ضربة ثلاثية لأسواق إسرائيل... الحرب تصيب مواسم التسوق

ضربة ثلاثية لأسواق إسرائيل... الحرب تصيب موسم التسوق و"يوم العزاب" و"الجمعة السوداء"

01 نوفمبر 2023
الإسرائيليون يركزون إنفاقهم على السلع الغذائية في ظل الحرب (فرانس برس)
+ الخط -

بينما تتلهف الشركات والمتاجر الإسرائيلية لحلول نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام، لإنعاش مبيعاتها مستفيدة من مواسم تسوق محلية وعالمية كبرى، يحل الشهر هذا العام حاملاً معه خسائر لم تكن في الحسبان، وسط غلق معظم المتاجر وعزوف المتسوقين في ظل الحرب الدائرة بين جيش الاحتلال والمقاومة الفلسطينية.

ومن المقرر أن يبدأ اليوم الأربعاء الذي يوافق الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني موسم التسوق في إسرائيل، الذي لطالما أعلنت فيه المتاجر والأسواق عن تخفيضات (حسومات) كبيرة لإنعاش المبيعات، إلا أن هذا العام يحمل خسائر باهظة لمختلف الأنشطة التجارية من ملابس ومجوهرات وأجهزة إلكترونية وكهربائية بشكل خاص، إذ يركز المستهلكون مشترياتهم على السلع الأساسية، لا سيما الغذائية، في ظل المخاوف من طول أمد الحرب وتداعياتها على الحياة اليومية.

ووفق تقرير لصحيفة معاريف الإسرائيلية، أمس الثلاثاء، فإن من المتوقع حدوث انخفاض حاد في المبيعات مقارنة بالسنوات السابقة، بينما تواجه معظم فروع الشركات التجارية صعوبات حادة بسبب الحرب.

وبينما كانت مواسم التسوق تركز في الماضي في تقديم حسومات على الأزياء والأثاث والسلع الفاخرة، فإن الاهتمام هذا العام ينصب على السلع الاستهلاكية الأساسية.

وقال تالي هولينبيرغ، نائب رئيس المبيعات في منصة شيبا للشحن عبر الإنترنت، إن المستهلكين يدخلون في روتين الحرب، حيث يتزايد الإنفاق في قطاعات الاستهلاك الرئيسية في الاقتصاد.

وتبدد الحرب الحالية التي تعد أسوأ تصعيد مسلح تدخله إسرائيل منذ 50 عاماً مكاسب الرفاهية التي نعم بها الاقتصاد على مدار عقود ماضية بدعم من صادرات التكنولوجيا واكتشافات الغاز الطبيعي البحرية وارتفاع مستويات المعيشة، إذ ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى ما يقرب من 55 ألف دولار، متجاوزاً دولاً مثل المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا.

وتختبر هذه الحرب قدرة إسرائيل على الصمود. وانهار إنفاق الأسر، ما أحدث صدمة كبيرة لقطاع المستهلكين الذي يمثل نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي. كذلك انخفض الاستهلاك الخاص بنحو الثلث في الأيام التي تلت اندلاع التصعيد، مقارنة بمتوسط أسبوع في عام 2023، وفقاً لغرفة مقاصة نظام المدفوعات في إسرائيل "شفا". وانخفض الإنفاق على أمورٍ مثل الترفيه والتسلية بنسبة تصل إلى 70%.

وفي حين تتضاءل الآمال في أن تتحرك مبيعات الكثير من السلع والمنتجات في موسم الحسومات الإسرائيلي، تتعرض الأسواق لضربتين أخريين، تتمثلان في ضياع فرص الاستفادة من موسمي التسوق العالميين "يوم العزاب" الصيني الذي يوافق 11 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام ويقبل فيه المتسوقون الإسرائيليون والشركات التجارية على حد سواء، وما تعرف بـ"الجمعة السوداء" التي تحل في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني.

وفي "الجمعة السوداء" من العام الماضي 2022، أنفق الإسرائيليون أكثر من 890 مليون شيكل (245 مليون دولار) في الداخل، ونحو 100 مليون شيكل في الخارج، بحسب تقرير "القناة 12" الإسرائيلية، حيث وصلت نسبة الخصم في تلك الجمعة إلى 30%، بينما كانت هذه النسبة في سنوات ماضية تصل إلى ما بين 50% و70% في المتاجر.

 

غرف الفنادق للنازحين

ودعا فاعلون اقتصاديون إلى إدراج الفنادق هذا العام على قائمة موسم الحسومات، إلا أن هذه الدعوة تواجه أيضا بالفشل، إذ تسببت عمليات الإجلاء التي أجرتها حكومة الاحتلال للعديد من المستوطنات المتاخمة لحدد قطاع غزة (جنوباً) وكذلك القريبة من الحدود اللبنانية (شمالاً) منذ اندلاع عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في اكتمال نسبة الإشغال تقريبا في مختلف الفنادق في تل أبيب وغيرها من المناطق.

ووفقاً للبيانات التي جمعها قسم الأبحاث في الكنيست، فإن أكثر من 47 ألف غرفة في الفنادق ودور الضيافة يشغلها بالفعل الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من الشمال والجنوب، معظمهم في تل أبيب والقدس المحتلة وإيلات.

وفي المجموع، جرى إجلاء حوالي 126 ألف شخص إلى الفنادق. بينما يبلغ احتياطي الغرف الفندقية ودور الضيافة المتاحة حالياً والتي يتوقع شعلها في حالة إجلاء أشخاص آخرين حوالي 5222 غرفة.

وبحسب البيانات التي قدمتها وزارة السياحة للكنيست، وفق تقرير لصحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية، فإن العدد الأكبر من الغرف الشاغرة يقع في تل أبيب، بواقع 1654 غرفة، والقدس المحتلة (964 غرفة)، وإيلات (904 غرف).

ولم يبق على الإطلاق أو لم يعد هناك سوى غرف قليلة هي الجليل (شمال فلسطين المحتلة) وهرتسليا وأشدود (على البحر المتوسط) وهضبة الجولان المحتلة في سورية.

ومع استمرار الحرب ضد قطاع غزة واحتمال اتساع نطاقها في المنطقة، تتصاعد خسائر القطاعات الاقتصادية الإسرائيلية يوما تلو الآخر، ما يدخِل مختلف الأنشطة في دوامة الاستنزاف، وترتفع كلف فاتورة الدعم الحكومي لها.

ونشرت وزارة المالية الإسرائيلية، مساء الأحد الماضي، مسودة مخطط جديد لتعويض العاملين وأصحاب الأعمال الحرة وأصحاب الأعمال الصغيرة الذين تضرروا مالياً من الحرب، بعد أن تعرض المخطط الأول لانتقادات شديدة، حيث سيتم دعم الرواتب وتسهيلات على صعيد إعانات البطالة للأشخاص الذين تم تسريحهم من وظائفهم، وفق ما نقلت صحيفة معاريف.

وبحسب المخطط، فإن المشاركة في تكلفة توظيف الموظفين سترتفع من 60% إلى 75% من الراتب، وسيزيد الحد الأقصى للتعويض للعاملين لحسابهم الخاص والشركات الصغيرة المتضررة من حوالي 8200 شيكل إلى حوالي 14000 شيكل (3500 دولار)، وستكون هناك تسهيلات في مخصصات البطالة للموظفين الذين تم إخراجهم للحصول على بدل البطالة، بحيث تكون الأغلبية العظمى مؤهلة.

 

مخطط لدعم أصحاب الأعمال الخاصة

وفقاً للمخطط، سيسري العمل بهذه الإجراءات 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ويجوز لوزير المالية بموافقة اللجنة المالية في الكنيست التمديد حتى نهاية العام. وأدى الاستدعاء العسكري وتجميد الاقتصاد بشكل جزئي إلى انهيار مفاجئ في مختلف الأنشطة، وقلب كل شيء من الأعمال المصرفية حتى الزراعة.

ويكلف الاستدعاء الحكومة ما يعادل 2.5 مليار دولار شهرياً، وفقاً لبنك "مزراحي طفحوت"، أحد كبار المقرضين الإسرائيليين، فيما حذر البنك المركزي من أن التأثير سيتفاقم كلما طال أمد الصراع.

ويقارن الكثيرون عمليات الإغلاق التي أضرت بالاقتصاد البالغ حجمه 520 مليار دولار بجائحة فيروس كورونا، إذ أصبحت المدارس والمكاتب ومواقع البناء فارغة، أو تفتح لبضع ساعات فقط في اليوم. كذلك، حشدت إسرائيل عدداً قياسياً من جنود الاحتياط بلغ نحو 360 ألف جندي قبل هجومها البري على غزة، مما أدى إلى استنزاف ما يقرب من 8% من قوة العمل.

وفيما قالت الحكومة إن العجز المالي قد يزيد بأكثر من ضعفي توقعاتها السابقة هذا العام والعام المقبل، أصدرت كلّ من وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيفات الائتمانية، ووكالة "موديز" لخدمات المستثمرين، و"فيتش" للتصنيفات الائتمانية، تحذيرات بشأن توقعات ديون البلاد، مما جعل إسرائيل أقرب إلى التخفيض الأول على الإطلاق.

ورسمت وكالة "موديز" في تقرير صدر، الاثنين الماضي، صورة قاتمة للاقتصاد الإسرائيلي. ووفقاً لتوقعات وكالة التصنيف الائتماني العالمية، فإن العجز في الميزانية الإسرائيلية سيتزايد بسبب القفزة الكبيرة في التضخم وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي والإنفاق الضخم على ميزانية الدفاع وتداعيات الحرب على القطاعات الإسرائيلية التي تعطل معظمها بسبب استدعاء الموظفين للجيش.

وتتوقع موديز أن يتسع العجز المالي في الميزانية الإسرائيلية إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية العام الجاري وإلى 7.8% في 2024. كما تتوقع أن يقفز التضخم إلى 6.8% في 2024 مع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.4% فقط.

وتختلف هذه التوقعات بشكل كبير عن التوقعات التي أصدرها بنك إسرائيل المركزي، الأسبوع الماضي، عندما أعلن أن سعر الفائدة سيبقى من دون تغيير عند 4.75%، متوقعا أن يبلغ التضخم 2.5% العام المقبل ونمو الناتج المحلي الإجمالي 2.8%.