سيناريو مجاعة غزة: الاحتلال يعطّل معبر رفح

سيناريو مجاعة غزة: الاحتلال يعطّل معبر رفح

08 ديسمبر 2023
الاحتلال يستهدف قتل المزيد من سكان غزة عبر حرب التجويع (محمد عابد/فرانس برس)
+ الخط -

باتت رفوف ما تبقى من متاجر في غزة فارغة مع نفاد مخزون الغذاء والسلع الضرورية من جانب، وتعطل قوافل الإغاثة على أبواب معبر رفح في ظل القصف الوحشي الإسرائيلي على القطاع من جهة ثانية، ما أدى إلى ظهور بوادر مجاعة تهدد الفارين داخليا.

وسمحت قوات الاحتلال بدخول 70 شاحنة محملة بالمواد الإغاثية الإنسانية، أمس الخميس، وسط تحذيرات الأمم المتحدة من انهيار مؤسسات الإغاثة الدولية واتجاه الوضع إلى مزيد من التدهور وكوارث إنسانية تهدد بمجاعة وتفشي الأوبئة بين المواطنين داخل قطاع غزة.

وتنتظر أمام المعبر 135 شاحنة أخرى محملة بالأدوية والطعام إنهاء الجانب الإسرائيلي إجراءات الدخول للمنطقة العازلة بين بوابتي رفح المصرية والفلسطينية.

كما تجري عمليات التفتيش ببطء شديد، كما ذكر سائقو شاحنات لوسائل الإعلام، بينما منحت أولوية لدخول شاحنتي وقود تحملان نحو 60 ألف طن من السولار طلبتها المنظمات الدولية العاملة في غزة على وجه السرعة لإنقاذ المؤسسات الطبية والإنسانية والحؤول دون التوقف التام عن العمل، خاصة أن المساعدات التي يجري إدخالها للقطاع لا تكفي حاجة المنكوبين من المرضى والجرحى وتشغيل طواقم الإسعاف والمستشفيات، التي تعطلت بنسبة 70% من طاقتها جراء القصف الإسرائيلي المستمر على مراكز الإغاثة الإنسانية.

تهديد القوافل
تواصل قوات الاحتلال تحرشها بالسائقين وعمال الإغاثة المصريين الذين يساعدون على نقل الشحنات إلى داخل القطاع، مع تهديد القوافل الإغاثية باستهدافها بالقرب من الحدود وقصفها المروع على أنحاء قطاع غزة بطريقة ممنهجة لدفع الفارين من الموت تحت القصف الوحشي إلى الهجرة القسرية بين أنحاء القطاع أو الخروج منه إلى الحدود المصرية، في ظل ندرة هائلة في مياه الشرب النظيفة وشح الغذاء وتعذر دخول المساعدات الإنسانية تحت لهيب النيران.

تقول القيادية بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مريم أبو دومة، لـ"العربي الجديد"، إن إسرائيل تواصل عدوانها الذي يدخل شهره الثالث، وتحول دون دخول المساعدات الإنسانية المكدسة على الحدود مع غزة، لتتمكن من المزيد من القتل، وتواصل الإبادة الجماعية التي تمارسها ضد الشعب الفلسطيني، الذي يواجه شبح مجاعة وتدمير لم تشهدها مدن أخرى حتى في أحلك معارك القتال التي شهدتها الحرب العالمية الثانية.
وسجل المعبر دخول 3500 شاحنة مساعدات منذ سماح سلطات الاحتلال بعودة دخول الشاحنات في 20 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، من بينهما 2000 شاحنة قدمها التحالف الوطني للجمعيات الأهلية والقوى الوطنية في مصر. ووافقت قوات الاحتلال على دخول 200 شاحنة مساعدات يوميا، أثناء وبعد انتهاء الهدنة التي استمرت 7 أيام بين 24 و30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. لكن دخول كميات المساعدات تراجع إلى أقل من 100 شاحنة مع استئناف العدوان، وشهد اليوم الأول بعد عودة إطلاق النار، دخول مائة شاحنة يوميا مع كميات مختلفة من الوقود انخفضت من 138 ألف لتر من الوقود إلى 69 ألف لتر، حتى ظُهر الاثنين الماضي.

مساعدات ضئيلة
أكد الهلال الأحمر الفلسطيني أن حجم المساعدات لا يتخطى 20% من الأدوية والمستلزمات الطبية التي كان يحتاجها القطاع خلال الأسبوع الماضي. ووصلت إلى ميناء العريش 5 سفن مساعدات إنسانية من عدة دول ومستشفى طبي إيطالي، و7200 طن من المستلزمات الطبية والخيام والمستشفيات الميدانية التي حملتها 276 طائرة قدمتها الدول العربية والإسلامية ومنظمات إغاثة دولية منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، وفقا لتصريحات المسؤولين بمحافظة العريش والهلال الأحمر المصري، الذي يتولى تنسيق وصول المساعدات إلى قطاع غزة مع الهلال الأحمر الفلسطيني.

حملت المساعدات طائرات تابعة لمنظمة الغذاء العالمي واليونيسف ومنظمة الصحة العالمية وأطباء بلا حدود والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، والكويت وتركيا وقطر والإمارات وروسيا والسعودية وإندونيسيا وفرنسا والمغرب وباكستان والبحرين وفنزويلا والهند وكينيا وكولومبيا وماليزيا واليونان وليبيا وسلطنة عمان والشيشان وبلجيكا. وتقدر "الأونروا" عدد الشاحنات التي يحتاجها القطاع بما بين 500 و600 شاحنة، تشمل المواد الغذائية والإنسانية والوقود يوميا. واستلمت جمعية الهلال الأحمر المصري شحنة مساعدات إنسانية وصلت منذ يومين على متن طائرة روسية تتكون من 27 طنا من مواد الإغاثة الإنسانية لنقلها إلى مدينة غزة مع عودة تشغيل المعابر. كما كشف مكتب وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا عن تعهد فرنسا بإرسال 600 طن من المساعدات الغذائية إلى غزة خلال الساعات المقبلة.

أزمة إنسانية مروعة
تقدمت عشرات الهيئات والمؤسسات والشخصيات العامة في مصر، ظهر أمس، بعريضة (بيان) مطالب شعبية للرئاسة والمؤسسات الدولية تدعو الدول إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف الإبادة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني ووقف إطلاق النار وخطط التهجير القسري. وأشارت العريضة الشعبية إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المروعة التي تتكشف في قطاع غزة وأنحاء فلسطين، لليوم 61 على التوالي، بدعم غير مشروط محمل بالعنصرية من الولايات المتحدة وأوروبا وشراكة المؤسسات الإعلامية الدولية في تمكين الاحتلال من ترويج دعاية الإبادة والتطهير العرقي ونزع صفة الإنسانية عن الفلسطينيين. وبيّنت العريضة مخططات التهجير المعلنة من قبل الاحتلال التي يطبقها بقسوة، بداية بالتنكيل الجماعي ومرورا بالإبادة والتهجير القسري، وهو ما أدى إلى مقتل 20 ألفاً و31 فلسطينياً في غزة، من بينهم 8176 طفلا و4112 امرأة، فيما أصيب أكثر من 36 ألفاً و350 شخصاً، 70% منهم من الأطفال والنساء. كما أشار البيان الذي وزع أمس على وسائل الإعلام المصرية والعالمية، إلى تدمير الاحتلال 59 ألفاً و240 وحدة سكنية، وإلحاق أضرار بنحو 165 ألفاً و300 وحدة أخرى، بالإضافة إلى تدمير 124 منشأة صحية، كليا وجزئيا، وتضرر 266 مدرسة وتدمير 91 مسجدا و3 كنائس و140 مقرا صحافيا، و1040 منشأة صناعية، ونزوح مليون و730 ألف شخص بين أنحاء القطاع، وهو ما يمثل 75% من تعداد السكان.

توسيع مساحة التجويع
وأكد البيان على توسع إسرائيل مساحة التجويع الشامل للقطاع من خلال إغلاق المعابر الحدودية وقطع إمدادات الماء والغذاء والوقود وفرض حظر التنقل داخله، مع تقسيمه لقطاعات وحظر توريد إمدادات إنسانية مع التهديد المستمر باستهدافها عسكريا.

وفي السياق، طالب البيان الدولة باستخدام كافة الوسائل السياسية للضغط حتى الوقف الفوري لإطلاق النار فورا وفتح معبر رفح فورا من الاتجاهين للسماح للمساعدات الإنسانية بالدخول إلى كافة مناطق قطاع غزة بشكل غير مشروط، بما يشمل الغذاء والوقود والأدوية وغيرها من ضرورات الحياة، والسماح بدخول الجرحى والمصابين إلى الجانب المصري دون شرط.

وشدد البيان على إلغاء كافة العلاقات الدبلوماسية والتطبيع مع إسرائيل بما يشمل السحب الفوري لسفير مصر من تل أبيت وطرد السفير الإسرائيلي من القاهرة، وتجميد العلاقات الاقتصادية الراهنة مع دولة الاحتلال، وعلى رأسها الاتفاقات الخاصة بالغاز الطبيعي وإيجاد آلية لمحاسبة الاحتلال على جرائمه التاريخية بحق الشعب الفلسطيني.
من جانبها، أكدت منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، أن الوضع الإنساني يسير من سيئ إلى أسوأ، ويتجه نحو كارثة إنسانية قاسية". وقال المتحدث باسم الوكالة كاظم أبو خلف في تصريحات للصحافيين إن الإمدادات الإنسانية والوقود الذي قد يصل إلى قطاع غزة غير كاف على الإطلاق، مع تزايد الحاجة يوما تلو الآخر.

سيناريو مرعب
أشارت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية لين هاستنغز، التي تحاول إسرائيل طردها من الأراضي المحتلة، إلى "سيناريو مرعب على وشك أن يتكشف، لن تستطيع معه العمليات الإنسانية الاستجابة للاحتياجات المطلوبة". صرحت هاستنغز للصحافيين بأن "الظروف الضرورية لإيصال المساعدة إلى سكان غزة منعدمة، وما نشهده يتجسد في مراكز إيواء بلا إمكانيات ونظام صحي منهار وانعدام مياه الشرب النظيفة، وعدم وجود الصرف الصحي الملائم وسوء التغذية، بما يوفر البيئة المثالية لانتشار الأوبئة وحدوث كارثة صحية عامة".
ويهيم نحو 1.2 مليون نسمة من المشردين في أنحاء غزة ويبحثون عن مأوى في مراكز الإيواء بالمستشفيات والمدارس ومحطات الوقود التابعة للأونروا. وكانت الأمم المتحدة قد أكدت أن قصف مدن القطاع دفع 1.9 مليون إنسان بنسبة 85% من إجمالي السكان للنزوح الداخلي، تاركين وراءهم كل شيء، وذلك من 46 ألف بيت تعرضت للتدمير في الشمال مع تعرض 234 ألف وحدة سكينة لأضرار متفاوتة.

المساهمون