غضب في المخيمات وإقفال مكاتب "الأونروا"
تسود المخيمات الفلسطينية في لبنان حالة من الغضب والاستنكار لتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول ترحيل الشعب الفلسطيني من غزة إلى مصر والأردن أو غيرهما من الدول الأخرى. ونزلت هذه التصريحات على أبناء المخيمات كالصاعقة. وأجمعوا على اعتبارها نسخة جديدة من وعد بلفور المشؤوم، واستمراراً لحرب الإبادة التي شنّتها إسرائيل على غزة منذ عام وثلاثة أشهر. وقوبلت تصريحات ترامب بمواقف فلسطينية عالية السقف. وأجمعت الفصائل الفلسطينية، على اعتبار غزة "ليست عقاراً بيد تاجر حرب مثل ترامب أو غيره". ووصفت مواقف الأخير بأنها "عدائية لشعبنا ولقضيتنا، ولن تخدم الاستقرار في المنطقة، وستصبّ الزيت على النار". ودعت الإدارة الأميركية والرئيس ترامب إلى التراجع عن تلك التصريحات غير المسؤولة والمتناقضة مع القوانين الدولية والحقوق الطبيعية لشعبنا الفلسطيني في أرضه.
مخطط مشبوه
تؤكد مصادر فلسطينية لـ"نداء الوطن" أن الأخطر من خطة الترحيل هو قرار ترامب وقف المساعدات المالية لوكالة "الأونروا"، والتي تأتي في إطار الحرب الإسرائيلية المفتوحة عليها لإنهاء عملها، وتصفية القضية الفلسطينية، وشطب حق العودة، في إطار "مخطط مشبوه" بدأ من العدوان على غزة، مروراً بمحاولات تقويض السلطة الفلسطينية في الضفة، وصولاً إلى توطين اللاجئين في الدول المضيفة. وتوقّعت المصادر أن تنظم القوى السياسية والشعبية سلسلة تحرّكات احتجاجية رفضاً للترحيل من غزة، ولوقف الدعم المالي عن "الأونروا"، ولمطالبة المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته في تأمين الرعاية للاجئين حتى العودة إلى ديارهم وفق القرار الدولي 194.
إضراب وإغلاق
وعلى وقع الغضب والاستياء، وصل المفوّض العام للوكالة فيليب لازاريني إلى لبنان في زيارة غير معلن عنها مسبقاً. وعلمت "نداء الوطن" أن للزيارة مهمة مزدوجة: الأولى، تقديم التهاني بانتخاب الرئيس جوزاف عون، والتأكيد على تعزيز التعاون بين لبنان والوكالة. والثانية، متابعة بعض القضايا الداخلية، ومنها ما يتعلّق بالبرنامج القانوني والحماية وسط حديث متزايد عن الاستغناء عن بعض الموظفين.
وتزامناً مع الزيارة، أقفل الفلسطينيون جميع مقرات ومراكز ومدارس الوكالة في لبنان، بما فيها مقرّها الرئيسي في بيروت، وشلّوا حركتها في أوسع تحرك شعبي احتجاجي منذ سنوات، وذلك رفضاً للتوقيف التعسّفي لخمسة معلمين: "ماهر طويَّه، وإبراهيم مرعي، وأسامة العلي، ووسيم يعقوب، وحسان السيد" منذ تشرين الأول الماضي، تحت ذريعة مخالفة الحيادية.
وقد جاءت هذه الخطوة التصعيدية استجابة لدعوة "لجنة المتابعة العليا للدفاع عن المعلمين الموقوفين عن العمل في الأونروا" وعدد من المؤسسات والحراكات الشبابية، والتي قامت بإغلاق المقرّ الرئيسي للوكالة في بيروت، ومقرّاتها في المناطق، ومكاتبها في المخيمات، بالإضافة إلى المدارس ومركز سبلين المهني، ومكاتب الشؤون الاجتماعية، باستثناء العيادات وقطاع النظافة.
ويرى تربويون فلسطينيون أن زيارة لازاريني قد ساهمت في تصاعد حالة الغضب في الأوساط الفلسطينية، معتبرين أنها بمثابة استفزاز لمشاعرهم بعدما تجاهل مطالبهم بقضية المعلمين الموقوفين. وقالوا إن هدف الإضراب هو الضغط للتراجع عن قرار التوقيف، وإعادة الموقوفين عن عملهم إليه مجدداً، وإجراء تحقيق شفاف معهم وفق أنظمة "الأونروا" والقوانين الإنسانية بعد إعادتهم للعمل.