منح الجنسية لأبناء اللبنانية المتزوجة من اجنبي... تجنيس ام مساواة في الحقوق؟
تثير قضية منع اللبنانيات المتزوجات من اجانب من نقل جنسيتهن إلى ابنائهن جدلاً واسعاً في اوساط المجتمع اللبناني بمختلف شرائحه، وهي تعد من اهم القضايا التي تتعلق بحقوق المرأة في لبنان. وفي هذا الاطار قدمت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة في لبنان مؤخراً مشروع قانون يسمح للأم اللبنانية بنقل جنسيتها لأولادها. وقد اثار هذا المشروع ردود فعل متباينة. ففي حين اعتبر البعض انه يحترم قانون المساواة بين المرأة والرجل، اعترضت عليه شريحة اخرى من المجتمع اللبناني، واعتبرت انه مرتبط بغايات اخرى وهي التجنيس والتوطين، والاخلال بالتوازن الطائفي
بين الجنسية والتجنيس
في هذا الاطار دعت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة في لبنان كلودين عون روكز الى ضرورة التفريق بين حق المرأة الطبيعي في نقل جنسيتها لأولادها انطلاقاً من مبدأ المساواة الذي ينص عليه الدستور اللبناني، وبين التوطين والتجنيس.
و لفتت في حديث لـ "لبنان 24" الى ان مفهوم منع التوطين الوارد في الدستور ينطبق على جماعات وليس على أفراد، ويعني جعل جماعات معينة تستوطن بلدا معينا، وهو يختلف عن مفهوم منح دولة ما جنسيتها لفرد بناء على طلبه وحسب شروطها، حيث تمنح الجنسية اللبنانية من خلال مرسوم
واضافت:" يختلف الاعتراف بالحق الطبيعي لوالد او لوالدة في نقل جنسيته او جنسيتها إلى أولادهما كليا عن موضوع التجنيس.
وقالت ايضاً:" ان قانون الجنسية الساري اليوم هو من بين القوانين التي نعمل على تعديلها، لكنه اثار هذه الضجة ولاقى ردود فعل سلبية، بسبب مرسوم التجنيس الذي صدر في العام 1994 واخل بالتوازن الديموغرافي في مناطق معينة وتسبب في اثارة المخاوف والهواجس لدى البعض، مما انعكس سلبا على الاعتراف بحق المرأة اللبنانية بنقل جنسيتها إلى اولادها فحملوها نتائجه واستمروا في حرمانها من هذا الحق."
تبريرات غير مقتعة
عون اعتبرت في حديثها ان تبرير رفض حق اللبنانيات المتزوجات من غير لبنانيين بنقل جنسيتهن لأولادهن، بأن الاعتراف بهذا الحق سوف يتسبب بحصول اختلال في التوازن الطائفي في البلد ليس بتيرير مقنع، إذ ان الأرقام تدل على أن عدد اللبنانيين الذين يسجّلون زواجاً مع غير لبنانيات ومنهن النازحات السوريات، وينقلون بالتالي إليهن وإلى اولادهنّ جنسيتهم اللبنانية، يفوق بكثير عدد اللبنانيات المتأهلات من ازواج غير لبنانيين، خاصة ان القانون اللبناني يقبل بتعدد الزوجات".
ووفق عون فأن المشكلة الأهم التي تقف امام اقرار قانون يتيح للأم اللبنانية منح جنسيتها لأبنائها ليست وليدة اليوم بل هي تعود إلى عام 1925 تاريخ تأسيس دولة لبنان الكبير.ومنذ ذلك الوقت والنساء في لبنان ممنوع عليهن هذا الحق، وهذا يعود إلى الذهنية الذكورية التقليدية قبل ان يكون له علاقة بموضوع التوازن الطائفي والمشاكل السياسية في لبنان، حيث ان حرمان الأم والمرأة كمواطنة لبنانية من هذا الحق ينتقص من مواطنتها ويعمّق عدم المساواة بينها وبين المواطنين الذكور المتمتعين بمواطنتهم الكاملة.
رئيسة الهيئة الوطنين لشؤون المرأة طالبت في حديثها بإعادة النظر في قانون الجنسية المعمول به حاليا في لبنان وهو القرار رقم 15 الصادر في العام 1925. ودعت الدولة ان تأخذ التدابير اللازمة لمواجهة مشكلات التجنيس والنزوح والتوطين، دون ان يتم تحميل المرأة تداعيات هذه المشكلات ودون الاستمرار في الانتقاص من حقوقها الطبيعية
ad.
كلودين عون اضاءت في حديثها على بعض جوانب المشروع التي تقدمت به الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية الى مجلس الوزراء في عهد رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري، والذي مازال ينتظر ارساله إلى مجلس النواب، فقالت:"اتى هذا المشروع بعد مناقشات مستفيضة شارك فيها اعضاء الهيئة المنتمين إلى مختلف الطوائف وإلى مدارس ثقافية وفكرية متنوعة والى احزاب شتى، وذلك خلال سبعة أشهر.
وتناول فقط في مرحلته الاولى، حق نقل الجنسية إلى اولاد اللبنانية ولم يتناول نقل الزوجة اللبنانية جنسيتها إلى زوجها الأجنبي، بانتظار ايجاد حل لهذه المشكلة، وأردفت:"من مميزات هذا المشروع، انه أخذ بعين الإعتبار ما يتردد في المجتمع اللبناني من هواجس، وميّز بين موضوع اكتساب الشخص الراشد غير المولود من أمّ لبنانية، الجنسية اللبنانية، والتي تعتبر عملية تجنيس، وبين حق المولود او المولودة من ام لبنانية بهذه الجنسية والتي تعتبر حقا طبيعيا للأم في نقل جنسيتها إلى أولادها".
وأضافت : "من ينظر إلى هذا المشروع يدرك جيدا انه يرمي إلى تحقيق توازن بين تأمين حق المرأة اللبنانية في نقل جنسيتها إلى اولادها وبين الحفاظ على حق الدولة في وضع الشروط التي تراها مناسبة لاكتساب الجنسية اللبنانية من قبل اجانب غير مولودين من اب او أم لبنانية.
عون اعتبرت ايضاً ان ردود الفعل التي أثارها مشروع القانون الذي تقدمت به الهيئة، والذي اعتبره البعض أنه يميّز بين افراد الأسرة الواحدة هي ردود في غير مكانها الصحيح ، واوضحت قائلة :"الحقيقة هي أنه قانون يحترم مبدأ المساواة ويعطي للقاصرين الحق في نيل الجنسية اللبنانية مباشرة، ويعطي الراشدين ( الذين تجاوزوا سن ال 18 سنة) والذين لديهم شخصية قانونية مستقلة، الحق بالتقدم بأنفسهم بطلب الحصول على هذه الجنسية خلال فترة خمس سنوات إذا ما استوفوا بعض الشروط، مع حصولهم خلال هذه الفترة على بطاقة خضراء تمكّنهم من الإستفادة من الحقوق المدنية والاقتصادية، وبالتالي لا يميّز هذا المشروع بين الإخوة إنما يأخذ بعين الاعتبار المخاوف والهواجس المتعلقة بضرورة المحافظة على امن الدولة.
وقالت: "حقق هذا المشروع توازناً بين تأمين حق اللبنانية في نقل جنسيتها إلى اولادها وبين الحفاظ على حق الدولة في وضع الشروط التي تراها مناسبة لاكتساب الجنسية اللبنانية من قبل اجانب غير مولودين من أب أو أم لبنانية."
وأردفت: "من اسباب التدهورالاقتصادي والسياسي والاجتماعي للبلدان هي التمييز بين أفراد المجتمع نفسه، وتهميش بعض فئاته، كالمرأة أو ذوي الاحتياجات الخاصة أو مكتومي القيد، من هنا فإن تعديل كافة القوانين المجحفة بحق النساء ومختلف شرائح المجتمع أصبح حاجة ملحّة.
قانون ال 25
مصدر مطلع دعا في اتصال مع "لبنان 24" مجلس النواب اللبناني إلى تعديل قانون الجنسية الذي يعود إلى حقبة الانتداب الفرنسي والذي يسبب معاناة لا توصف منذ أكثر من 90 عاما بدون أي مبرر، وذلك لضمان حصول اطفال وازواج اللبنانيات على الحق بالجنسية أسوة بزوجات واطفال الرجال اللبنانيين.
المصدر| لبنان 24
الرابط| https://tinyurl.com/2p856cnt