مع غزّة: نادية هناوي

مع غزّة: نادية هناوي

29 فبراير 2024
نادية هناوي
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أيام العدوان على غزّة وكيف أثّر على إنتاجه وحياته اليومية، وبعض ما يودّ مشاركته مع القرّاء. "أطفال فلسطين أبطال ذاكرتنا الجديدة، وبهم ستفخر الأجيال القادمة وتتباهى"، تقول الكاتبة والناقدة العراقية.



■ ما الهاجس الذي يشغلكِ هذه الأيام في ظلّ ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟

- ما يشغلني هو العدوان الهمجيّ الذي تمارسه العصابات الصهيونيّة ضدّ أهلنا في غزّة، وفي المدن والمخيّمات المحيطة بها. ولكن ما يبهجنا ويُثلج صدورنا هو صمودهم الأسطوري في وجه الكيان الصهيوني المحتلّ. فلقد صنع إخوتنا الفلسطينيّون بصمودهم أمثولةً للعالم أجمع، منها يتعلّم الأحرار أنّ الإيمان بالله والثقةَ بالنفس خير سلاح، به يُهزَم الطغاة ويُردَع المجرمون. وها هو الشهر الخامس منذ بدء معركة "طوفان الأقصى" يشارف على الانتهاء، وبشائر الغلبة للفلسطينيّين تتأكَّد يوماً بعد يوم، وهذا ما يجعلنا واثقين ومتيقّنين من أنّ نصر الله قريب لشعبنا الفلسطيني.


■ كيف أثّر العدوان على حياتك اليومية والإبداعية؟

- منذ السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023 وأنا ما إن أُمسك القلم حتى تُنازعني نفسي أن أكتب لفلسطين باستمرار؛ لطوفانها وأقصاها، لشعبها وأطفالها، لشهدائها وغزّتها ولفصائلها وثوّارها. وكلّما أنشر مقالاً أو أُشارك برأي، يزداد شعوري أنّي مُطالبة أكثر مِمّا مضى بأن أدعم غزّة. وكم أتألّم لكلِّ قطرةِ دمٍ بريئة تُراق لطفل أو شيخ، أو امرأة أو مناضل من أجل الحقّ، لا ذنب لهم سوى أنّهم فلسطينيّون وعروقهم عربيّة مُسلمة.


■ إلى أي درجة تشعرين أن العمل الإبداعي ممكنٌ وفعّال في مواجهة حرب الإبادة التي يقوم بها النظام الصهيوني في فلسطين اليوم؟

- من واجب المبدع أن يوظّف قلمه في سبيل قضيّتنا المركزية: فلسطين، وأن يعمل على التوعية بما يواجهه شعبُنا هناك من إبادة جماعيّة، وأن يعرّي الافتراءات ويفضح الأباطيل التي يبثّها الكيان المحتل، مع رصد المؤشّرات التي تُثبت انهياره من الداخل والخارج.

في داخلك أيها الإنسان العربي بركان، فلا تدعهم يُخمدونه

■ لو قُيّض لكِ البدء من جديد، هل ستختارين المجال الإبداعي أو مجالاً آخر، كالعمل السياسي أو النضالي أو الإنساني؟

- لطالما شعرت أنّ الكتابة هي سلاحي في معركتنا المصيرية مع الصهيونية وسبيلي الذي به أُراهن على نصرة فلسطين. فقد نشرتُ بضع مقالات حول مجريات معركة "طوفان الأقصى"، مثل "طوفان الأقصى وغزّة أقوى"، و"بوليفيا عربيّة فلتسقط التطبيعية"، و"الصهيونية من منظور ثلاثة أدباء غربيّين". فضلاً عن دراسات ومقالات تنتظر النشر. ومن دواعي فخري ما أعزم عليه حالياً من نشر ترجمتي بالتصرّف لكتاب المفكّر إدوارد سعيد، لم يُنقَل إلى العربيّة حتى الآن، هو "مسألة فلسطين" The question of Palestine. ولكن تبقى المشاركة الفعلية في النضال من أجل فلسطين هي المتمنّاة؛ فالجود بالنفس أسمى غاية الجود.


■ ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم؟

- أنتظرُ نصر الله فتعود فلسطين عربيّة حرّة، وأن يقتصّ العالم من الكيان الصهيوني عن كلّ ما ألحقه بالشعب الفلسطيني من جرائم وويلات على مدى مئة عام، وأن يعترف الصهاينة للشتات الذين جاؤوا بهم إلى فلسطين أنَّهم كذبوا عليهم حين أوهموهم أنّ فلسطين يهودية.


■ شخصية إبداعية مقاوِمة من الماضي تودين لقاءها، وماذا ستقولين لها؟

- الروائي والقاص الشهيد غسان كنفاني، سأقول له: أنت أنطقت الصمت الذي سيظلّ يدقّ، والعائد الأوّل الذي لا يزال يسير.


■ كلمة تقولينها للناس في غزّة؟

- أقول لهم: إنّ عدوّكم وعدوّنا واحد، وسيحاكَم على جرائمه وسيرضخ لحقوقكم صاغراً نادماً مهاناً ذليلاً.


■ كلمة تقولينها للإنسان العربي في كلّ مكان؟

- في داخلك أيها العربي بركان، فلا تدعهم يخمدونه.


■ حين سُئلت الطفلة الجريحة دارين البيّاع التي فقدت معظم أفراد عائلتها في العدوان، ماذا تريدين من العالم، أجابت "رسالتي للناس إذا بيحبوا دارين يكتبوا لي رسالة أو أي إشي".. ماذا تقولين لدارين ولأطفال فلسطين؟

- يا دارين، إنّي أخجل منك، ولا أستطيع سوى أن أقول: أنتِ وكلُّ أطفال فلسطين أبطال ذاكرتنا الجديدة، وبكم ستفخر الأجيال القادمة وتتباهى.



بطاقة

كاتبة وناقدة عراقية، أستاذة في تخصّص نظريات النقد الأدبي والسرديات وعلم الجمال في "الجامعة المستنصرية" ببغداد. صدر لها أكثر من ثلاثين كتاباً؛ من بينها: "السرد القابض على التاريخ" (2018)، و"موسوعة السرد العربي: معاينات نقدية ومراجعات تاريخية" (2019)، و"نحو نظريّة عابرة للأجناس" (2019)، و"علم السرد ما بعد الكلاسيكي" في ثلاثة أجزاء (2022 - 2023)، و"الأقلمة السرديّة من العصور الوسطى حتى القرن التاسع عشر" (2024). نُشرت لها العديد من الدراسات والبحوث العلمية في عدد من المجلّات العربية والأجنبية المحكّمة، ولها إسهام متواصل في الصحافة الثقافية العراقية والعربية.

مع غزة
التحديثات الحية

المساهمون