فقراء صيدا يئنّون من ويلات العاصفة والأزمات المعيشية .. أحدهم قاوم النش في منزله بالدلو والطنجرة والصحن
هدأت العاصفة الثلجية «هبة» بعدما لفظت صقيعها وأمطارها، وكشفت مجدداً عن عائلات مهمشة تعيش تحت خط الفقر المدقع، لم تعجز فقط عن تأمين لقمة عيشها ولا وسائل تدفئتها، بل تحولت منازلها المتواضعة بركاً للمياه والبرد جراء التصدع والنشّ، فاستعانت بالدلو حيناً والطناجر أحياناً للبقاء على قيد الحياة.
الصيداوي عبد السلام تمساح، واحد من الذين ذاقوا ويلات العاصفة الثلجية والازمات المعيشية معاً، ضاقت به الدنيا بما رحبت، فنال نصيبه من البطالة والجوع في لقمة العيش وما زال، ومن البرد والامطار حتى داخل منزله المستأجر فوق احد سطوح المباني قرب سينما «الريفولي» في وسط المدينة، ولكنه لم يستسلم وحاربها على طريقته الخاصة، فجمع الحطب وأشعله في تنكة داخل منزله ليوفر بعضاً من الدفء، وقاوم النش بأدوات المطبخ من الدلو حتى الطنجرة والصحن.
ويؤكد تمساح لـ»نداء الوطن» انه يفتقر الى كل وسائل العيش، من الغاز والكهرباء حتى لقمة الطعام، ولكن الاسوأ ان العاصفة لاحقته داخل منزله الضيق، السقف يرشح مياهاً بلا توقف، حتى على سريره المتهالك، ما أجبره على ارسال زوجته الى منزل والدها «حتى تمضي هذه الازمة الجديدة»، مضيفاً بحرقة «يكفي الازمة المعيشية التي حولتنا عاطلين عن العمل وفقراء معدومين، حتى جاءت «هبة» لتقضي على ما تبقّى منا، نريد العيش بكرامة وبمنزل أفضل من هذا الذي يشبه الكوخ».
تعاني عائلات كثيرة فقيرة من البرد ولكن بصمت لانها متعففة، بسبب العجز عن دفع ايجار المنازل، او بسبب غلاء وسائل التدفئة، ورغم المساعدات الظرفية على اختلافها تبقى بحاجة الى احتضان الدولة ورعايتها وتوفير ادنى الاحتياحات والخدمات، ويقول علي الجمل الذي يعاني من مرض الديسك الذي اعجزه عن العمل، «لقد حولتنا الازمة المعيشية متسولين، ننتظر البطاقة التمويلية ويا ريت تكفي وسط الغلاء الفاحش».
وهدوء العاصفة الطبيعية، لم ينسحب على المواطنين الذين واصلوا الشكوى من ارتفاع الاسعار رغم الهبوط في سعر صرف الدولار الاميركي في السوق السوداء، واذا انخفضت فبنسبة ضئيلة لا تحدث فرقاً كبيراً. ويقول الناشط في حراك صيدا محمد نجم «ان بعض المحلات التجارية المرموقة تبغي الربح الوفير على حساب أنين الفقراء، فاحدى السوبرماركت في المدينة لم تخفض اسعارها بعد رغم هبوط الدولار منذ ايام»، ملوحاً بالتحرك الاحتجاجي ضدها في حال بقي الوضع على حاله، داعياً وزارة الاقتصاد الى تفعيل الرقابة «لان الناس جاعت وتبحث عن اي شيء يوفر عليها المال لتعيش بكرامة».
غير ان الشكوى المزمنة تكمن في انقطاع المياه في احياء المدينة فور انفصال الشبكة الكهربائية لان المضخات تعمل على خط الخدمات، اما في بعض المناطق فارتباطاً بالتيار الكهربائي كما حال منطقة شرحبيل بن حسنة – بقسطا، حيث يعاني اكثر من 15 الف نسمة من انقطاع او شح المياه في عز الشتاء، وجال وفد من ابنائها على القوى السياسية، طالبين المساعدة بالحل، بعدما تبرعت جمعية التنمية للانسان والبيئة بتأمين مولد كهربائي للمضخة لمدة شهر، ريثما يتم ايجاد حل دائم عبر تأمين مؤسسة المياه مولداً كهربائياً خاصاً او وصل المضخة بخط الخدمات.
المصدر | محمد دهشة - نداء الوطن
الرابط | https://tinyurl.com/4u6t6cwn