حرب غزة و"الإصلاحات القضائية" تضربان عصب الاقتصاد الإسرائيلي في 2023

حرب غزة و"الإصلاحات القضائية" تضربان عصب الاقتصاد الإسرائيلي في 2023

28 ديسمبر 2023
خفض بنك إسرائيل النمو إلى 2% في العام 2023 (أسوشيتدبرس)
+ الخط -

يطوي الاحتلال أحد أصعب الأعوام على الاقتصاد الإسرائيلي، بفعل اضطرابات الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل، والحرب الوحشية على قطاع غزة.

افتتح الاحتلال عام 2023، وسط توقعات لبنك إسرائيل بتحقيق البلاد نموا عند 4%، مقارنة مع 6.5% في 2022، مدفوعاً بزخم الاستثمارات الأجنبية وقوة الشيكل. إلا أنه واعتباراً من الشهر الأول للعام الجاري، شهدت إسرائيل موجة احتجاجات على تشريعات دفعت بها الحكومة لتعديل القضاء، إذ تعتبرها المعارضة "انقلاباً على الديمقراطية" كونها تحد من سلطات المحكمة العليا.

أمام هذه التعديلات، أصدر بنك إسرائيل تحذيرات من المضي قدماً في الإصلاحات، إلى جانب تقارير أخرى من وكالات التصنيف الائتماني حول الاقتصاد الإسرائيلي، رافقه تخارج بأكثر من 30 مليار شيكل من الاستثمارات، بحسب تقرير سابق لصحيفة "ذي ماركر" العبرية.

أمام هذا، خفض بنك إسرائيل النمو إلى 2%، وهو نمو يعتبر صفرياً، إذا ما تم احتساب الزيادة الطبيعية للسكان.

والشهر الماضي، قال بنك "جيه بي مورغان تشيس"، إن الاقتصاد الإسرائيلي قد ينكمش بنسبة 11% على أساس سنوي، في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الجاري، مع تصاعد الحرب على قطاع غزة.

تراجع الشيكل

افتتح سعر صرف الشيكل العام الجاري، عند مستوى 3.46 شيكل أمام الدولار، لكنه بدأ بالانزلاق منذ اندلاع الاحتجاجات، وصولاً إلى 3.86 شيكل عشية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

مع اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدأ الشيكل رحلة هبوط أكبر ليسجل 4.08 أمام الدولار نهاية أكتوبر، وهو أدنى مستوى للعملة الإسرائيلية منذ عام 2012.

تدارك بنك إسرائيل هبوط الشيكل، عبر ضخ سيولة بالدولار في الأسواق، وإجراءات أخرى تزيد من وفرة النقد الأجنبي، وتوفر احتياطات أجنبية قوية، ليستقر الخميس عند مستوى 3.64 أمام الدولار، وهو سعر أضعف مما بدأ به 2023.

بورصة تل أبيب

وصف محللو بورصة تل أبيب هذا الأسبوع، التقرير السنوي الصادر عن البورصة لسنة 2023، بأنه الأكثر سلبية منذ الأزمة المالية العالمية.

والاثنين، قالت بورصة تل أبيب، إن أداء الأسهم المحلية في 2023 كان أقل من أداء مؤشرات الأسهم العالمية الرئيسية، التي ارتفعت بنحو 20 بالمائة على الرغم من بيئة أسعار الفائدة المرتفعة.

ففي السنوات الأخيرة، كان للأسهم الإسرائيلية والشيكل ارتباط كبير بمؤشر ستاندرد آند بورز 500 في وول ستريت وأسهم التكنولوجيا العالمية، أي أنه إذا ارتفع مؤشر الأسهم الأميركية، تبعته السوق الإسرائيلية بحركة مماثلة في نفس الاتجاه وارتفع الشيكل، والعكس صحيح.

ورأى التقرير أن العام الجاري كان مخالفا لهذه الاتجاه التقليدي، حيث "ارتفع مؤشر أسهم الشركات الكبرى TA-35 بنسبة 1.4% فقط، في حين قفز مؤشر S&P 500 بنسبة 23%، وارتفع مؤشر Nasdaq 100 بنسبة 51%".

ومطلع العام الجاري، خيم على سوق الأوراق المالية المحلية حالة من عدم اليقين السياسي المتزايد بشأن الإصلاح القضائي الذي اقترحته الحكومة، والمخاوف من أن التغييرات المخطط لها في النظام القانوني.

تقرير البورصة، يكشف كذلك عن سحب الجمهور في عام 2023 مبلغ 30 مليار شيكل (8.1 مليارات دولار) من الصناديق التي تستثمر في الأسهم والسندات في تل أبيب.

سوق العمل

على الرغم من تراجع البطالة في إسرائيل إلى مستوى 3.2% عشية الحرب على قطاع غزة، وهو أدنى مستوى تاريخي، إلا أن الحرب ألقت بأكثر من 950 ألف موظف وعامل، إما في منازلهم، أو في التجنيد لتعبئة الحرب على غزة.

ويتوزع الرقم بين 760 ألف موظف وعامل إسرائيلي، التزموا منازلهم بسبب حصولهم على إجازات مفتوحة أو عدم تمكنهم من الالتحاق بأعمالهم (400 ألف) أو التحقوا بالجيش (360 ألفا).

كما يشمل الرقم الإجمالي 170 ألف عامل فلسطيني لم يتمكنوا من العودة لأعمالهم في إسرائيل منذ 7 أكتوبر، حتى نهاية 2023، منهم 90 ألفا ينشطون في قطاع البناء.

وبحسب موقع "timesofindia" نفذ مسؤولو عمل إسرائيليون، ثلاث زيارات بهدف جذب العمالة الهندية إلى إسرائيل، ليكونوا بديلا عن العمالة الفلسطينية.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وبنهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قفزت البطالة في إسرائيل إلى 10%، وهو مستوى غير مسبوق منذ الأزمة المالية العالمية، بحسب بيانات البنك الدولي التاريخية للبطالة في إسرائيل.

وكالات التصنيف العالمية

حاصرت وكالات التصنيف العالمية، الاقتصاد الإسرائيلي بتقارير سلبية لأداء الاقتصاد بسبب الحرب على قطاع غزة، وهو ما يعني تحول تل أبيب إلى قبلة منفرة للاستثمارات الأجنبية.

إذ وضعت وكالتا "فيتش" و"موديز" السندات الحكومية الإسرائيلية تحت المراقبة ترقباً لتخفيض التصنيف الائتماني، بينما وكالة "ستاندرد آند بورز" تعدل النظرة لاقتصاد إسرائيل إلى سلبية من مستقرة.

وتوقعت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني، في 14 نوفمبر الماضي، نمو الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 0.5% فقط خلال العام المقبل مقارنة مع 2.8% في توقعات سابقة، بسبب تبعات الحرب على قطاع غزة.

وفي 18 أكتوبر، وضعت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، تصنيف إسرائيل تحت المراجعة السلبية، وسط خسائر متوقعة بدأ اقتصادها يواجهها بسبب الحرب على قطاع غزة.

وفي 19 أكتوبر، وضعت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية، تصنيف إسرائيل -وهو عند (A1)-، قيد المراجعة لخفض محتمل، وأرجعت ذلك إلى صراعها العسكري مع المقاومة الفلسطينية.

الملاحة البحرية

وتحولت الملاحة البحرية إلى تهديد آخر إضافي على الاقتصاد الإسرائيلي منذ 18 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بإعلان جماعة الحوثي في اليمن، استهداف أية سفينة مرتبطة بإسرائيل، تمر عبر مضيق باب المندب.

وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت جماعة الحوثي اليمنية، الاستيلاء على سفينة الشحن "غالاكسي ليدر"، المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي، في البحر الأحمر، واقتيادها إلى الساحل اليمني.

وتوعدت جماعة "الحوثي" في أكثر من مناسبة، باستهداف السفن التي تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية، "تضامنا مع فلسطين"، ودعت الدول إلى سحب مواطنيها العاملين ضمن طواقم هذه السفن.

وتحول ميناء إيلات الإسرائيلي على البحر الأحمر، إلى مكان خال من السفن بسبب تحول الشحنات إلى البحر المتوسط، في وقت ارتفعت حدة المخاطر من وفرة إمدادات السلع للأسواق الإسرائيلية.

والاثنين، حذرت جمعية الصناعات الغذائية الإسرائيلية، من خطر نقص الغذاء في البلاد في حالات الطوارئ، إثر تهديدات الحوثيين بالبحر الأحمر، في ضوء تطورات الحرب على غزة.

ونقلت النسخة الإلكترونية لصحيفة "معاريف" العبرية، عن جمعية الصناعات الغذائية الإسرائيلية قولها إن هناك "خطر نقص الغذاء في حالات الطوارئ، بعد التهديدات في البحر الأحمر على ضوء تطورات الحرب في غزة".

وأشارت إلى "تهديدات الحوثيين بإغلاق مضيق باب المندب".

وطالبت الجمعية الإسرائيلية، بإجراءات لضمان تحقيق هدف أن لا يكون إنتاج الغذاء المحلي أقل من 75% من احتياجات الغذاء في إسرائيل.

(الأناضول)

المساهمون