عمال من غزة يتوجهون إلى معبر إيرز لدخول الأراضي الإسرائيلي (أرشيفية)
عمال من غزة يتوجهون إلى معبر إيرز لدخول الأراضي الإسرائيلي (أرشيفية)

يحمل أكثر من 18 ألفاً من سكان غزة تصاريح عمل في إسرائيل، ومنذ اندلاع التوتر الأخير، أصبح مصير عدد غير معلوم منهم مجهولا، فيما انقطعت عن آخرين منهم أخبار أسرهم التي تعيش تحت القصف الإسرائيلي في القطاع، ردا على هجمات حماس في السابع من أكتوبر.

وأوضح تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن "آلاف العمال من قطاع غزة انتقلوا إلى مناطق في الضفة الغربية"، مضيفة أن  بعض هؤلاء العمال "انقطعت اتصالاتهم بأصدقائهم وعائلاتهم، مما جعل هناك اعتقاد بأن من بينهم محتجزين لدى السلطات الإسرائيلية".

وأفادت القناة 12 الإسرائيلية، الثلاثاء، بأن السلطات تحتجز حوالي 4000 عامل من سكان غزة في منشأة أمنية للتحقيق معهم بشأن ما إذا كانوا قد ساعدوا حماس في التخطيط لهجومها.

وذكرت القناة أن بعض هؤلاء العمال يقيم "بشكل غير قانوني" في إسرائيل، فيما دخل البعض الآخر البلاد بتصريح عمل.

يأتي ذلك في أعقاب هجوم غير مسبوق لحركة حماس، المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، على إسرائيل بآلاف الصواريخ، فيما تسلل مسلحون تابعون لها بلدات غلاف غزة، وهاجموا مدنيين ومقرات عسكرية، مما أسفر عن مقتل 1400 شخص واختطاف العشرات، أغلبهم مدنيون وبينهم أطفال ونساء.

وأسفر الرد الإسرائيلي المتمثل بقصف متواصل على غزة، عن مقتل 2750 فلسطينيا، أغلبهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وفق آخر حصيلة أصدرتها وزارة الصحة في القطاع الفلسطيني.

وقال العامل في مجال البناء، عدلي سليم، في حديثه لـ"واشنطن بوست"، إنه خلال الأيام الأربعة الأولى من الحرب، واصل عمله في موقع بالقرب من تل أبيب، محاولا إبعاد شبح الذعر عن رأسه.

لكنه أوضح أنه بعد ذلك وجد نفسه على نحو مفاجئ "معزولا في إسرائيل"، بعيدا عن زوجته وأطفاله السبعة بقطاع غزة.

وفي خضم الأحداث المتصاعدة، ألغت إسرائيل جميع تصاريح العمل لسكان غزة، وحذفتهم من تطبيق هاتفي يستخدمونه لإثبات قانونية وضعهم داخل إسرائيل.

ونقلت الصحيفة الأميركية عن سليم قوله: "إسرائيل أدخلتنا هنا على نحو قانوني"، قبل أن يضيف أنه تعرض "للضرب والاحتجاز من قبل الشرطة الإسرائيلية، قبل أن يتمكن من الوصول إلى رام الله ثم أريحا"، وتابع: "الآن أريد العودة إلى منزلي".

وبحسب بيان لوحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية، والتابعة للجيش الإسرائيلي، فإن هناك "عددا غير محدد من الفلسطينيين من قطاع غزة، موجودين في منشأة إسرائيلية بالضفة الغربية".

وأوضح البيان أن مسألة بقائهم في المنشأة أو نقل آخرين إليها "سيتم النظر فيها وفقا لتطورات الموقف السياسي".

يذكر أن الحصول على تصريح أمني للعمل في إسرائيل يتطلب تدقيقا أمنيا مكثفا، ويدخل العمال من غزة إلى إسرائيل من خلال معبر إيرز، ويُسمح لهم فقط بحقائب صغيرة.

ويحظر عليهم حمل أدوات إلكترونية أو أدوات نظافة، وعادة ما يبقون في إسرائيل لأسبوع أو اثنين، ثم يعودون إلى أسرهم في عطلات نهاية الأسبوع، بحسب "واشنطن بوست".

ووصل أكثر من 1900 من عمال غزة في إسرائيل إلى أريحا (بعد اندلاع الحرب)، ويسكن نحو 450 منهم في مركز تدريب شرطي تديره حركة فتح الفلسطينية، وفق الصحيفة.

وقال مواطن من جنوبي غزة يدعى إبراهيم أبو عواد، لواشنطن بوست: "أعيدوا لي أطفالي". وكانت أسرته من بين مئات الآلاف من النازحين في غزة الذين انتقلوا إلى مدارس تابعة للأمم المتحدة في خان يونس.

وغادر أبو عواد غزة قبل قبل يومين من الهجوم الذي شنته حماس، وكان يعمل، السبت، في مدينة قيسارية الساحلية في إسرائيل، واحتجزته حينها الشرطة الإسرائيلية لفترة قبل إطلاق سراحه، وفق الصحيفة. وغادر مع عاملين اثنين آخرين في سيارة أجرة نحو الضفة الغربية.

وفي بلدة الرام، كان هناك 35 عاملا يقيمون في قاعة عادة تستخدم في إقامة الحفلات، ونقلت "واشنطن بوست" عن أحدهم قوله، إنه "يعمل منذ 8 أشهر في طلاء المباني داخل إسرائيل".

وأضاف عدي موسى أن عائلته تعيش "في عذاب" في قطاع غزة، ولا يتوقف عن متابعة الأخبار عبر شاشات التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي، في وسيلة للاطمئنان عليهم، مضيفا: "رسالتي هي وقف الحرب. لا نريد صراعات أو حروب".

وكشف موسى أن ابنه البالغ من العمى 8 سنوات مريض كبد، ومؤخرا حصل على تصريح لعلاجه في مستشفى بالقدس، وأضاف: "هذا بعيد المنال حاليًا"، مشيرًا إلى أن انهيار النظام الصحي في غزة "لا يجعل العثور على العلاج المطلوب أمرا ممكنا".

جدير بالذكر أن مشروع قرار صاغته روسيا في مجلس الأمن الدولي، يدعو إلى وقف إطلاق النار لدواع إنسانية في قطاع غزة، فشل، الإثنين، في الحصول على الحد الأدنى من الأصوات المطلوبة، وعددها 9 في المجلس المؤلف من 15 عضوا.

وحصل مشروع القرار على 5 أصوات مؤيدة، و4 معارضة، فيما امتنع 6 أعضاء عن التصويت.

كما لا تزال آلاف الاطنان من المساعدات الإنسانية أمام معبر رفح من الجانب المصري في انتظار الدخول إلى القطاع، ويأتي هذا بينما تعرض محيط المعبر لغارة جديدة، الإثنين، وفق وكالة "فرانس برس".

غانتس قدم مطلبا جديدا
غانتس قدم مطلبا جديدا

هل يتم حل "الكنسيت"؟، وما تأثير ذلك على الحرب في غزة؟، تساؤلات صاحبت، إعلان حزب بيني غانتس، العضو في حكومة الحرب الإسرائيلية، التقدم بمشروع قانون لحل "المجلس التشريعي الإسرائيلي، وإجراء انتخابات مبكرة".

والخميس، اقترح تحالف سياسي وسطي بزعامة غانتس، إجراء تصويت برلماني لحل الكنيست "البرلمان".

وتأتي هذه الخطوة في أعقاب مهلة منحها غانتس لرئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، الشهر الحالي، من أجل "تحديد استراتيجية واضحة للحرب في غزة قبل الثامن من يونيو"، مهددا بالانسحاب من حكومة الحرب إذا لم يقدم رئيس الحكومة الإسرائيلية مثل هذه الخطة.

حل الكنيست وإجراء "انتخابات مبكرة"؟

يضم الكنيست 120 مقعدا، فيما يسيطر ائتلاف نتانياهو اليميني على أغلبية مريحة بواقع 64 مقعدا، بينما لدى تحالف غانتس ثمانية مقاعد فقط في البرلمان.

ويلزم تشكيل حكومة الحصول على تأييد 61 نائبا على الأقل من الكنيست.

ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي، ايدي كوهين، إن "الائتلاف الحكومي قوي ويضم 64 مقعدا".

وبالتالي "فلا يستطيع غانتس حل البرلمان وإسقاط الحكومة"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

أما المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، فيؤكد أن "حل الكنيست ممكن فقط بوجود أغلبية".

وهذا الأمر "غير موجود حاليا" بامتلاك نتانياهو والائتلاف الحكومي "الأغلبية" في الكنيست، وفق حديثه لموقع "الحرة".

والحكومة الحالية "ليست معنية بالذهاب للانتخابات"، لأن ذلك سيكون "اعتراف ضمني" بالمسؤولية عما حدث يوم 7 أكتوبر والإخفاقات بعد ذلك التاريخ على أكثر من صعيد"، حسبما يشير شتيرن.

ولا يتوقع شتيرن "إجراء انتخابات مبكرة"، إلا في حال "رغبة نتانياهو القيام بذلك"، واعتقاده بأن "لديه الأغلبية في الانتخابات القادمة".

ومن جانبه، يوضح المحلل السياسي الإسرائيلي، شلومو غانور، أنه في حال "طرح المشروع وسقط بعملية التصويت"، فلا يمكن إعادة طرحه من جديد إلا بعد مرور 6 أشهر وبالتالي فالأمر بمثابة "ضربة حظ".

ويمكن أن يحظى التصويت بـ"أكثرية"، ولكن في ضوء وجود الائتلاف الحكومي "الصلب" ووجود "أغلبية ساحقة" في الكنيست لصالح نتانياهو، فهذا الأمر "غير مرجح"، وفق حديثه لموقع "الحرة".

وبالتالي فإن فرص نجاح الاقتراح "ضعيفة جدا جدا"، حسبما يؤكد غانور.

الانسحاب من "مجلس الحرب"؟

هدد غانتس بالاستقالة من حكومة الحرب في حال لم يوافق نتانياهو على خطة ما بعد الحرب على قطاع غزة.

وتضم حكومة الحرب في إسرائيل 5 أعضاء أبرزهم نتانياهو وغانتس وغادي آيزنكوت، ووزير الدفاع، يوآف غالانت.

ووافق غانتس، وهو خصم نتانياهو السياسي، ووزير الدفاع السابق على الانضمام إلى "حكومة الحرب" بعد هجوم السابع من أكتوبر.

ولذلك، يرى شتيرن أن "غانتس يتخذ آخر خطواته داخل الحكومة، وسوف يغادرها قريبا".

ويؤكد المحلل السياسي الإسرائيلي أنه "طالما هناك حرب من الصعب الذهاب للانتخابات ومعظم الجمهور ليس معني بذلك"، بينما المعارضة وأهل المخطوفين ليس لديهم ما يكفي من قوة لإقناع الحكومة بـ"الذهاب لانتخابات مبكرة".

ويتساءل شتيرن: "هل سنرى الجمهور يخرج للشارع؟.. هل سنرى المزيد من الاحتجاجات؟"، مضيفا "هذا قد يكون ممكنا".

احتجاجات ودعوات لانتخابات مبكرة.. هل تسقط حكومة نتانياهو؟
احتجاجات متصاعدة، ودعوات لتظاهرات حاشدة، ومطالب بإجراء انتخابات مبكرة، وسط خلافات "ائتلافية داخلية"، تحديات عدة في مواجهة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ما يثير التساؤلات حول مدي إمكانية "سقوط حكومته ورحيله عن الحكم".

ومن جانبه، يشير كوهين إلى أن "غانتس يريد تبرير خروجه من الائتلاف".

ولدى غانتس "طموحات شخصية، وهو خصم لنتانياهو، ويريد الترشح لمنصب رئيس الحكومة، ويجب عليه الانسحاب ليتمكن من خوض المعركة الانتخابية"، وفق كوهين.

ويؤكد "تراجع شعبية غانتس"، لأن لديه "طموحات شخصية وليس أكثر من ذلك"، على حد تعبيره.

أما غانور فيشير إلى أنه "إذا تم انسحاب غانتس من حكومة الحرب ولم يعدل عن موقفه"، فهذا سيقود لتمركز الصلاحيات بيد "نتانياهو بمفرده".

وقد يتم تشكيل مجلس حرب جديد بمشاركة وزيرا المالية، بتسلئيل سموتريتش، والأمن القومي، إيتمار بن غفير، وفق المحلل السياسي الإسرائيلي.

وبدون غانتس ستستمر هيمنة حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو إضافة إلى حلفائه من اليمين المتطرف على أغلبية المقاعد بالكنيست.

وهذا يعني أن تذهب الأمور من "السيئ إلى الأسوأ"، على حد تعبير غانور.

ما التأثير على "حرب غزة"؟

أدت 8 أشهر من الحرب إلى دمار هائل بقطاع غزة، وشردت غالبية السكان الذين يقدر عددهم بنحو 2.4 مليون نسمة، وتسببت بكارثة إنسانية كبرى.

وبصفته عضوا في مجلس الحرب ساعد غانتس في إدارة الهجوم الإسرائيلي على غزة قبل ظهور التوتر مع مضي العملية العسكرية.

ويؤكد غانور أن انسحاب غانتس "لن يؤثر على سير الحرب في غزة"، لأن "الخطط العملياتية موجودة بالفعل".

لكن ربما قد يزيد "الضغوط على إسرائيل في التقدم بما يتعلق بمناقشة موضوع (ماذا بعد انتهاء الحرب)؟"، حسبما يوضح غانور.

ويشدد على أن "حل مجلس الحرب أو فقدان جنرالين اثنين هما غانتس وآيزنكوت"، سيعود بـ"أثر سلبي من حيث إدارة الحرب من جهة عملياتية وفكرية"، نظرا لامتلاكهما "الكثير من الخبرة العسكرية".

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس، إثر هجوم الحركة "غير المسبوق" على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على حماس"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن سقوط أكثر من 36 ألف قتيل و80 ألف جريح، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.