حرب غزة وهجمات البحر الأحمر تؤجج الاضطرابات الاقتصادية العالمية

جماعة الحوثي أكدت أن هجماتها لا تستهدف سوى السفن المتجهة إلى إسرائيل (رويترز)

تتوسع دائرة التأثير على الاقتصاد العالمي بعد تطور تداعيات حرب إسرائيل على قطاع غزة، إثر توجيه الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات مباشرة لجماعة الحوثي في اليمن، وترقب ما إذا كان الرد سيتوسع ليتخطى السفن الإسرائيلية والمتجهة إلى إسرائيل.

واستمرت الملاحة في البحر الأحمر قبل الهجمات الأميركية تلك، فرغم إعلان عدد من الشركات الكبرى تجنبها الممر المائي، استمرت ناقلات النفط في مسلكها المعتاد فضلا عن شركات الشحن الأخرى التي اكتفت بتجنب إسرائيل لتمر بسلام عبر مضيق باب المندب.

وبعد دعوة الولايات المتحدة دول العالم إلى المشاركة في إنشاء تحالف حارس الازدهار لكبح هجمات الحوثيين، ردت الجماعة بالتأكيد على أن هجماتها لا تستهدف سوى السفن المتجهة إلى إسرائيل وأنه لا داعي لإنشاء هذا التحالف، ملوحة باستهداف السفن التجارية للدول المشاركة في التحالف.

التطور الأحدث

وفي أحدث تطور للأزمة جنوبي البحر الأحمر، قال الجيش الأميركي -في بيان- إنه فقد اثنين من أفراد بحريته أثناء القيام بعمليات قبالة ساحل الصومال مساء الخميس، مضيفا أن عمليات البحث والإنقاذ مستمرة لتحديد مكانهما.

وقالت القيادة المركزية الأميركية إنه تم نشر البحارة في منطقة عمليات الأسطول الخامس لدعم سلسلة من المهام، مضيفًا أنه لن يفصح عن معلومات إضافية إلا بعد انتشال المفقودين.

ونقلت رويترز عن مسؤولين قولهم إن الولايات المتحدة نفذت ضربة إضافية على قوات الحوثيين في اليمن، أمس الجمعة، بعد أن تعهدت إدارة جو بايدن بحماية الملاحة في البحر الأحمر.

وجاءت الضربة الأحدث، التي قال أحد المسؤولين الأميركيين إنها استهدفت موقع رادار، بعد يوم من استهداف منشآت للجماعة المتحالفة مع إيران بعشرات الضربات الأميركية والبريطانية.

وبعد أن أقسم قادة الحوثيين بالرد على تلك الهجمات، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه قد يأمر بمزيد من الضربات إذا لم يوقف الحوثيون هجماتهم على السفن التجارية والعسكرية في واحد من الممرات المائية الأكثر أهمية اقتصاديا في العالم.

النفط والتضخم الأميركي

وشهد خام برنت تقلبات منذ بدء الضربات الأميركية في اليمن، إذ صعد من مستوى 77.33 دولارا للبرميل منتصف تعاملات الخميس الماضي، مع التلويح بالضربات على هذه الجماعة اليمنية إلى مستوى 80.55 دولارا أمس قبل أن يتراجع إلى 78.32 دولارا للبرميل.

واتخذ الخام الأميركي منحى مشابهًا، إذ ارتفع من 71.84 دولارا للبرميل منتصف تعاملات الخميس إلى 75.17 دولارا، قبل أن ينهي تعاملات الأسبوع الماضي عند 72.76 دولارا للبرميل.

وعاود التضخم الأميركي السنوي الارتفاع، خلال الشهر الماضي، إلى 3.4%، ليتخطى توقعات الاقتصاديين بنحو 0.2%.

لكن اللافت في مؤشر أسعار المستهلكين الصادر الخميس الماضي هو قيادة مؤشر الطاقة الارتفاعات، إذ زاد 0.4% على أساس شهري بينما ارتفع مؤشر الغذاء 0.3%.

وكان التضخم الأميركي السنوي تراجع خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلى 3.1% من 3.2% في أكتوبر/تشرين الثاني السابق عليه.

واستجابت مؤشرات الأسهم الأميركية للبيانات بفقدان غالبية مكاسبها الخميس، مع أداء شبه عرضي أمس، آخر تعاملات الأسبوع، وسط تشكيك في إمكانية خفض الفائدة التي يعتمدها الاحتياطي الفدرالي الأميركي لوقف ارتفاعات الأسعار.

وتتوقع السوق إبقاء الفائدة الأميركية عند مستواها الحالي في نطاق 525 – 550 نقطة بنسبة 94.8% وفق أداء "فيد ووتش".

يُشار إلى أن رفع الفائدة الأميركية يعني المزيد من الضغط على النمو الاقتصادي الأميركي، إذ يرفع كلفة الاقتراض والحصول على تمويل من البنوك، بالتالي كبح تجدد الأنشطة الاقتصادية، كما أنه يدفع الأسواق الناشئة إلى ملاحقة معدلات الفائدة بأكبر اقتصاد في العالم لعدم فقدان التمويلات من الخارج والتي تفضل أدوات الدين الأميركية مع قوة الاقتصاد وارتفاع العائد.

تبعات الحرب

ويقول خبير الأسواق المالية جاد حريري -للجزيرة نت- إن اضطرابات جنوب البحر الأحمر تؤدي إلى ارتفاع أسعار الشحن مما ينعكس في النهاية على أسعار المستهلكين (التضخم) الذي يسعى الاحتياطي الفدرالي الأميركي إلى كبحه وهو ما قد لا يتيح مجالا لخفض معدلات الفائدة.

ويضيف أن الأسواق كانت تتوقع خفضا بنسبة 1.5% في معدلات الفائدة الأميركية، لكن البنك المركزي الأميركي يشير إلى خفض بنسبة 0.75%.

وعلى صعيد تداعيات الاضطرابات على الاقتصاد الأميركي، يقول حريري إن هذا التأثر -إن حدث- فإنه لن يغير من نظرة المستثمرين إليه كأقوى اقتصاد في العالم بالنظر إلى ضعف نمو الاقتصادات الأخرى في العالم.

وقال حريري إن الذهب يعد الملاذ الآمن في حالة اضطرابات البحر الأحمر، ويعتبر عاملا لمواصلة ارتفاع أسعاره، لكنه في المقابل قد يتأثر سلبًا إذا أبقت الولايات المتحدة على سياساتها النقدية لمواجهة التضخم المرتفع بالشهر الأخير.

وفي المجمل، يتوقع حريري أن يأخذ السوق في الاعتبار تأثير مؤشرات السياسة النقدية الأميركية (المتوقع أن يكون سلبيا على الذهب) أكثر من الاضطرابات الجيوسياسية (الإيجابية على المعدن النفيس).

وبشأن أسعار النفط، يرى حريري في تأثير الاضطراب عاملا إيجابيا مؤثرا على أسعار النفط، ففي حال إغلاق مضيق باب المندب، فإن ذلك سيضاف إلى الخفض الطوعي الأخير بالإنتاج المقر من قبل تحالف أوبك بلس ليصل برميل خام برنت لنحو 100 دولار للبرميل، والخام الأميركي 98 دولارًا.

وفي حال تلاشي الاضطرابات جنوب البحر الأحمر، فإن الأسواق ستعود إلى التركيز على تخفيضات أوبك بلس بالإنتاج مع مستويات الطلب ومؤشرات النمو الاقتصادي للدول.

المصدر : الجزيرة + وكالات