صيدا سيتي

صيارفة الطرقات .. ظاهرة تتفشى مثل الفطر في صيدا .. من يضمن العملة؟

صيداويات (أخبار صيدا والجوار) - السبت 10 كانون أول 2022
X
الإرسال لصديق:
إسم المُرسِل:

بريد المُرسَل إليه:


reload

... وها نحن قد غرقنا في الزمن الغريب العجيب الذي أصبحنا فيه جميعنا صيارفة نلهث وراء ««صيرفة»» ويلهث الصيارفة المتجولون وراءنا، في حين أن من بيدهم الربط والنهي يغرقون في سباتٍ عميق سحيق بعيد عن مصالحنا ويلوذون وراء مصالحهم البحتة. في المختصر المفيد أهلاً وسهلاً بكم في بلد لم يبقَ فيه من ودائعنا إلا ما تخزّنه ذاكراتنا من مشاهد يشيب لها شعر الرأس.
كل شيء يتغيّر... ونحو الأسوأ... هل علينا أن نسأل عن قانون الصيرفة؟ من الغباء ربما فعل ذلك في بلد تشبه فيه القوانين نسيج العنكبوت تقع فيه الطيور الصغيرة وتعصف به الطيور الكبيرة. في كل حال، نكتفي بما جاء في المادة الأولى من قانون تنظيم مهنة الصرافة في لبنان: يحظر على غير المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الوساطة المالية المسجلة لدى مصرف لبنان إمتهان أعمال الصرافة إلا بعد الحصول على ترخيص مسبق من مصرف لبنان. هي مادة سقطت عن «بكرة أبيها».
فلنترك نقابة الصيارفة في لبنان نائمة. ولنسأل الصيارفة في المناطق، لا سيما في طرابلس التلّ وفي صيدا، عن كل الصيارفة المتجولين الذين نبت على الألسنة شعر وهم يتكلمون عنهم. من بيروت وصولاً الى الزهراني كل مترين يوجد صرّاف متجول. في صيدا يتذكرون حين نسألهم ذاك الطفل، إبن السابعة عشرة، شحاده رجب، الذي كان يعمل صرافاً متجولاً لمصلحة شخص نافذ. خطف وقتل وسرق. كان واقفاً وبيده الملايين وانتهى جثة متحللة. وين الدولة؟ سؤالٌ أصبح سخيفاً.
فلنسمع شيخ الصرافين الشرعيين في صيدا وهو يتكلم عن الظاهرة- الآفة: «شباب الزواريب والأزقة والعاطلون عن العمل اصبحوا في عاصمة الجنوب صيارفة، وكلما تمرّس أحدهم أكثر في المهنة فتح على حسابه واستقدم بدوره شباناً يوزعهم تحت الجسور وعند المفارق وعلى الأوتوسترادات. ويستطرد بالقول: ضروب الإحتيال كثيرة. كل رزمة يفترض أن تكون عشرة ملايين ليرة، لكن ما يحصل أن هؤلاء يعطون تسعة ملايين ويلوذون بالفرار على دراجة نارية. وهناك صيارفة متجولون ليسوا زعراناً لكنهم يقبضون عملة مزورة ويوزعونها غير مدركين ذلك. وهناك شبان يقفون عند الشوارع المكتظة أمام محال الصيارفة ويستبدلون العملة لمواطنين يبقون في مركباتهم مقابل ثلاثين ألف ليرة. وهناك صيارفة متجولون بات لهم زبائنهم يقصدونهم يومياً بدل الدخول الى محال الصيرفة. وهناك متاجر قررت هي أيضاً أن تتقاسم الربح من خلال «توظيف» صيارفة متجولين».
تعددت الأسباب والنتائج، في ظاهرة غريبة، تتفشى مثل الفطر. والأسوأ، أن هؤلاء الصيارفة غير الشرعيين يبقون على الطرقات حتى منتصف الليالي، في أوقات بات يخاف فيها المواطنون، في العتمة الدامسة، من التجول خوفاً من سرقة أو اعتداء. فكيف لهؤلاء التأكد من أن العملة صحيحة أو مزورة؟ سؤالٌ لا يجد له الصيارفة الحقيقيون جواباً. ويقول أحد هؤلاء: «يفترض أن يأخذ كل صيرفي هوية الشخص الذي ينوي استبدال عملة بأخرى. هذا شرطٌ في نظام الصيرفة. فإذا طلبنا تذكرة الهوية يضحك علينا الناس ونخسرهم. أحد الرجال المسنين قال لي حين طلبت ما يُعرّف عنه: تجاوزتُ سن السبعين ولم أحمل يوماً تذكرة. وخرج الى الشارع ليصرف عملته». يبدو أن الناس يستسهلون هم أيضا تجاوز القانون. ويا حسرة من يحاول أن يتمسك به في اللادولة.
يحتاج الشارع الى تنظيف. هناك «غروبات» وباعة متجولون يعملون لحساب «جماعات أمّ» تنسق، بحسب الصيرفي، مع شركة OMT وتنتهي المغانم في البنك المركزي. وإذا كان ربّ البيت بالدفِ ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص.
ظاهرة
سأل صيارفة صيدا الشرعيون أحد عناصر القوى الأمنية عن سبب عدم إنهاء ظاهرة الصيرفة غير الشرعية فأجابهم: لا أوامر بذلك. كان الصيارفة المتجولون على الحدود، في المصنع، فأصبحوا في كل لبنان. أصبحوا ميليشيا لكن منظمة. نراهم يقفون بلا مشاحنات. لكلٍ دوره. في منطقة الشويفات نجدهم في الليالي ينفثون النرجيلة على الطرقات. وفي الضاحية الجنوبية نراهم بالعشرات تحت جسر المطار. وكثير من هؤلاء يعملون لحساب شركة صيرفة كبرى أذعنت لواقع طغيان الحالة الجديدة وقررت أن تتماشى معها من خلال نشر شبانٍ على الطرقات. الإستثناء أصبح قاعدة.
صرف. صيارفة. صيرفة... كلمات ينام اللبنانيون ويقومون على صداها. كل اللبنانيين باتوا صيارفة. ومصرف لبنان، ومعه الدولة بأمها وأبيها، فرحون باللعبة التي منحوها إلينا. والبنوك تنال «كوميسيونات» حتى على لعبة صيرفة تحت رقم التعميم 161. بنك عودة يأخذ 15 دولاراً عمولة مقابل كل 300 دولار. سوسييته جنرال يأخذ 20 دولاراً مقابل 400 دولار. بنك بيبلوس يأبى أن يترك الفقراء يلعبون معه ومن يدخل في التعميم- الذي وُجد لمصلحة الشعب - عليه أن يكون لديه 16 ألف دولارعلى الأقل. أحد أسوأ المصارف هو. وبنك بيروت يحذو حذوه. مجرمون. والأسوأ ربما من كل ذلك أننا أصبحنا، بمعظمنا، أدوات نتماشى مع ألاعيبهم في محاولة يائسة للحدّ من خسائرنا، فنقف عند أبواب المصارف نستجدي، كما كل الآخرين، «صيرفة».
نعود الى سيتي مول. نعود لنسأل الشاب إدي عن سعر صرف الدولار الآن فيجيبنا بابتسامة: قدّ ما بدكم... يبدو أن إدي وزملاءه الجدد، غير الشرعيين، يتعلمون مع «الصرافة» حسن الإستقبال. وكيف لا وهم وجه لبنان الجديد.
المصدر | نوال نصر - نداء الوطن
الرابط | https://tinyurl.com/4ha386vn


 
design رئيس التحرير: إبراهيم الخطيب 9613988416
تطوير و برمجة:: شركة التكنولوجيا المفتوحة
مشاهدات الزوار 980995650
لموقع لا يتبنى بالضرورة وجهات النظر الواردة فيه. من حق الزائر الكريم أن ينقل عن موقعنا ما يريد معزواً إليه. موقع صيداويات © 2024 جميع الحقوق محفوظة