الشهاب والشرف! (فلسفة)!!
الشرف كلمة يهتف بها الناس.. كل الناس.. وأقوام مختلفة من الناس؟ إلاَّ أن أكثرهم عن حقيقة معناها غافلون؟
فئة ترى الشرف في تشيّيد الفيلّات والتعالي في البنيان وزخرفة الحوائط والجدران ووفرة الخدم وإقتناء المظاهر وركوب السيارات؟؟
وفئة أخرى تتوهم أن الشرف في لبس الفاخر من الثياب والتزيَّن بألوان الألبسة وأنواعها والتحلي بحلى الجواهر الثمينة مرصعة بالأحجار الكريمة كالماس والياقوت والزمرد ونحوها؟
وفئة تتخيل الشرف في الألقاب والرتب كالبيك والباشا والريِّس أو في الوسامات المعروفة بالنياشين وعلو أسمائها كالأول من الصنف الفلاني والثاني من الدرجة الفلانية؟.. حتى أنك ترى الرجل يسلب مال أخيه وينهب ثروة أقاربه وذويه أو بني ملَّته ومواطنيه ليشيد بما يصيب من السحت فيلّا ويرفع بناء ويزخرف بيتاً ويقيم له حُراساً من الشباب ومرافقين له ويظن بذلك أنه نال مجداً وفخاراً وصح لحاله أن يعنون بعنوان الشرف؟
وتجد الآخر يذهب في الكسب أشنع مما يذهب الأول ليكتسي برفيع الثياب ويتزين بأجمل الحلى و ليكون له من ذلك ما يفاخر به أمثاله ويتخيل أنه بلغ به درجة من الرفعة لا يداني فيها ويعبر عن حاله هذا بلفظ الشرف ويتوهم أنه وصل الحقيقة من معناه؟
ومنهم ثالث يسهر ليله ويقطع نهاره بالفكر في وسيلة ينال بها لقباً من تلك الألقاب وسواء عنده الوسائل يطلبها أيا كان نوعها و إن أفضت إلى خراب بلاده أو تذليل أمته؟ وتمزيق ملته وعنده أنه رقىَّ في الذروة من معنى الشرف؟..
نحن نرى هذه الأوهام قائمة مقام الحقايق في أذهان الناس ولكن لا نظنها طمست عين الحق فيهم حتى عموا إدراك خطائتهم وانحرافهم عن الصواب في وهمهم؟
ماذا يجد من نفسه المباهي؟؟ فذاته التي هي أعز لديه من جميع ما كسب لم تستفد شيئاً من الكمال؟
وماذا يشعر به المفاخر بحليه ولباسه إذا تجرد منه وخلى بنفسه إن لم يكن لذاته حلية من الفضيلة وزينة من الكمال؟ ألا تكون هذه الكرامة عارضاً سريع الزوال بل رسماً ظاهراً لا يمس بواطن القلوب.؟
نعم للشرف ولألقاب الشرف شأن يرتفع به النظر اذا سبق بعمل يعترف عموم العالم بشرف عمله فكان اللقب دليلاً عليه أو مشيراً اليه.. وإني لأظن إن الذين كانوا في الغرفات العالية ينظرون إلى جناتهم وحدائقهم ويشرفون على الناس من شرفات قصورهم وقصور حياتهم على التمتع بما نالوا لم يبق لهم ذكر ولم يكن لهم في حياتهم شأن إلاَّ ما هو محصور في دوائر بيوتهم؟..
فالشرف بهاء مشرق!! بعمل يأتيه طالبه يكون له أثر تاريخي حسن في أمته أو بني ملتَّه؟
خذوا مثلاً (قلم الشهاب) مداده يجري كماء البيان في فلسفته يهدي إليه ضالة الألباب وتائهة الأفئدة.. تعرفه المشاعر الحساسَّة ولا تنكره، وتكتنفه ذرات القلوب المتطايرة إليه ولا تنفصل عنه.. وقد بلغت مقالاته الآلاف و هو يجمعها - لكم – بمآل الشرف حفظاً للتاريخ و للأجيال القادمة.!
المصدر | بقلم المربي الأستاذ منح شهاب - صيدا