شظايا الحرب على تجارة الإمارات: منتجات جبل علي مهدّدة

شظايا الحرب على تجارة الإمارات: تصعيد المقاطعة في اليمن يهدد منتجات جبل علي

14 ديسمبر 2023
توقعات بتاثيرات سلبية للعدوان الإسرائيلي على تجارة الإمارات (Getty)
+ الخط -

يُتوقع أن تكون لإجراءات جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن في ما يتعلق بمنع تداول بضائع الشركات الداعمة لإسرائيل، في 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أصداء خليجية، في ظل إعادة تصنيع عديد المنتجات الإسرائيلية في ميناء "جبل علي" وبيعها على أنها منتجات إماراتية.

وأصدر وزير الصناعة والتجارة في حكومة الحوثيين بصنعاء محمد شرف المطهر، قراراً بـ"حظر المنتجات الأميركية وكل الشركات الداعمة للكيان الصهيوني"، كما قرر شطب الوكالات والعلامات التجارية الأميركية والشركات التي تدعم إسرائيل، بحسب بيان للوزارة.

حملات ميدانية
وجاء قرار المطهر متزامنا مع تنفيذ حملات ميدانية في صنعاء لإزالة اللوحات الإعلانية لبضائع ومنتجات الشركات الداعمة لإسرائيل، خصوصاً الأميركية منها، وفقاً لقائمة "المقاطعة" التي أصدرتها وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء.

ولهذا القرار مردود على السوق المحلية أيضا، إذ يستورد اليمن جميع احتياجاته السلعية من الخارج بنسبة تتجاوز 80%، بحسب بيانات رسمية، وتتحكم سلطة الحوثيين بإدارة ميناء الحديدة الاستراتيجي الذي اعتمد اليمن عليه بشكل رئيسي في الاستيراد والشحن التجاري، بنسبة تتجاوز 70%، قبل إغلاقه في عام 2018 على وقع الحرب في البلاد. وأعيد افتتاح الميناء في مطلع العام الجاري في إطار تفاهمات بين أطراف الصراع اليمني، وفي ظل جهود أممية ودولية للتوصل إلى اتفاق بين أطراف الصراع الدائر في اليمن منذ عام 2015.

ويمثل القرار الحوثي تهديدا لعديد الشركات الإماراتية التي طاولتها حملات الدعوة إلى "المقاطعة"، باعتبارها أبرز دولة تمثل "الطرف الثالث" لترويج المنتجات الإسرائيلية، عبر تحويل مناطقها التجارية واللوجستية إلى "ساحة ترانزيت" لها، ما بدا جليا في إعادة التغريد على وسوم تذكر بشمول المقاطعة لعديد الشركات الإماراتية، مثل "مقاطعة_المنتجات_الإماراتية" و"مقاطعة_بضائع_جبل_علي"، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي حال شمول المقاطعة "الرسمية" في اليمن لبضائع جبل علي، فإن تأثير ذلك سيتعدى إلى باقي دول الخليج العربية، لأن الميناء الإماراتي مصدر رئيسي للبضائع إلى كافة دول مجلس التعاون الخليجي.

شركات الإمارات
يشير الخبير الاقتصادي والمستشار المالي، علي أحمد درويش، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن الاتجاه الحوثي يمثل مواصلة لاستراتيجية الضغط على الشركات التي تتعامل مع إسرائيل، وذلك بعد الضغط على الشركات المالكة لناقلات النفط، عبر الاستيلاء على سفينتين. ولذا يرى درويش أن القرار الحوثي بحظر منتجات الشركات الداعمة لإسرائيل سينعكس سلبا على عديد الشركات العربية، خاصة بالدول التي طبعت العلاقات رسميا مع إسرائيل، لا سيما الإمارات، ما يندرج ضمن تداعيات الصراع في منطقة الشرق الأوسط، الذي تعتبر اليمن أحد أطرافه.

ومن شأن ذلك أن ينعكس أيضا على سيل حركة النقل البحرية من الخليج العربي إلى أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي على دول الخليج، وخاصة الإمارات، بحسب درويش، مشيرا إلى أن "هذا الأمر لن يكون سهل المعالجة إلا في حال وضعت الحرب أوزارها، وكانت هناك حلول مستدامة".
ومع استمرار حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، باستمرار الحرب في غزة، ستكون اقتصاديات دول الخليج المتأثر الأول بالصراع القائم، "لأن هذا الصراع يمتد على رقعة واسعة، ومن الممكن توسعها بشكل أكبر"، حسب درويش.

وكانت العلاقات بين إسرائيل والإمارات، تسير على مسار نمو قوي وتتقدم، قبل العدوان على غزة، حيث كان من المقرر أن تتجاوز التجارة الثنائية بين البلدين 3 مليارات دولار بحلول نهاية هذا العام بسبب اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، والتي سرت اعتبارًا من 1 إبريل/نيسان الماضي. ووقعت الإمارات وإسرائيل اتفاقية الشراكة بهدف تحفيز التجارة البينية وصولاً إلى 10 مليارات دولار سنوياً خلال 5 أعوام. وفي 13 أغسطس/ آب 2020، وعبر اتفاق بين ولي عهد أبو ظبي (في حينها)، محمد بن زايد آل نهيان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تم الاتفاق على بدء تطبيع العلاقات بين البلدين.

وجاء في بيان مُشترك أصدرته الإمارات وإسرائيل والولايات المتحدة أن الدول الثلاث "وافقت على التطبيع الكامل للعلاقات بين إسرائيل والإمارات". وأُقيم حفل التوقيع بشكل رسمي في 15 سبتمبر/ ايلول 2020.

عامل ضغط
في السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي، محمد الناير، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن الحظر الحوثي على منتجات الشركات الداعمة لإسرائيل يعد امتدادا رسميا لحملات المقاطعة الشعبية، التي وصل صداها إلى تركيا وماليزيا وغيرها من الدول، بهدف تكبيد الشركات الإسرائيلية خسائر باهظة أو تلك التي لديها صلة بإسرائيل أو داعمة لها أو منخرطة في شراكات استراتيجية معها.

ويرى الناير أن الانخراط الحوثي لترجمة مقاطعة كهذه إلى المستوى الرسمي يمثل عامل ضغط كبيرا على الشركات العربية ذات العلاقات التجارية مع إسرائيل، خاصة أن تطورات الأوضاع في فلسطين المحتلة باتت تمثل تحولا كبيرا جدا بالنسبة لقضية التطبيع مع دولة الاحتلال. فإسرائيل كانت تخطط لتنظيم حالة تطبيع عامة وسريعة في المنطقة، لكن حصل اختلاف كبير جدا بعد الحرب في غزة، والموقف الآن تجاه إسرائيل سالب بصورة كبيرة، بحسب الناير، الذي يتوقع أن يعود الاتجاه العام في الدول العربية والإسلامية نحو مقاطعة المنتجات الإسرائيلية أو الشركات ذات العلاقة بالشركات الإسرائيلية خلال الفترة المقبلة.

وعليه فإن حسابات الدول وشركاتها بالنسبة للعلاقات مع إسرائيل في المرحلة القادمة ستضع في الاعتبار الاحتمال الكبير لحدوث خسائر في منتجات هذه الشركات، بحسب الناير.

المساهمون