FINANCIAL TIMES

الذكاء الاصطناعي .. الجاني في الأزمة المالية المقبلة

الذكاء الاصطناعي .. الجاني في الأزمة المالية المقبلة

حث رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية على ضرورة إيجاد الجهات التنظيمية بسرعة طريقة لإدارة المخاطر التي يشكلها تركز السلطة في منصات الذكاء الاصطناعي على الاستقرار المالي.
أخبر جاري جينسلر "فاينانشال تايمز" أنه دون تدخل سريع "يكاد يكون من المستحيل تجنب" تسبب الذكاء الاصطناعي في أزمة مالية في غضون عقد من الزمن.
وقال رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات إن تشكيل تنظيم الذكاء الاصطناعي سيكون اختبارا صعبا على الجهات التنظيمية الأمريكية، حيث إن المخاطر المحتملة تمس الأسواق المالية وتنبع من النماذج التي صاغتها شركات التكنولوجيا التي تقع خارج نطاق صلاحيات هيئات الرقابة في وول ستريت.
"إنه بصراحة تحد صعب. إنها مشكلة استقرار مالي تصعب معالجتها لأن معظم لوائحنا التنظيمية تتمحور حول المؤسسات الفردية، والبنوك الفردية، وصناديق أسواق المال الفردية، والوسطاء الأفراد، إنها ببساطة في طبيعة ما نقوم به. وهذا يتعلق بمسألة أفقية قد تعتمد من خلالها مؤسسات كثيرة على النموذج الأساسي نفسه أو قد تعتمد على شركة أساسية لجمع البيانات"، كما قال جينسلر.
اقترحت هيئة الأوراق المالية والبورصات في يوليو قاعدة تعالج تضارب المصالح المحتمل في تحليلات البيانات التنبؤية، لكنها ركزت على النماذج الفردية التي تستخدمها وكالات الوساطة ومستشارو الاستثمار.
قال جينسلر إنه حتى لو تم تحديث التدابير الحالية، "فلا تزال لا تصل إلى هذه القضية الأفقية (...) إذا كان الجميع يعتمد على نموذج أساسي ولم يكن النموذج الأساسي موجودا لدى وكيل الوساطة، لكنه موجود في إحدى شركات التكنولوجيا الكبرى. وكم عدد مقدمي الخدمات السحابية "الذين يقدمون عادة الذكاء الاصطناعي كخدمة" الموجودين لدينا في هذا البلد؟".
"لقد طرحت هذه القضية في مجلس الاستقرار المالي. وطرحتها في مجلس مراقبة الاستقرار المالي. أعتقد أنه في الواقع تحد مشترك بين الجهات التنظيمية"، كما أضاف.
تعاني الجهات التنظيمية حول العالم كيفية تنظيم الذكاء الاصطناعي، حيث لا ترصد هيئات رقابية محددة مجموعات التكنولوجيا ونماذجها بشكل طبيعي. تحرك الاتحاد الأوروبي بسرعة، حيث صاغ تدابير صارمة بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في قانون غير مسبوق من المتوقع أن تتم الموافقة عليه تماما بحلول نهاية العام. ومع ذلك، تراجع الولايات المتحدة التكنولوجيا لتحديد جوانبها التي تتطلب تنظيما جديدا وما الذي يخضع للقوانين الحالية.
اعتمدت وول ستريت بالفعل الذكاء الاصطناعي بعدة طرق، بدءا من تقديم المشورة الآلية وحتى عمليات فتح الحساب وفي تطبيقات الوساطة.
لكن جينسلر يشعر بالقلق من أن تأسيس قرارات الأطراف على نموذج البيانات نفسه قد يؤدي إلى سلوك القطيع الذي من شأنه أن يقوض الاستقرار المالي ويطلق العنان للأزمة المقبلة.
"أعتقد أننا سنواجه أزمة مالية في المستقبل(...) وفي تقارير ما بعد الإجراء سيقول الناس: آها! كان هناك إما شركة جمع بيانات واحدة وإما نموذج واحد (...) اعتمدنا عليه. ربما يكون ذلك في سوق الرهن العقاري. ربما يكون ذلك في قطاع ما من سوق الأسهم"، حسبما قال جينسلر.
وأضاف أن "اقتصادات الشبكات" القوية للذكاء الاصطناعي تجعل الأمر "محتوما تقريبا"، متوقعا أن الأزمة يمكن أن تحدث في أقرب وقت في أواخر عشرينيات أو أوائل ثلاثينيات القرن الحالي.
شدد مشرعون ومنظمون في واشنطن على التدقيق في الذكاء الاصطناعي، ما أثار مخاوف بشأن استقرار السوق وحماية البيانات ومكافحة الاحتكار. أطلقت لجنة التجارة الفيدرالية في يوليو مراجعة لشركة أوبن أيه آي، مطورة شات جي بي تي، للنظر في الضرر الذي يلحق بالمستهلك وأمن البيانات. وحذرت وكالات مكافحة الاحتكار من أن الاعتماد الهيكلي للذكاء الاصطناعي على نطاق واسع قد يؤدي إلى احتكارات تكنولوجية.
يعتقد جينسلر، الذي عالج مسألة التركز في أسواق المال لتعزيز الكفاءة، أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يولد قضايا المنافسة في هذا المجال. قال: "هل يمكن أن يؤدي هذا إلى تركز صناع السوق أكثر؟".
تضع هيئة الأوراق المالية والبورصات أيضا اللمسات الأخيرة على قانون طال انتظاره، تم اقتراحه في مارس 2022، الذي يتطلب من الشركات العامة الكشف عن انبعاثاتها المباشرة والانبعاثات الناتجة عن الطاقة التي تشتريها، والمعروفة باسم النطاق 1 والنطاق 2 على التوالي. وبموجب الاقتراح، يتعين الإبلاغ عن انبعاثات النطاق 3، وهو مقياس واسع يشمل المنتجات التي تشتريها الشركات من أطراف ثالثة، فقط في حال عدت "مهمة" أو جزءا من الأهداف المناخية للشركات.
رفض جينسلر التعليق على ما إذا كانت الإفصاحات عن النطاق 3، التي رحب بها المستثمرون لكن انتقدتها الشركات الأمريكية، سيتم تضمينها في النسخة النهائية للقانون.
مع ذلك، قال إنه سيفعل "الشيء الصحيح وفقا للعامة الأمريكيين من خلال تطبيق قاعدة ضمن القانون وتدعمها المحاكم، والتفكير في ذلك جيدا بناء على التعليقات التي تلقتها هيئة الأوراق المالية والبورصات، استنادا إلى الاقتصاد وإلى محاولة تحقيق بعض الاتساق لما يحدث بالفعل".
وأشار إلى أنه في 2021، كشفت 55 في المائة من الشركات المدرجة في مؤشر راسل 1000 بالفعل عن النطاق الأول والنطاق الثاني من الانبعاثات.
أثار اقتراح المناخ غضب المشرعين والمدعين العامين الجمهوريين، الذين هدد نحو 24 منهم بمقاضاة هيئة الأوراق المالية والبورصات على أساس أنها تتجاوز سلطتها، وهو ادعاء ينفيه جينسلر. تواجه أجندة الرئيس النشطة تحديات قانونية أخرى، بما في ذلك دعوى قضائية من ائتلاف من الأسهم الخاصة ورأس المال المغامر ومجموعات صناديق التحوط، التي تسعى إلى منع اتخاذ إجراءات جديدة شاملة تؤثر في مديري الصناديق الخاصة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES