المرحلة المقبلة.. تصعيد كبير والرؤوس حامية
يبدو أن التطورات السياسية التي تلت الانتخابات النيابية توحي بمزيد من التصعيد السياسي على عكس كل التوقعات التي تحدّثت عن "هدنة" سياسية بُعيد الاستحقاق الانتخابي، خصوصاً ان انخفاض مستوى سقف الخطاب السياسي لا يدلّ بالضرورة على التهدئة بموازاة تبدّل توازنات القوى داخل مجلس النواب.
ولعلّ المشهد اللبناني المُقبل يمكن اختصاره بسلسلة أزمات سياسية ودستورية وميثاقية لن تبدأ بدورة برلمانية جديدة حيث انتخاب رئيس لمجلس النواب ونائبه، ولن تنتهي بانتخاب رئيس للجمهورية، إذ من المرجّح أن يقع لبنان مجدداً فريسة للتوترات التي قد تهدد بتعطيل البلاد وتصل الى ما يمكن تسميته بالانفراط الكامل لعقد النظام الدستوري اللبناني.
ثمة مزايدات سياسية تتجهّز قوى التغيير لإبرازها في المرحلة المقبلة، الامر الذي من شأنه أن يشعل جبهة الكباش الداخلي ويحرج عدداً كبيراً من النواب المعارضين، ولعلّ معركة رئاسة مجلس النواب هي اول درجة على سلّم المعارك التي تنوي هذه القوى خوضها بمنطق "المزايدة"، وذلك في حال قرر نواب الثورة عدم انتخاب الرئيس نبيه بري والذهاب لترشيح شخصيات غير شيعية فإن طرفين أساسيين سيتجاوبان مع هذا التوجه.
الطرف الاول هو نواب المعارضة؛ كحزب "الكتائب" ونعمة افرام وميشال ضاهر وميشال معوض وبولا يعقوبيان وغيرهم، اضافة الى كتلة "القوات اللبنانية"، وهاتان الكتلتان لن تكونا قادرتين على مجاراة التصعيد الكبير لقوى الثورة، لكنهما ستكونان مجبرتين امام الرأي العام لتبنّي الانقلاب "الثوري" بشكل او بآخر.
هذه المجاراة قد لا تحقق بالضرورة الاكثرية الحاسمة، سواء في ملف انتخاب رئيس مجلس النواب او في مسألة تسمية رئيس جديد للحكومة ما سيؤدي الى ما يمكن وصفه بالتعطيل الكامل، وبالتالي فإن مرّت الدورة البرلمانية "على خير" بفعل تكافل نواب الاحزاب التقليدية الى جانب الرئيس نبيه بري فإن الاستحقاقات الكبرى المقبلة لن تكون ابدا سهلة المنال.
هذه المواجهات قد تؤدي الى انفلات كامل في النظام العام وعجز الدولة اللبنانية عن ضبط الانهيار، ما سيجعل الحكومة الحالية تستمر بتصريف الاعمال من دون القدرة على القيام بخطوات اصلاحية وجذرية، حيث ان الكباش السياسي قد يتسبب بتعطيل مجلس النواب ومختلف تشريعاته، بالاضافة الى ذلك فمن المُتوقع ان تدخل التوترات الى المجلس النيابي من خلال الاشتباكات الكلامية التي ستقودها الرؤوس الحامية لتشكّل المعيار الاساسي للمشهد العام.
في المحصلة يبدو اننا مقبلون على موجة اضطرابات جدية وسيكون من المستحيل ايجاد حلول سحرية لها سوى عبر تدخلات دولية واقليمية او تسويات كبرى تطيح بالمشهد الحالي بشكل كامل، الامر الذي لا يلوح في الافق حتى اللحظة.
المصدر | إيناس كريمة - لبنان 24
الرابط | https://tinyurl.com/mry4hjtx