مسؤولية وطنية وأخلاقية قبل أن يكون حقًا شخصيًا. فالمجتمع الذي يحافظ على رموزه، ويضع حدودًا أخلاقية للنقد، يؤسس لثقافة حوار راقٍ، ويُحصّن ذاته من الفوضى المعنوية التي تُنتجها لغة السخرية والاستهزاء والتخوين.
نحو ميثاق أخلاقي للإعلام الرقمي
المطلوب تطوير وعيٍ وطنيٍّ جديد يُوازن بين النقد والتقدير. الإعلاميون والمثقفون وصناع المحتوى مطالبون بميثاق شرفٍ يعيد الاعتبار للرموز دون أن يُقصي النقد، ويُكرّس الاحترام دون أن يُخفي الحقيقة. فالدولة التي تصون رموزها تحمي ذاكرتها، والمجتمع الذي يحترم تاريخه يصون مستقبله.
الكرامة الوطنية خط أحمر
إنّ حماية رموز العمل الوطني ترسيخ لوعيٍ حضاريٍّ - لا تقييد للكلمة - يدرك أنّ النقد ليس نقيض الاحترام، وأنّ الحرية لا تكتمل إلا حين تُمارس بمسؤولية. في زمن تتكاثر فيه الشاشات وتتناسل فيه الأصوات، تظل الكرامة الوطنية خطًا أحمر يُعبّر عن جوهر الوطن ومهابة مؤسساته وشرائحه التمثيلية، وعن قيمٍ أراد المؤسسون أن تبقى عنوانًا لوطنٍ يحيا بالعزة، ويُبنى بالوعي، ويزدهر بالاحترام.
مجلس بلدية صيدا يستنكر حملات الإساءة لصيدا وقياداتها الوطنية
يستنكر مجلس بلدية صيدا برئاسة المهندس مصطفى حجازي بأشد العبارات حملات الإساءة والإتهامات الباطلة التي يتم إطلاقها عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وآخرها بث فيديو لشخص يتطاول فيه على قيادات في مدينة صيدا مشهود لها بمواقفها الوطنية ضد العدو الإسرائيلي، ثم فيديو آخر يعتذر فيه لما بدر منه من حديث.
وإذ يرفض المجلس ويدين هذه الحملات، يعتبر أن إستهداف هذه القيادات الوطنية إنما يطال بالإساءة مدينة صيدا وأهلها وتاريخها النضالي الناصع البياض في مقارعة أبنائها وقياداتها للإحتلال الإسرائيلي ومقاومته، وهي التي نجحت في دحر العدو وأجبرته على الإندحار منها في العام 1985 بعد ثلاثة سنوات من إجتياح المدينة عام 1982.
وختم بيان المجلس بالتأكيد على تمسك صيدا وأبنائها بنهجها الوطني الجامع، وبثوابتها في الوحدة والعيش المشترك، بعيدًا عن أيّ فئوية أو طائفية او حسابات مرحلية ضيقة.
أصدر «نبض البلد» و«مهندسون من صيدا والجوار» وجمعية «علِّ صوتك» بيانًا قالوا فيه:
نُشر قبل الأمس فيديو يتضمّن اتهامات باطلة ومسيئة بحقّ النائب مصطفى سعد وشقيقه النائب الدكتور أسامة سعد، يروّج لسرديات مختلقة ووقائع مشوّهة لا تمتّ إلى الحقيقة ولا إلى التاريخ الوطني للمدينة بأي صلة.
إنّ ما ورد في هذا التسجيل افتراء سافر ومحاولة مكشوفة لتزوير التاريخ والإساءة إلى أحد أبرز رموز صيدا ولبنان، الذي واجه الاحتلال الإسرائيلي بصدقه وشجاعته، ودفع حياته وحياة ابنته ثمنًا لمواقفه المبدئية.
يعرف من اطّلع على تاريخ المدينة أنّ مصطفى سعد كان في موقع المواجهة لا العمالة، وفي صفوف المقاومة لا التواطؤ، وأنّ التجرؤ على اتهامه بمثل هذه الترهات يعبّر عن جهلٍ وسقوطٍ أخلاقيٍ وسياسيٍ لدى من يتولّى نشرها.
صيدا تعرف أبناءها وتاريخها، وتدرك أنّ محاولات التشويه، أياً كان مصدرها أو غايتها، لن تغيّر من الحقائق شيئًا.
ونذكّر ناشر الفيديو بأنّ حرية الرأي لا تعني حرية الكذب، ولا تبرّر التحريض على رموز وطنية قدّمت أغلى ما تملك في سبيل الوطن والكرامة.
وانطلاقًا من مسؤوليتنا الأخلاقية تجاه الحقيقة والتاريخ، سيُصار إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق ناشر الفيديو وكل من ساهم في ترويجه، صونًا لكرامة الشهداء ولمنع التمادي في استباحة سمعة الناس وتاريخ المدينة.
رحم الله الشهيد مصطفى سعد، الذي اختار طريق الشرف والمقاومة،
وسيبقى اسمه علامة مضيئة في ذاكرة صيدا وضميرها، مهما تعاقبت الأصوات الناعقة بالزور والافتراء.
رابطة مخاتير مدينة صيدا استنكرت التطاول على الزعيم الوطني مصطفى سعد
أصدرت رابطة مخاتير مدينة صيدا برئاسة أسامة البني بيانًا استنكرت فيه التطاول على وطنية وعروبة الزعيم الوطني مصطفى سعد من قِبَل بعض المشبوهين الذين يتحدثون بلغة العدو الصهيوني.
وأضاف البيان: إن الزعيم الراحل مصطفى سعد الذي كتب تاريخه المشرّف بالدم، هو المخوَّل بمنح الشهادات الوطنية من خلال قيادته العمل المقاوم ضد العدو الصهيوني، ودفاعه عن مصالح وحقوق العمال والكادحين والفقراء. وإننا نطالب البيئة التي ينتمي إليها المتطاول على المناضل الراحل مصطفى سعد بمحاسبته.
باسمي وباسم الهيئة الإدارية والعامة لرابطة مخاتير مدينة صيدا نؤكد حرصنا الشديد على الوحدة الوطنية والإسلامية التي حرص الراحل مصطفى سعد عليها، وحصَّنها بالمواقف السياسية والشعبية.
ستبقى مدينة صيدا عاصمة الجنوب وبوابة المقاومين والشرفاء، وساحة للتآخي والنضال.