صيدا سيتي

وفيق الهواري: "غريبة كيف بعدنا عم نعيش"

صيداويات (أخبار صيدا والجوار) - الإثنين 13 آذار 2023
X
الإرسال لصديق:
إسم المُرسِل:

بريد المُرسَل إليه:


reload

خلال الأسبوع الماضي شاركت في ورشة عمل حول تلوث الهواء بصفته القاتل الصامت الاول في لبنان بتنظيم من وزارة البيئة وعلى مدى يومين في بيروت. 

خلال ورشة العمل قدم عدد من الاختصاصيين مداخلات تتضمن معلومات صادمة تدفع الانسان الى القول بصمت: "نيالي بعدني عايش".

قال احد الاختصاصيين ان الانسان يحتاج الى ١،٥ كلغ من الغذاء، و٢ كلغ من الماء يوميا، لكنه يحتاج الى ١٢ كلغ من الهواء يوميا.

اي ان الانسان وكي يحافظ على صحته بحاجة الى هواء نظيف ونقي. لكن احدى الدراسات العلمية الدولية تشير الى وفاة نحو ٧ ملايين انسان سنويا بسبب تلوث الهواء الذي يقضي او يساهم بالقضاء على مرضى القلب، السرطان والأمراض التنفسية.

كما اشارت دراسة لمنظمة الصحة العالمية الى وفاة نحو ١٨٠٠ انسان في لبنان سنويا بسبب تلوث الهواء.

وأشارت احدى الاختصاصيات الى ان تلوث الهواء يحدث اثارا مباشرة وفي فترة قصيرة زمنيا.

وانه في عام ٢٠١٩ فان ٩٩ بالماية من المقيمين في لبنان كانوا يتنشقون هواء ملوثا.

ولكن ما الأسباب الرئيسة لتلوث الهواء؟

اجمع المشاركين/ات من ذوي الاختصاصات المختلفة، ان الأسباب الرئيسة لتلوث الهواء هي:

اولا: حرق النفايات والمكبات العشوائية

في غياب سلطات مسؤولة جديا عن معالجة النفايات ومبادرة قوى اجتماعية او سلطات محلية الى انشاء مكبات عشوائية ما يؤدي، بما تفرزه الى  تلوث الهواء، وهذه المكبات تحيط بالأماكن السكنية، كما اقدام عدد من البلديات على حرق النفايات مما يزيد من انتشار الهواء الملوث ايضا. 
هنا تبرز مسؤولية السلطات المركزية والسلطات المحلية عن تلوث الهواء والاضرار بصحة المواطنين.

ثانيا: الاليات والسيارات 

قال عدد من الاختصاصيين ان غياب شبكة للنقل العام أو المشترك يشكل سببا رئيسا لتلوث الهواء، اذ لا وجود لسكة الحديد ولا باصات للنقل العام، وأن عدد السيارات يصل إلى نحو مليوني سيارة، وأن نحو مليون ومائتين الف سيارة لا تخضع للمعاينة الدورية، وأن هناك ٣٣ الف رخصة لسيارة وفان عمومي لكن يوجد في الشوارع ٦٠ الف سيارة وفان عمومي اي ان نصف السيارات لا تخضع للمعاينة وبالتالي فإن الوقود التي تستخدمها وهي مسبب اساسي للتلوث لا تخضع لمراقبة حول عملية استهلاكها.
هذا بالإضافة إلى نوعية الوقود من بنزين ومازوت ومدى تطابقها مع المعايير المطلوبة.
الى جانب ذلك غياب سياسة مرورية تحد من تلوث الهواء بسبب نوعية الوقود  والازدحام الذي تشهده الشوارع والطرقات، وخصوصا غياب نقل عام او مشترك، وبهذه المناسبة نسأل وزير الأشغال عن الباصات الفرنسية اين صارت، وهل يسمح لها اصحاب الزباءنية السياسية في العمل على خطوط تساهم بخفض كلفة تنقل المواطنين؟ 

ثالثا: المولدات الكهربائية

وهنا احدى المشكلات الاساسية، اذ بفشل السلطات المعنية بتأمين التيار الكهربائي تحولت المولدات الى المصدر الاساس للتيار ويحظى اصحابها بحماية سياسية وأمنية الى جانب مافيا المازوت، ومعظم المولدات تعمل بدون فلاتر  تمنع او تحد من تلوث الهواء. البلديات بصفتها السلطات المحلية لا تقوم بواجباتها بالرقابة البيئية وهي اصلا لا تستطيع الزام اصحاب المولدات بالتسعيرة الرسمية فكيف اذا تدخلت بالجانب المتعلق بالبيئة، من جهة اخرى فان عددا كبيرا من البلديات يدير مولدات وهي لا تلتزم بالشروط البيئية المحددة.

رابعا: غياب المخططات التوجيهية العامة

ان غياب اي مخطط توجيهي عام لاي منطقة يسمح بعدم ايجاد مساحات خضراء تساهم في خفض نسبة تلوث الهواء، واذا وجد مخطط ما فان طبيعة الادارة والعلاقات السياسية في لبنان تسمح بتجاوزها بسبب الفساد السائد في لبنان، وهذه بشكل اساسي مسؤولية السلطات المركزية والمحلية، ولها علاقة بانتاج علاقات سياسية متجددة لصالح نظام اللادولة.

خامسا: تلوث الهواء في داخل المنازل والمؤسسات

وهذا ناتج عن غياب المعرفة حول مضار التدخين وسوء التدفئة وكيفية تغيير الهواء داخل الابنية. وهذا يتطلب حملات توعية تطال الجمهور العريض من الناس.

وماذا نتج عن كل هذه الاسباب؟؟ زادت نسبة الاصابات بالذبحات الصدرية، وارتفاع عدد المصابين بأمراض سرطانية، في الوقت الذي يشهد فيه لبنان غياب اي سياسة رعاية صحية وغياب اي تأمين صحي وانهيار النظام الطبي وانقطاع انواع عديدة من الأدوية، في بلد يشهد اسوء انواع الحوكمة في العالم، حيث يسود منطق استفادة اقوياء الطوائف من النظام خلال صعوده وخلال انهياره. كما لا يغيب عن البال تحول الوزارات الى إمارات يحكمها اطراف سلطوية او الى جمعيات شبه أهلية. اما البلديات وهي المؤسسات الاكثر التصاقا بالناس فهي أعجز عن القيام بالمهام الموكلة اليها بسبب ارتباطاتها السياسية.

في ورشة العمل المميزة هذه لفتني ان احدى المشاركات وهي طالبة جامعية كانت الوحيدة التي طلبت تحويل المعلومات العلمية المقدمة الى مادة يسهل التوعية عليها في وسائل التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام المختلفة، في حين لم يتقدم احد باقتراح صياغة حملات مدافعة تطال مواضيع أشارت اليها المداخلات القيمة، وهي حملات يمكن ان تواجه صعوبات بسبب الثقافة السائدة، وغياب الثقة بالحكم وبالسلطة، وعدم قيام المعنيين بتنفيذ قوانين موجودة لكن السلطات تتمنع عن تنفيذها. وهذه الصعوبات جرى طرحها خلال النقاشات التي حصلت في الورشة.

كما أنه جرى الحديث من قبل أكثر من اختصاصي بتلوث الهواء ان الخطط والاستراتيجيات موجودة ولكن مقفل عليها في الإدراج. 

كانت ورشة عمل مهمة جدا بالمعلومات التي قدمت، ولكن الأهم فيها كيف نحول هذه المعلومات الى صياغة حملات مدافعة عن حقوق الانسان بالعيش والتنفس هواء نظيف.

بعد كل ذلك نسأل انفسنا: غريبة كيف بعدنا عم نعيش!

بقلم وفيق الهواري


 
design رئيس التحرير: إبراهيم الخطيب 9613988416
تطوير و برمجة:: شركة التكنولوجيا المفتوحة
مشاهدات الزوار 980992477
لموقع لا يتبنى بالضرورة وجهات النظر الواردة فيه. من حق الزائر الكريم أن ينقل عن موقعنا ما يريد معزواً إليه. موقع صيداويات © 2024 جميع الحقوق محفوظة