خليل المتبولي: إنسانية لغتنا العربية ...
تعتبر اللغة العربية من أهم اللّغات عالميّا ، وهي بالترتيب الرابع بين لغات العالم ، وهي لغة من ضمن أقدم لغات العالم ، مما جعلها لغة سكان الوطن العربي بشكل عام ، وفي أغلبها اللغة الرسمية للدولة واللغة الأولى في التعليم ، وهي لغة أغلب السكان في الشرق الأوسط أيضاً ، كما أن هناك شعوبًا أخرى تتحدث اللغة العربية في غير البلدان العربية ، إن لم تكن بشكل رسمي.
تعدّ اللغة العربية السمة المشتركة الرئيسة بين العرب وهي إحدى اللغات السامية الناشئة في الجزيرة العربية، ومنها انتشرت إلى مجموعة متنوعة من الشعوب في معظم أنحاء غرب آسيا وشمال أفريقيا ، مما أدى إلى اندماجهم ثقافيًا ومذهبيًا كعرب ، كما يعد التعريب تحوّلاً ثقافيَّا لغويًّا، تزامن في كثير من الأحيان ، ولكن ليس دائمًا، مع انتشار الإسلام . ومع ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي ، ولأنها لغة القرآن ، أصبحت اللغة العربية اللغة المشتركة عبر الشرق الأوسط ، بعد انتشار الإسلام عن طريق الفتوحات الإسلامية والتواصل الثقافي . لم تنتشر الثقافة واللغة العربية بتوسع إلا مع العصر الذهبي للإسلام ، فقد انتشرتا أول مرة في غرب آسيا في القرن الثاني الميلادي ، بعد أن هاجرت القبائل العربية المسيحية مثل الغساسنة والمناذرة وبنو جذام من الجزيرة العربية شمالاً إلى بادية الشام والعراق وبلاد الشام.
فاللّغة العربية هي هوية الإنسان العربي ووسيلته في التعبير عن وجوده وموروثه الثقافي والإبداعي ، والديني التي بدونها لا وجود له ، فالإنسان العربي عاش قبل ألاف السنين له قِيَم سامية لم يماثله أحد فيها ، فهو الوحيد الذي سمّيت بلاده باسمه ، على عكس الشعوب والحضارات الأخرى . وما الحضارات العربية القديمة إلا مجموعات وكتل انفصلت عن جسم واحد ، وطوّرت وغيّرت كل منها ملامح حياتها ، ليصبح لها شخصيتها القومية المستقلة عن الأخرى.
فالإنسان العربي لا تتوقف حدود زمنه التاريخي عند العصر الجاهلي ، فما هذا العصر إلا شجرة تجذّرت في الأرض وبقيت لتحافظ على نوعها من الإنقراض والقِيَم ، التي تغنّى بها الجاهليون ، ودعمها الإسلام . كما أن الخارطة الجيولوإنسانية لا تتوقف عند الحدود الجغرافيّة التي سميت بها ، فكل مَن اشترك وتشابَه معه في قِيَمِه وأخلاقه التي كانت شبه منقرضة ، ثم جاء الإسلام وجددها فهو عربي.
اليوم ، على الإنسان العربي أن يعود إلى قِيَمه وأخلاقه لكي تمكّنه من رفع مستوى فاعليته في الحياة ومشاركته في بناء الحضارة الإنسانية المعاصرة ، وإعادتها إلى مسارها الصحيح ، مسار العدل والتسامح والإخاء والمحبة ، وأن يعمل على تعزيز وتقوية ونشر اللّغة العربية بالتخطيط والتنسيق لكي تكون وسيلة للإرتقاء بالثقافة والحضارة في أرجاء العالم قاطبة.
بقلم | خليل متبولي - صيدا